شيء واحد فقط من الأشياء التي تنبأت بها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بشأن العراق يبدو أنه سيتحقق بوضوح وهو أن الأمور في العراق تتدهور. فمع بدء العد التنازلي لنقل سلطات محدودة إلى حكومة عراقية مؤقتة تزداد الأمور سوءا في العراق. فالهجمات التي تستهدف العراقيين الذين يعملون مع سلطات الاحتلال الأمريكي تزداد من حيث العدد والجرأة التي تتم بها.
وبدون تحسن ملموس في الموقف الأمني، فمن غير المحتمل تحقيق أي تقدم مهم في نقل الحكم إلى العراقيين ناهيك عن إقامة حكم ديموقراطي هناك. وحتى الآن لم تؤد زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق ولا المحاولات العشوائية لتجنيد وتدريب قوات أمن عراقية جديدة إلى أي تحسن في الموقف الأمني.
ومن غير المحتمل أن يؤدي النقل الاحتفالي الظاهري للسلطة في العراق في الثلاثين من يونيو الحالي إلى تحسن فوري في الأوضاع الأمنية. فمع وجود ملايين العراقيين الساخطين على الاحتلال الأمريكي وممارساته المروعة كما حدث في سجن أبو غريب والمعاناة اليومية من الأنشطة الإجرامية وغياب متطلبات الحياة مثل المياه والتيار الكهربائي أغلب فترات اليوم والاقتصاد المنهار الذي مازال انتعاشه حلما بعيد المنال، مع وجود كل هذا لن يحتاج عدة آلاف من أفراد المقاومة العراقية المسلحة إلى جهد كبير لنشر جو من الفوضى والاضطراب في كل أنحاء العراق. وفي ظل هذه الحقائق تعتزم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إبقاء 138 ألف جندي أمريكي في العراق إلى أجل غير مسمى وهو ما يزيد بمقدار 25 ألف جندي عما كانت الوزارة تخطط له قبل شهور قليلة. ورغم أن زيادة عدد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق أمر غير مستحب بالنسبة للعراقيين فإن أمريكا قد تحتاج إلى زيادة هذه القوات إلى أكثر من ذلك. ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته سلطات الاحتلال ذاتها في العراق مؤخرا فإن عدد العراقيين الذين يريدون رحيل القوات الأمريكية عن بلادهم يتزايد. والحقيقة أنه على الأمريكيين الاستفادة من معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لمراجعة الطريق الذي أوصلنا إلى هذه النقطة.
وفي الوقت نفسه لا يمكننا تجنب الحقيقة الواضحة التي تقول إن العراقيين تحت حماية قوات أمريكية لا يريدونها والجنود العراقيون الذين يجب أن يتولوا هذه المهمة مازالوا عاجزين عن خوض المعركة، وبناء جيش عراقي وشرطة عراقية يمكن الاعتماد عليهما سيحتاج إلى وقت طويل .
(نيويورك تايمز) الامريكية |