هنا وعبر هذه الزاوية المتواضعة بجريدة (الجزيرة) يسرني أن أدلي بحبر قلمي روحاً وجسدا للكتابة عن طودٍ إنساني فريد، قد وسع بقدرة المولى العزيز حاجة السائلين وألم المكلومين وفاقة المعوزين ويأس من تقطعت بهم الأسباب من العالمين، كما رحب بشاشةً وسعداً بكل أفراح الوطن وأهله في كل محافل البهجة أنّى حلّ أو استقر.
إنه رجل ارتضى لنفسه الإحسان مقاماً واصطفى لمعشره الطيب خليلاً ورفيقا، قد دنت لشخصه سيرُ الحاضر بالخصال الحميدة، وبثراء الخلق القويم الذي هو نهج سلالة مجد ينحدر منها، شأن تلك السلالة في الفضل شأن عريق.
إنه رجل طوع له الله القلوب لترف بحبه، فبالأمس القريب ألمّ به عارض صحي. لم يمسّه ذلك العارض وحده بالضرر بل مسّ سائر تلك القلوب بالكلْم والكرب، فبعد أن رأوا ملاذهم بعد الله ينام عليلاً تحسسوا صبرهم وجلدهم أملا في الخلاص من وقع ذلك النبأ الذي خيمت ظلمته إثر غياب مسعف المحتاجين منهم ومطبب آلامهم بيد الله، ثم لم يهنوا أبداً في دعائهم وتضرعهم إلى البارئ القدير يسألونه ان يسكنَه العافية وأن يبدل وهنه الصحي بالسلامة الدائمة والصحة البالغة؛ فما استقر لأحد من قضاء حاجة أو شأن من شؤون الحياة مهما عظم إلا ونازعه تقديم الاطمئنان على سلامة عليلهم الغالي، ولذا لم يكن مستغرباً أن يتوالى الجميع على زيارة هذا الرجل المعطاء سواء من أهل مملكتنا العزيزة، أو من الوفود الأشقاء والأصدقاء، سواء قادة الدول أو مبعوثيهم، والذين قدموا من خارج المملكة لأداء واجب عيادته والوقوف بجواره للدعاء والاطمئنان عليه.
وبالنظر قليلا إلى مآثر هذا الرجل الكريم سنجد الخير مدراراً والمعروف سبيلاً يتقاطر فيه الناس بين يديه بعون الله، فعطاؤه يعم أرجاء الوطن، ومن قبيله تشييد المراكز الطبية المتخصصة، إما لعلاج أمراض القلب أو أمراض الكلى، إضافة للمنابر التعليمية ذات التخصصات المنشودة، فنجد الجامعة والكلية والمعهد، تلك الصروح التي تعمل على تأهيل الكوادر الوطنية، ما كان لها ذلك لولا توفيق الله الذي يسَّر لهذا الرجل الرؤى السديدة والوعي المجيب لكل ما هو فاعل لأبنائه وبناته المواطنين والمقيمين، كما نجد الكثير من المرافق المهمة التي تحمل اسمه تشرفاً وتقديراً لمساعيه المحمودة، وخاصة في مجال أمن الوطن والدفاع عنه، ولم يخلُ - رعاه الله - من العرفان له بالفضل، فقد ازدانت به أوسمة الاستحقاق والشرف وكذلك الجوائز الدولية التقديرية التي أوفت لشخصيته المثالية الرائدة في المجالات التي تقلد زمام قيادتها.
لقد لمسنا في الأيام الماضية أي قدر يكنه الشعب السعودي لهذا الرجل وأي منزلة رفيعة يسكنها لديهم، وأي مكانة يهبها له هذا الوطن الأبي، فقد اتضحت المشاعر الصادقة نحوه وتدفق له المكنون حسنا وطيبة، فلا ريب أن ذلك مرده تلك المآثر الخيرة وتلك الأعمال النبيلة التي كان لها الصدى الواسع في رقعة هذا الوطن الغالي، كما تعدت أعماله الحدود، إذ استطاع هذا الرجل بسلوكه الرفيع ان يجعل من الروابط الأخوية وأواصر المحبة سلوكاً في تعامله الخارجي، وقد عمد هذا الرجل في جميع مناشطه إلى روح السلام وتكريس مفاهيم الأمان والجوار الحسن بين الشعوب خدمة لقيمه ووطنه وحكومته وشعبه الوفي، وخدمة للشعوب العربية والإسلامية والصديقة.
إنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، هذا الرجل الصفوة الذي تتفتق له قرائح الشعراء وأذهان الكتاب فيفسحون من اللغة ما تجود به لبيان هباته الكثار، ولا أجدني أمامه إلا مردداً قول الشاعر:
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راحي
إن التأريخ الذي سطره المغفور له - بإذن الله تعالى - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، لا يمكن له إلا أن يُريَ الخليقة صفوة الرجال الذين يخلدون بعلو سلطانهم ورفعة قدرهم وسماحة خلقهم، وهذا مسعى من آمنوا بهدي الله بصيرة وأيقنوا بتقوى الله طريقاً مؤزراً، ومن أولئك الرجال الأمير الإنسان سلطان الخير والمحبة والسلام.
|