Saturday 26th June,200411594العددالسبت 8 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

حديث عن القيم حديث عن القيم
علي عبد الرحمن المسلّم

كثيراً ما نسمع كلمة القيم الغربية أو القيم الأمريكية، وهذا مسمى لا غبار عليه إذا كانت تلك القيم لا تخرج عن ديارهم ومجتمعهم لأنهم أحرار في بلادهم، وليس لنا أي حق في الاعتراض على مايزاولونه من عادات لا تتمشى مع قيمنا.
ولكنهم إذا ما أرادوا تصديرها للخارج وبطرق قسرية أو شبه قسرية فهي مرفوضة وليس لهم أي حق في فرضها على الآخرين.
ولكن دعنا نتكلم عن تلك القيم الغربية التي في رأيي تنقسم إلى أكثر من نوع فهناك -في الغالب- المعاملة الصادقة بدون لف ودوران أو محاولة الخداع والكذب وهذه في الغالب قيم مقبولة وموجودة لدى مواطني تلك الدول، وهذا في عمومه صحيح مع أنه توجد بعض الاستثناءات، وفي هذا المجال لابد من الإشارة إلى كلمة تنسب للإمام محمد عبده رحمه الله قالها بعد عودته من فرنسا عند سؤاله عن ما رآه هناك قال: وجدت مسلمين ولم أجد إسلاماً ورجعت إلى هنا ووجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين وهذا يدل على أنه وجد طيب المعاملة والصدق والأمانة التي يحث عليها الإسلام ولكنه لم يجد من يزاولون هذا الدين وهكذا عند عودته إلى بلده وجد الدين الإسلامي قائماً ولكنه وجد بعض التصرفات التي تخالف مبادئ هذا الدين. وهذا يدل على أنه توجد هناك عينات من المجتمعات الغربية لديها كثير من الصدق والأمانة وهو ما يحث عليه الدين الإسلامي، وهذا النوع من القيم ليس معداً للتصدير ولكن القيم التي يريدون فرضها علينا وقد وضعوا لها عناوين بارزة، فهم يتكلمون عن الديموقراطية وحقوق الإنسان وهذا شيء طيب ولكن هل زاولوا تلك المبادئ في تعاملهم مع المسلمين في بلادهم؟، أَوَليست سجونهم مليئة بالشباب والشيب من العرب والمسلمين بحجج واهية بعضها بسبب وشاية من جار وبعضها بسبب ما يسمى مخالفة قوانين الإقامة والهجرة وبعضها ربما بسبب مخالفة مرورية وبعضها لأنه يعرف فلاناً أو أن اسمه قريب من اسم فلان وهكذا؟!.
ثم هل الشباب المسلم المسجون في جوانتينامو لديهم أي ذنب معين أم لمجرد أنهم قد بيعوا أو بيعت جوازاتهم من قبل من كانوا بالأمس القريب يعتبرونهم أشقاء يجب احترامهم وأن بعضهم الآخر قد ذهب إلى هناك من أجل الأعمال الخيرية ولكن فقط لمجرد أن القيم الغربية تعاديهم وتعادي دينهم فإن القبض عليهم يعتبر من واجبات قواتهم التي أتت باسم محاربة طالبان والقاعدة ورموزهما التي كانت منذ سنوات قريبة تدرب بواسطتهم لمحاربة الشيوعية ثم بقدرة قادر انقلبت إلى العدو رقم واحد، بمعنى أنهم استخدموها مرتين الأولى لمحاربة الشيوعية وعندما انتهت هذه الصلاحية اسخدموا اسمها لاحتلال بلاد المسلمين بحججهم الكثيرة وربما المتناقضة في بعض الأحيان.
إن القيم الغربية التي يريدون فرضها علينا وعلى غيرنا من غير الغربيين تتمثل في ترك عاداتنا ومبادئنا الدينية والتحول إلى ثقافتهم التي منها التساهل في ذلك وربما العدول عنه ومن القيم التي يريدون منا مزاولتها ما وضعوه من قيم جديدة في أفغانستان التي كانت إلى ما قبل ثلاث سنوات تحرم ما هم فاعلون الآن وهو كثرة محلات الدعارة والمسكرات في العاصمة كابل وهذا ليس من عندي ولكنه ما أذاعه صراحة وبصورته مراسل إذاعة لندن هناك السيد كفاية الله نبي خيل في صباح يوم 14-4-1425هـ الموافق 2-6-2004م.
وقد قرأنا منذ سنوات طويلة أن كثيراً من المجندات في جيوشهم لسن من أجل القتال وإنما من أجل الترفيه عن المقاتلين.
ثم إن من مبادئهم وقيمهم أيضاً السماح بزواج المثليين لأنهم يعتبرون ذلك حرية شخصية.
أرى لدينا في العالم العربي -خصوصاً- هبة وتطبيلاً للثقافة الغربية وأنا لا أرى أن هناك أي ثقافة يمكن أن تقلد أو أن يستفاد منها إلا ما يخص ثقافة الأفراد بحيث يوجد لديهم بعض النوابغ الذين يمكن أن يستفاد من ثقافتهم كما يوجد هذا النوع لدى غيرهم، أما حكوماتهم فهي ليست ذات ثقافة ولا تعرف أي شيء إلا ثقافة المصالح الاقتصادية وثقافة القفز على كراسي الحكم، ويكفي للتدليل على ذلك المبالغ الطائلة التي يجري التبرع بها من أجل إنجاح المرشحين للانتخابات. وأعتقد أنهم بدلاً من ذلك ينبغي أن يرسلوا مندوبيهم لتعلم الديموقراطية الحقيقة من الانتخابات الهندية والتي ليست فيها لا تبرعات ولا من يحزنون.
أعود مرة أخرى إلى القيم الغربية والأمريكية منها بصفة خاصة، حيث قرأنا منذ عدة أيام أنهم يضغطون على الحكومة الصينية من أجل عرض أفلام هوليوود بكافة أنواعها بما في ذلك أفلام العنف التي رفضتها الحكومة الصينية، وقد أزبدوا وأرعدوا من أجل تحقيق هذه الغاية والمقصود من ذلك اختراق الخصوصية الصينية ودمجها في قيمهم.
وهي حتماً لن تقبل ذلك بهذه السهولة فالشعب الصيني يصعب تغيير قيمه التي عاش عليها آلاف السنين وهي ليست ذات صلة بالثقافة الغربية وإن كانت شريحة الشباب هي المقصودة ولكن العائلة لاتزال مرتبطة ولذا فإنه من الصعب انجراف تلك الشريحة بسهولة.مثال مهم في ديموقراطية الولايات المتحدة وهو منع فيلم مايكل مور (11-9 فهرنهايت) من العرض لديها حتى أنه يجري عرضه لدى الجيران ولكن ليس في دور السينما الأمريكية لمجرد أنه ينتقد الإدارة الحالية وإنني أستغرب كيف سمح لكتابه (رجال بيض أغبياء) الذي يصب في نفس الاتجاه بأن ينشر هناك (ربما يكون الرقيب نائما في ذلك الوقت أو أن شريحة القراء المحدودة والتي هي في الغالب مثقفة وتعرف ربما أكثر مما يحويه الكتاب تختلف عن شريحة مشاهدي الأفلام وهي الشباب ومن في حكمهم والذين ليس لديهم وقت للقراءة) وفي هذا السياق فإنني أذكر أنني سبق وأن قرأت قول البروفيسور نعوم تشومسكي (وهو يهودي أمريكي غير صهيوني وأستاذ اللغويات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا) أنه لايستطيع نشر بعض أفكاره في الصحافة الأمريكية وأنه قد يضطر إلى نشر تلك الأفكار في صحافة البلاد الأخرى.
المقصود من هذه المقالة هو أن القيم الغربية التي أتونا من أجل تطبيقها لدينا غير مقبولة وإذا كانوا يستوعبونها فلهم الحق في إعادتها إلى مصدرها وتطبيقها بالطريقة التي تحلو لهم أما نحن فإننا نرفضها ولا نريد تلويث عقولنا بها وبما تحتويه من أمور لا تتمشى مع تقاليدنا.وأرجو ألا تُغضب هذه المقالة (أعضاء الحزب الأمريكي) أَفَليسوا ينادون بالديموقراطية وحرية الرأي؟ وأعتقد أنهم إذا كانوا يؤمنون بفحوى هذه الكلمة فعليهم أن يطبقوها على الأقوال التي تخالف الآراء الأمريكية والغربية ثم إن عليهم أيضا قراءة آراء المحامي الأمريكي مايكل تيجار المنشورة في صحيفة الجزيرة يوم 2-5-1425هـ ص 19 والتي يشير فيها إلى تخويف الصحفيين والمحامين والقضاة الذين لا تتفق آراؤهم مع ما يريده المسؤولون الحاليون هناك.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved