كنت في مقال سابق.. نشر على صفحات هذه الجريدة، قد تطرقت إلى الاستعباد الأحمر الذي تعاني منه الشعوب الواقعة تحت نير (الغول) الشيوعي.. وكيف أن هذا الاستعباد (يذل) القدرات البشرية، ويهدر كرامتها بشتى الوسائل والطرق.. واليوم أعود للحديث مرة ثانية استكمالاً لما تطرقت إليه في مقالي السابق.
ولا شك أن الذي يذل الإنسان فكرياً ومعنوياً يبلغ بذلك أقصى درجات الانتقام والحقد. وهذا واقع الحال عند المجتمع الشيوعي الالحادي الحاكم.. فنهجه تحطيم معنويات الشعوب واستعباده فكرياً وجسمانياً وبشتى الطرق.. ففي الاتحاد السوفيتي حيث يضطهد يومياً مئات من الأدباء والمفكرين من رجال العلم والأدب.. الذين كفروا بأفكار (ماركس) و (لينين) فهو الدليل القاطع على تفاقم الأزمة بسبب الثقة المقطوعة بين ساسة الكرملين والشعب المغلوب على أمره. وهذا يؤكد للرأي العام العالمي نوعاً من الزعزعة في إدارة الحكم والسياسة لدى هذه الفئة المهيمنة بكل صلف وخشونة بين أروقة الكرملين.. ما معنى أن يحكم على الإنسان بالموت معنوياً بين عشية وضحاها لمجرد الرفض المعقول..؟
الذين يتتبعون أخبار الأديب الروسي (الكسندر سولجستنتين) يلمسون مدى ما عاناه هذا الرجل بسبب أفكاره المعاكسة لساسة الكرملين وزعماء الالحاد في موسكو.. لقد حجبوا عنه حتى جوائزه العالمية التي لم يتكرموا بها عليه.. ورغم مضي سنة كاملة على نيله جائزة (نوبل) للآداب.. إلا أنه لم يتسلمها حتى الآن إكراماً لخاطر هؤلاء الساسة.. بل إكراماً لخاطر الضغط والتضييق والجبروت المفروض عليه إكراهاً..
أما الصورة الثانية فهي منقولة من واقع الكادحين في بكين.. فالخطة الشيوعية التي تحتم إذلال البشر تؤكد على ضرورة استخدام (السياط) في المزارع الجماعية والمصانع بل (الكرباج الظالم) في أغلب الأحيان وأصغر الاحتمالات.. هكذا تكون الصورة.. امتهاناً لكرامة الإنسان في بلدان تتحذلق بحماية الكادحين وبالحريات.. في بلدان تتسلل الجماهير وتسمم أفكارهم وتسلبهم أديانهم وقيمهم الروحية والمعنوية.
فالشيوعية لم يقتصر دورها على إذلال الفرد فقط ولا على الدول التي تسير في فلكها وشعوبها.. بل تعداه إلى الحط من القيم الدينية والمقدسات.. وهي منذ أن قامت كحركة أوجدها (ماركس) وهي توجّه طعناتها وسمومها ضد الأديان خاصة (الإسلام) وبين فترة وأخرى تفتري على هذا الدين الخالد.. ومنذ فترة وجيزة صدر كتاب بعنوان (الاتحاد السوفيتي والإسلام) ألفه الملحد المتشبع بأفكار أستاذه (كارل ماركس) الدبلوماسي (فيكتور نيشانوف) سفير الاتحاد السوفيتي في سيلان وهذا الكتاب مليء بالأفكار الجهنمية والافتراءات والأباطيل الحاقدة ضد الإسلام وفيه تحقير وإهانات لديننا الحنيف.. تبرز صورة واقعية لمشاعر (زبانيته) تجاه مقدساتنا وقيمنا العليا..
أية عبودية أعظم من تلك العبودية المغلفة بالنعيم المزعوم.. انها والله أزمة إنسان هذا العصر المتفرغ لسماع هذه الأباطيل الفاضحة..
|