أن يأمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه فذلك مطلب كبير ننفق في سبيل تحقيقه الأموال الطائلة، ويسعى إليه الناس كل الناس، ومن أجل الحفاظ عليه سنت النظم، وقبل النظم جاءت التشريعات الإلهية وما قررته من عقوبات صارمة في حق من يعتدي على نفس أو مال أو عرض.. وكلنا نعرف حد القصاص للقاتل، وحدي الرجم والجلد للزاني وحد القذف للمستهين بالأعراض وحد القطع للسارق وغيرها من الحدود.
ونحن في المملكة العربية السعودية ننعم ولله الحمد والمنة بدرجة عالية جداً من الأمن على أنفسنا وأموالنا وأعراضنا، وذلك بتوفيق الله ثم بما يسر الله لهذه البلاد من ولاة أمر رفعوا راية الحق وحكموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكان ذلك منذ أن وحد أسد الجزيرة الملك عبد العزيز أجزاء بلادنا وألف بينها على نور من الله، وبتوجيهات العلماء الصالحين الذين كانوا يقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم.. وعلى ذلك النهج القويم جاء أبناؤه يقولون الحق ويحكمون به، ويعلنون أمام القاصي والداني أن هذه البلاد كانت وستستمر وتبقى محكمة لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكانت وستبقى حامية للأماكن المقدسة يفد إليها ملايين البشر لأداء شعائر الحج والعمرة وينعمون بكل ترحيب وتكريم وأمان.
لكل ذلك وغيره يحق لنا أن نرفع رؤوسنا عالية لأن الله شرفنا وأكرمنا في هذه البلاد بنعم حرم منها غيرنا، وحبانا بخيرات عجز عن الحصول عليها إخوة لنا في الشرق والغرب.
فبأي حق يأتي أقوام لا فقه لهم ولا بصيرة تدلهم.. ليزعزعوا أمن هذه البلاد وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؟!! وبأي منطق يسمى القتل والترويع جهاداً وإصلاحاً؟ وبأي عقل يمد فرد في هذه البلاد يده أو لسانه بظلم لفرد أو لجماعة؟! أهذا شكر النعمة؟ أيصدق عاقل أن الاعتداء على حرمات الناس بطولة ورجولة ووطنية؟!!
إن الابن إذا عصى والده سمي (عاقاً) فكيف إذا ضربه أو قتله، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، فماذا يقال لمن ولغ في أعراض المسلمين، وسرق أموالهم، وأكبر من ذلك من سفك الدماء البريئة لشيخ أو لطفل أو لامرأة؟ أي إسلام لمن روع المسلمين، وأي دين لمن أعاق سبل الخير بتصرفاته الهوجاء وأعماله الشاذة؟
لقد زين الشيطان لفئة من الناس حتى صار الباطل عندهم حقا، والحق باطلاً، والإفساد إصلاحاً، والإصلاح إفساداً!!
ولقد ساق عمى البصيرة وسوء المقصد والحقد على هذه البلاد وأهلها نفراً من الناس بأن وظفوا أنفسهم لتتبع السيئات، فتراهم يفرحون بالخطأ أو ما يظنون أنه خطأ ويلمعونه ويعلنونه، وقد عميت بصائرهم وأبصارهم عن آلاف الحسنات، وأنواع الخيرات التي ننعم بها في هذه البلاد الكريمة وينعم بها معنا كل زائر ومقيم فيها.
ولو وجد زلل أو خطأ فكيف السبيل إلى إصلاحه؟! ومن المخول بالإصلاح وكيف ومتى؟ أسئلة تحتاج إلى إجابات منصفة.
وقد حدد علماؤنا الأجلاء من السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان إجابات تلك الأسئلة وغيرها. وأجمع علماء الأمة على وجوب النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، كما أجمعوا على وجوب طاعة أولي الأمر في غير معصية الله، وعلى ضرورة المحافظة على وحدة المسلمين وتحريم الخروج وشق عصا الطاعة.
ولقد أصبح المسلم العاقل على بينة من دينه فلكل مصطلح شرعي معنى صحيح لا يخرج عنه فالإصلاح والجهاد والموالاة والمعاداة لها معان شرعية صحيحة حددها العلماء ولا يجوز لأحد أن يتجاوزها أو يأتي من عنده بمعان غيرها.
إننا في المملكة العربية السعودية كنا وسنظل - بإذن الله - متمسكين بشرع الله في كل شئون حياتنا مدافعين عن بلادنا بكل ما نملك، رافضين كل أمر يكدر صفو حياتنا أو يخالف ديننا أو يفرق كلمتنا، ولن يضيرنا ناعق في الشرق أو الغرب أو حاقد قريب أو بعيد.
نسأل الله بأسمائه الحسنى أن يحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يهدي ولاة أمرنا للحق، وأن يجزيهم خير الجزاء عن كل عمل صالح نفعوا به هذه البلاد وأهلها، كما نسأله تعالى أن يحفظ بلادنا من عبث العابثين وكيد الكائدين، وأن يرد كل عدوان أو كيد أو خبث يراد لبلادنا وأهلها في نحر أصحابه؛ إنه تعالى وليّ ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
|