منذ نصف قرن تقريباً من الزمن والعالم بأسره ينظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى تتوفر فيها كل المقومات التي تجعلها متحضرة في كل شيء، وإذا نظرنا إلى الإمكانيات التي تملكها فالجغرافيا والتاريخ والبيئة والاقتصاد والزراعة والتكنولوجيا والتعليم بجميع ميادينه وغزو الفضاء والصناعات بجميع أشكالها بالإضافة إلى ذلك العقول التي تملكها وتوظفها لخدمة مصالحها كالتنقيب عن البترول وخلافه وأعتقد ان أي دولة لو ملكت هذه المقومات التي أشرت إليها، ووظفتها لخدمة الإنسانية بعيداً عن المؤثرات الاستعمارية لسادت على العالم، ولقيت لها قبولاً من الحكومات والشعوب واختفت كل مظاهر العداء تجاهها، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش تناقضات مع نفسها لأنها لم توظف معطيات التحضُّر والتقدم إلى جانب سلوكي في تعاملها مع الأمم باستثناء الدول التي تتفق مع توجهاتها، فالصهيونية العالمية تجعل كل القيم والمواثيق والمعاهدات الدولية واحترام حقوق الإنسان تذهب أدراج الرياح، ومن الداعمين لهذه التصرفات الولايات المتحدة الأمريكية توقعاً منها ان هذا يخدم مصالحها، ولكنه عين الغباء وإلا كيف بدولة لا تتجاوز الأربعة ملايين نسمة.. بلد لا تتوافر فيه جوانب اقتصادية إذا قورنت بالدول العربية الأخرى مثل دول الخليج العربي وقبل هذا وذاك هذه الدولة (إسرائيل) قائمة على أرض مغتصبة ومارست الظلم والطغيان على الشعب الفلسطيني فمن هنا كيف تضحي بالمصالح المهمة التي تخدم الولايات المتحدة الأمريكية وهي مصالحها مع العالم العربي؟ فلهذا استمرت الولايات المتحدى الأمريكية في سياستها ومناصرتها لإسرائيل نتيجة للوبي الصهيوني الذي يتحكَّم بالقرار الأمريكي وأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 حيث تعالت الأصوات في وسائل الإعلام الأمريكية وطرحت السؤال الكبير التالي لماذا يكرهوننا؟ وقد تبارى الكتَّاب ورجال الإعلام وأغلبهم من الصهاينة واليهود في تعداد الأسباب التي تقف وراء كراهية العرب والمسلمين للغرب عموماً وللأمريكيين واليهود على وجه الخصوص، ومن أبرز هذه الأسباب التي تم تسويقها محاولة الربط بين الإرهاب والثقافة العربية والادعاء بان نُظم التعليم في الوطن العربي تشجع على الإرهاب والتعصب والتزمت والانغلاق وكراهية الآخر الذي حمل الولايات المتحدة الأمريكية إلى المطالبة بتغيير نظم التعليم والمناهج الدراسية في الوطن العربي في سابقة مستهجنة وخطيرة في العلاقات الدولية والتدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأشبه ما يكون بإعلان حرب عليها وتأكيد ذلك ما ورد في التقرير الذي صدر في أمريكا 1983 ويحمل عنوان (أمة معرضة للخطر) والذي قام بترجمته إلى العربية مكتب التربية العربي لدول الخليج وقد ورد فيه ما يلي: (لو أن دولة معادية حاولت أن تفرض على الولايات المتحدة الأمريكية نظاماً تربوياً قليل الجودة لاعتبر ذلك مدعاة للحرب) انه تناقض غريب.
|