عقد الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية بالتعاون مع الشبكة العربية لتعليم الكبار مؤتمر (تعليم الكبار والتمنية) في الفترة من 3- 5-4-1425هـ. وكان أهداف المؤتمر إبراز العلاقة بين التنمية والعمل التطوعي في تعليم الكبار، والاطلاع على التجارب والجهود الرائدة في مجال تعليم الكبار في الدول العربية، والإسهام في بلورة المفهوم الشامل لتعليم الكبار، وتعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية بتعليم الكبار.
وكان من بين الفئات المستهدفة لعقد المؤتمر المنظمات غير الحكومية المشاركة في الشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار، والخبراء من المراكز البحثية والتربوية، والعاملون في مجال تعليم الكبار، والخبراء من الجهات الإعلامية ذات العلاقة بتعليم البكار والتنمية.
وكان من بين الدراسات المقدمة لهذا المؤتمر دراسة مؤشرات التنمية وخطط تعليم البكار في الوطن العربي قدمها أ. د. إبراهيم محمد إبراهيم، وقد بدأت الدراسة الحديث عن التنمية بأنها منظومة مركبة من المفاهيم تختلف باختلاف المنطلقات الفكرية حيث لم يميز البعض بينها وبين مفهوم النمو والتحديث والتقدم والتغيير والتغريب وغيرها.
ومع تزايد الاهتمام بقضية التنمية في النصف الثاني من القرن الماضي تبلورت مفاهيم ونظريات جديدة منها نظرية مراحل النمو والنظرية الانتشارية وغيرها من هذه النظريات كانت غير كافية لتفسير ظاهرة التنمية بسبب انحيازها القيمي للنموذج الحضاري الغربي، كما أنها تجاهلت الخصوصيات الثقافية لمجتمعات العالم الثالث، بالإضافة إلى تجاهل تأثير العوامل الخارجية عليها.
وقد تعرضت نظريات التنمية والتحديث لانتقادات حادة من مفكري العالم الثالث، مما أدى إلى تبلور مدارس تنموية متعددة من أهمها مدرسة التبعية التي ولدت في الجزء الجنوبي من القارة الأمريكية حيث ربطت بين التخلف والتبعية وخلصت إلى نتائج مهمة ومفيدة لفهم عملية التنمية وعلاقتها بالاستقلال. وفي هذا الإطار طرح مفهوم التنمية المستقلة الذي يتحقق من خلاله الاعتماد على الذات على المستويين الفردي والجماعي وتقليص قيود التبعية. ومع ذلك لم تسلم مدرسة التبعية من الانتقادات وبخاصة أن أوضاع دول الجنوب قد اتجهت نحو مزيد من التدهور في عقد الثمانينات. وتذكر الدراسة أنه في السنوات الأخيرة من القرن العشرين بدأ البنك الدولي يروج لمفاهيم جديدة مثل التنمية البشرية والتنمية الشاملة. ومع بداية الألفية الثالثة طرح البنك في تقريره (الهجوم على الفقر) وكأنه اكتشف لأول مرة وجود فقراء في العالم بعد فترة طويلة ظن فيها أن المشكلة هي مجرد مشكلة تنمية.
وأشار التقرير بأن الفقر لا يشمل فقط انخفاض مستوى الدخل والاستهلاك ولكنه يشمل أيضاً انخفاض مستوى التعليم والصحة والتغذية والافتقار إلى المساهمة في السلطة وإلى حرية التعبير كما يتضمن شدة المخاطر والمخاوف التي يتعرض لها المرء في حياته ويشير إلى أن الأبعاد المختلفة للحرمان برزت بوضوح من دراسة قام بها البنك بعنوان (أصوات الفقراء) والتي أُجريت على أكثر من 60.000 رجل وامرأة ممن يعانون من الفقر في 60 دولة وخلصت الدراسة إلى أن مشكلة الفقر شائعة ومتعددة الأبعاد وأن من بين سكان العالم البالغ عددهم 6 بلايين نسمة ما زال 2.8 بليون شخص يعيشون على أقل من دولارين في اليوم وما زال ستة من بين مائة طفل يموتون قبل أن يبلغ عمرهم سنة واحدة وثمانية من كل مائة لا يبلغون سن الخامسة. ومن بين من يبلغون سن دخول المدارس يعجز (9) من الذكور و(14) من الإناث عن الالتحاق بالمدرسة. ويؤكد البنك في النهاية على أهمية مواجهة ظاهرة العنف التي تواجه شرائح من السكان أمام مختلف الأخطار التي يخلقها الفقر وعلى زيادة درجة مساهمتهم في عملية التنمية بما يضمن أن يكون النمو شاملاً أو مستوعباً للجميع.
وتحدثت الدراسة عن مفهوم التنمية المستقلة حيث يتفق قطاع عريض من المفكرين على أنها تتمثل في اعتماد المجتمع على نفسه وتطوير قدرات أفراده مع إعطاء أولوية لتعبئة الموارد المحلية وتصنيع المعدات الإنتاجية وبناء قاعدة علمية وتقنية محلية بكل مقتضياتها من نشر المعارف وتكوين المهارات وتأهيل الكوادر البشرية اللازمة لذلك. وبالتالي فإن مفهومها يتعدى الجانب الاقتصادي إلى شمولها الجوانب الاجتماعية والسياسية ايضاً، مع اهتمام خاص بالقرار المستقل المتعلق بكيفية استخدام الموارد المحلية وأسلوب التعامل مع العالم الخارجي بما يضمن تعظيم القدرات الذاتية للبلد بشكل منفرد أو ضمن تكامل إقليمي أو قومي وبما يؤمن استقلالية القرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بعيداً قدر الإمكان عن أي تأثيرات خارجية.
ورصدت الدراسة ركائز أساسية يستند إليها مفهوم التنمية منها الشمول وتعدد الأبعاد، فالتنمية لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وهذه الأبعاد متداخلة متشابكة يصعب الفصل فيما بينها. والديناميكية المستمرة فهي تراكمية متواصلة غايتها كسر حلقات التخلف والاتجاه نحو طريق التقدم والتخطيط، أي أنها تتم وفق استراتيجيات وخطط وبرامج واضحة ومحددة في أهدافها وأولوياتها وأساليبها ومن ثم فإن إدارة التنمية ومدى فاعليتها عنصر أساسي في تحقيق أهدافها وغاياتها. والإنسان فهو الغاية النهائية لعملية التنمية ويمثل أداتها الرئيسية فالقوى البشرية المؤهلة والمدربة والمنظمة هي التي تنهض بالدور الرئيسي لاستغلال الموارد بكل أشكالها وأطيافها من أجل تحقيق التنمية. والمعرفة التي تمثل القوة الدافعة لعجلة التنمية الإنسانية ومن ثم فهي أداة لإيجاد مجتمع المعرفة تساعد الأفراد على اكتسابها ونشرها وتوظيفها بفاعلية لتوسيع خياراتهم وتنمية قدراتهم.. وعلى رب العالمين الاتكال.
|