للسان آفات قاتلة وما ينطق به هذا اللسان مسجل لا محالة، قال تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه). وضبط هذا اللسان من علامات الإيمان،لقد صدق الرسول- صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) واللسان هو ترجمان القلب، لذا من الأهمية أن يحافظ على استقامته فباستقامته تستقيم قلوبنا ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) وهو قائد الأعضاء فباستقامته تستقيم وبانحرافه تنحرف؛ فقد روى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تخاطب اللسان تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا) كما أنه إذا لم يوجه الوجهة الصحيحة يكون سبباً لإفلاس فادح جداً فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) وقد يتساءل البعض اليوم.. هل إلى هذه الدرجة من الأهمية والخطورة يكون اللسان؟!!، نجد إجابة ذلك فيما روى الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما قال: قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ. وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟) ولا ريب أن ضبط المؤمن للسانه ومحافظته عليه وسيلة لضمان الجنة بإذن الله، وهذا وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يضمن لي ما بين لحييه (يعني لسانه) وما بين رجليه (يعني فرجه) أضمن له الجنة) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق) وفي الحديث الذي يرويه البيهقي: (إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها المجلس يهوي به أبعد ما بين السماء والأرض، وإن المرء ليزل عن لسانه أشد مما يزل عن قدميه) ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش) ويقول فيما روى الترمذي: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء) ويقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه البخاري: (وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم) ومن حذر سلفنا الصالح من اللسان وآفاته أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يأخذ بلسانه ويقول: (ويحك قل خيراً تغنم، واسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم)!!
لممارسة اللسان هوايته في الانطلاق دون قيود أو شروط لذة يزينها الشيطان ويزخرفها حتى يكون أحدنا إلا من رحم الله وهو في غمرة ذلك الغرور الذي يزينه الشيطان في غياب من أن يعي هذه النصوص الشرعية فتراه يسخر من هذا ويبهت ذاك ويلمز فلان ويضحك الناس على علان ويزدري ويتعالى ويسب ويلعن حتى يصير فاحشاً متفحشاً يتجنبه الناس مخافة فحشه وإتقاء شره وذلك هو أشر الناس لم لا؟!! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس إتقاء شره)!!.
|