* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبد الله الحصرى:
بعد أن فشلت في العام الماضى المبادرة التي طرحتها الحكومة المصرية لاسترداد أموال البنوك من المتعثرين والهاربين والتي بلغت جملتها 224 مليار جنيه، حصل كبار المقترضين على نصفها، بلا ضمانات أو بضمانات وهمية، بدأ رؤساء البنوك المصرية تنفيذ مبادرة جديدة لاسترداد أموال البنوك المصرية من المتعثرين بعمل زيارات للمدن الصناعية لمخاطبة رجال الأعمال المتعثرين لسداد مديونياتهم والتعرف على أسباب تعثرهم والتوصل لصيغة مناسبة تضمن حقوق البنوك، وذلك من خلال دراسة كل حالة على حدة ثم عمل التسويات اللازمة بما يضمن اموال البنوك و كذلك مساعدة المتعثرين لسداد ما علىهم بدلا من اللجوء لحبال القضاء الطويلة.وتشير الأرقام إلى أن البنوك المصرية أفرطت في منح القروض، وكان معظمها بضمانات غير كافية، وتضاربت الأرقام حول القروض المشكوك في تحصيلها من البنوك، وبسبب الركود المسيطر على الاقتصاد المصري وكذلك أزمة السيولة زادت نسبة تعثر رجال الأعمال المقترضين من البنوك، ووصلت هذه النسبة حسب البيانات الرسمية إلى 6% بمبلغ يصل إلى حوإلى 20 مليار جنيه، وبعد صدور أحكام ضد بعض المقترضين في قضية (نواب القروض) التي ضمت عدداً من رجال البرلمان المصري بدأت البنوك تعيد حساباتها، وقامت بزيادة مخصصاتها لتدعيم مراكزها بحوالى 27 مليار جنيه.
وقد أدت قضية نواب القروض وما تبعها من هروب بعض المقترضين إلى الخارج إلى ارتعاش أيدي موظفي البنوك وترددهم في منح قروض جديدة، واهتزت الثقة بين رجال الأعمال والبنوك، بعد هروب عدد ممن يطلق علىهم رجال أعمال، مما جعل البنوك تضع نحو 30 من رجال الأعمال تحت المجهر؛ لأنهم مدينون بمبالغ كبيرة للبنوك خوفًا من هروبهم إلى الخارج.
وقد بدأ البنك الأهلي المصري مبادرته في شهر إبريل الماضى بزيارة لمستثمري العاشر من رمضان، بعدها انضم إليه بنوك أخرى مثل بنك مصر وبنك الأسكندرية في الزيارة التي تمت لمدينة السادس من أكتوبر ، وكانت الخلاصة التي توصلت إليها البنوك هى عدم اتخاذ اجراءات قانونية ضد المتعثرين الا بعد استنفاد كل الوسائل الممكنة للتسوية.
وقد جاءت مبادرة البنك الأهلي التي يدلل على نجاحها حسين عبدالعزيز رئيس البنك الاهلي بإنجاز جزء كبير من التسويات مع المتعثرين حيث كانت للبنك ديون لدى مستثمري السادس من أكتوبر تبلغ 6 مليارات جنيه تمت تسوية 5 مليارات منها وجاري تسوية باقي المديونيات والتي تبلغ مليار جنيه لدى 96 مستثمرا ونفى حسين عبدالعزيز تراجع البنوك عن الإقراض في المرحلة الأخيرة نتيجة زيادة حالات التعثر، مؤكداً ان انخفاض الائتمان الممنوح للمشروعات يرجع إلى ظروف السوق وظروف منح الائتمان في المرحلة السابقة.
وأكد محمود عبداللطيف رئيس بنك الاسكندرية ان مشكلة المتعثرين في مصر أخذت أكثر مما تستحق ويجب انهاؤها فورا، مشيراً إلى ان ما حدث في الفترة السابقة من حالات تعثر كان بسبب الخلل في السوق ساهم فيها كل الاطراف البنوك ورجال الأعمال والسوق لأنهم عملوا جميعا بانفصال تام عن بعضهم البعض سواء في دراسات المشروعات أو تقديرات السوق أو منح الائتمان.
ويرى محمد بركات رئيس بنك مصر ان المبادرة ستحقق الغرض منها في تحقيق صالح الاقتصاد المصري وستؤدى إلى تجاوز مشكلة التعثر نهائيا.
من جانبها اقترحت جمعية مستثمري السادس من اكتوبر تشكيل لجنة تآخ لحل مشكلات المتعثرين ووقف تنفيذ الاحكام الصادرة ضدهم، مع تشكيل لجنة علىا يصدر بتشكيلها قرار من الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء تضم في عضويتها ممثلين من البنك المركزي وقيادات البنوك ورجال الأعمال والشركات التي تعثرت ونواب من محكمة النقض، مهمتها حل مشكلات المتعثرين، مع تخفيض معدل الفائدة الذي يحتسب مستقبلا على الأرصدة القائمة بما لايزيد على 2% من معدل الفوائد التي تدفع للمودعين و ان تكون هذه الفوائد بسيطة.
وحذر رجال الأعمال في المدن الجديدة من أن الإجراءات القانونية التي تتخذ ضد بعض المتعثرين الجأدىن في السداد ستؤدى إلى هروب رجل الأعمال أودخوله السجن وإغلاق المصنع وبالتالى يضيع حق البنك قبل حق المستثمر.
وأكد المركز المصري للدراسات الاقتصادية في دراسة له حول (التعثر) أن أهم أسباب تعثر الشركات في مصر وعدم قدرتها على سداد مديونياتها هو الإسراف في الاقتراض من البنوك بمبالغ لا تتناسب مع حقوق الملكية وعدم الموازنة بين الاقتراض قصير الأجل والتمويل طويل الأجل , والاقتراض بالعملات الأجنبية مع عدم القدرة على توفير إيرادات بتلك العملات , وضعف إداره المخاطر المالية والسيوله بما في ذلك تحليل التغيرات المتوقعه على حجم الطلب أو سعر الفائدة وسعر الصرف . وحول الديون المتعثرة كشفت الدراسة عن ارتفاع مديونية القطاع الخاص بالعملات الأجنبية وتركزها في قطاع التشييد والبناء , حيث بلغ متوسط نصيب القطاع الخاص من القروض الممنوحة من العملات الأجنبية نحو 83% خلال الفتره من عام 1996 إلى عام 2002 وأدى ارتفاع المديونية بالعملة الأجنبية إلى تفاقم مشكله التعثر لأن ايرادات غالبية الشركات من القطاع الخاص تتحقق بالعملة المحلية وليس الأجنبية , بينما انخفضت قيمة الجنيه المصري امام الدولار بنحو 80% خلال الفترة من عام 1996 إلى عام 2003 .
وحول تركز مديونية القطاع الخاص في القطاع العقاري أوضحت أن نسبة الفوائد غير المحصلة على قروض القطاع العقاري بلغت نحو 22% من جملة الفوائد غير المحصلة للجهاز المصرفي بأكمله ونحو 48% من الفوائد غير المحصلة من القطاع الخاص في عام 2000 في حين ان نسبه الفوائد غير المحصلة لمعظم القطاعات الأخرى لم تتعد 10%.
|