* بيروت - واس:
القى معالي وزير المالية الدكتور ابراهيم العساف كلمة امام المؤتمر العاشر للاستثمار واسواق رأس المال العربية المنعقد حاليا في بيروت تحدث فيها عن آفاق الاقتصاد السعودي وتطور عملية الاصلاح الاقتصادي ومناخ الاستثمار في المملكة. وأكد معاليه أن الإصلاح الاقتصادي جزء أساسي من عملية الإصلاح الشاملة وهو ضروري لضمان تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية وان هذا الإصلاح لم يكن وليد الظروف الحالية بل كان عملية مستمرة منذ أن أنشئت الدولة الحديثة.
وتحدث معالي وزير المالية عن تجربة المملكة في الإصلاح ووصفها بأنها غنية وزاخرة وافاد بان الاصلاح بالمملكة لم يكن حديث النشأة بل تزامن مع تأسيس الدولة الحديثة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي سعى لإنشاء دولة حديثة بالاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والاستعانة بالخبرات المتخصصة بانفتاح غير مسبوق على التجارب العالمية الناجحة مما مكن المملكة من بناء جهاز إداري واقتصادي حديث.
واشار إلى ان أبرز محطات التحديث والإصلاح الاقتصادي هو برنامج الإصلاح المالي والنقدي الذي طبق بشكل دقيق في اواخر الخمسينات الميلادية وحقق نجاحا كاملا في فترة وجيزة ثم تبعه في أوائل الستينات برنامج شامل للإصلاح الإداري بالاستعانة بالمؤسسات الدولية قام نتيجة له عدد من المؤسسات أبرزها معهد الإدارة العامة والهيئة المركزية للتخطيط تبع ذلك وضع الخطط الخمسية للتنمية بدءا من عام 1970م والتي اهتمت بالعمل على تنويع مصادر الدخل القومي والتنمية البشرية باعتبار الإنسان غاية وهدف التنمية. واكد معالي وزير المالية ان التنمية البشرية حظيت باهتمام كبير من قِبل الحكومة وكانت ولا تزال لها الأولوية في جهود التحديث والتطوير خاصة وأن تطوير القدرات البشرية يعد الشرط الضروري لإحداث تنمية مستدامة.
وقال معاليه ان الحكومة في المملكة عملت على تطوير وتحسين بيئة الاستثمار بتطوير الأنظمة والتأكيد على شفافيتها وتطبيقها واتباع سياسات اقتصادية حصيفة وتسهيل الإجراءات وضمان استقرار البيئة التنظيمية والقانونية من أجل حفز الاستثمارات المحلية والأجنبية وأولت اهمية بالغة لتطوير وتحديث القدرات البشرية باعتبارها من أهم محفزات الاستثمارات حيث تشكل التنمية البشرية محورا أساسيا في إستراتيجية التنمية في المملكة والذي انتج تغييرا جذريا في الاقتصاد وتحقيقا لتحسينات كبيرة ونوعية في الحياة.
وركز على ابرز ما تحقق من نتائج في هذه القطاعات ومنها زيادة نفقات تنمية الموارد البشرية من 20.6 بالمائة من إجمالي نفقات الخطة الخمسية الأولى 1970- 1974م إلى 56.7 بالمائة في الخطة الخمسية السابعة وتضاعف نسبة نفقات تنمية الخدمات الاجتماعية والصحية إلى حوالي الضعف لتبلغ 19.6 بالمائة وبذلك ارتفعت نسبة النفقات المرتبطة بالتنمية البشرية إلى حوالي 76.3 بالمائة في إجمالي الإنفاق العام.
وافاد معالي وزير المالية ان حصة التعليم ارتفعت مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من الضعف خلال الثلاثين سنة الماضية من 3.5 بالمائة عام 1970م إلى 9.5 بالمائة عام 2002م وهي نسبة تزيد كثيرا عن النسب المقابلة لها في كثير من دول العالم سواء المتقدم أو النامي فيما بلغ إجمالي النفقات الفعلية على قطاع التعليم 51.5 بالمائة من إجمالي الإنفاق على قطاعات التنمية.
مشيرا إلى ان الحكومة تولي أهمية كبيرة لرفع كفاءة التعليم وتحسين جودته وحفز القطاع الخاص للاستثمار في مجال التعليم لرفع نسبة ما تستوعبه مدارس القطاع الخاص البالغة حاليا 6 بالمائة من إجمالي الطلاب في المملكة.
واردف أن متوسط العمر المتوقع اصبح في نهاية عام 2000م 71 سنة مرتفعا من 53.9 سنة خلال الفترة 1970-1975م فيما انخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 185 لكل ألف مولود حي عام 1970 إلى 21.5 لكل ألف مولود حي عام 2000م وانخفض كذلك معدل وفيات الرضّع من 118 لكل ألف مولود حي إلى 19 لكل ألف مولود حي للفترة نفسها ووصل معدل التحصين للأطفال ضد الأمراض المعدية إلى ما يزيد عن 95 بالمائة.
ولفت إلى ارتفاع معدل القيد بمختلف مراحل التعليم من 984 ألف عام 1975م إلى أكثر من 5 ملايين عام 2002م بمعدل نمو سنوي بلغ 6.5 بالمائة في المتوسط فيما انخفض مؤشر عدم المساواة بين الجنسين في القيد بالتعليم من (2-1.2) تقريباً طالب - طالبة عام 1975م إلى 1-..-1 طالب - طالبة عام 2002م وبزيادة كبيرة في أعداد الملتحقات بالمرحلة الثانوية والجامعية حيث ارتفعت معدلات الملتحقات في المرحلة الثانوية من 4.9 بالمائة عام 1975م إلى 88.2 بالمائة عام 2000م وفي المرحلة الجامعية من 2.5 بالمائة إلى نحو 58 بالمائة لنفس الفترة متجاوزة معدلات القيد للذكور.
واشار معالي الدكتور ابراهيم العساف إلى ان هذه الجهود قد انعكست على تطور مؤشر التنمية البشرية في المملكة وبعد أن كانت المملكة تقع في الربع الثاني من ترتيب دول العالم على سلم التنمية البشرية عام 1981م محتلة المرتبة السابعة والستين بمؤشر تنمية بلغ 0.687 ارتقت المملكة إلى الربع الأول من هذا الترتيب عام 2001 م محتلة المرتبة الثالثة والأربعين بمؤشر تنمية بلغ 0.781 وفي المرتبة الثالثة على سلم التنمية البشرية عام 2001 م بين دول الشرق الأوسط بعد أن كانت تحتل المرتبة السادسة عام 1981م.
ولفت معاليه إلى وجود مشكلتين في هذا الموضوع، الاولى: هي الحاجة للعمل الجاد لإصدار الإحصائيات الأحدث سواء الخاصة بالتنمية البشرية أو غيرها من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثانية هي أن في المملكة العربية السعودية قد لا تحسن الحديث عن نفسها في الجوانب الإيجابية ولذا قد لا تصل المعلومة للمهتم بها.
وقال: لعل هذا هو السبب الذي دفع بتقرير التنمية البشرية العربية إلى الخروج بتحليل عن الدول العربية بما فيها المملكة وقد يفتقد للموضوعية إضافة إلى التعميم والاعتماد على معلومات قد لا تكون دقيقة داعيا معدي التقرير لأن يبذلوا جهدا أكبر في تمحيص المعلومات والإحصائيات واجتناب التعميم وعدم اللجوء إلى تصميم معايير ومؤشرات ينتج عنها الانحياز السلبي ضد ما أنجزته الدول العربية مع ذكر الأخطاء والفشل في البرامج والسياسات.
واكد ان عملية الإصلاح الشاملة التي تقوم بها المملكة تركز بشكل متوازن على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية موضحا ان من أولويات هذا الإصلاح ان يتولى القطاع الخاص دورا رائدا في النشاط الاقتصادي والتحسين المستمر في الإنتاجية والكفاءة. وبين أن أكثر (45) بالمائة من السكان السعوديين تقل أعمارهم حاليا عن 15 سنة لذلك تستمر الحكومة بإعطاء الأولوية لقطاع التعليم بالتركيز على زيادة كفاءته عددا ونوعا ورفع معايير التعليم العام والعالي مع توسيع نطاق قدرات مرافق التعليم الفني والتدريب المهني والاستمرار بتحسين كفاءتها الداخلية والخارجية وتوسيع نطاق فرص التعليم المستمر. والمواءمة بين مخرجات التعليم والاحتياجات من العمالة في القطاع الخاص.
وخلص معالي وزير المالية في ختام كلمته إلى ان الإصلاح في المملكة يهدف إلى بناء اقتصاد يعتمد على تكامل مبادرات القطاعين الحكومي والخاص بتركيز الحكومة على دور المشرف والمنظم لعمل الاقتصاد الامر الذي يمثل تحديا لنا، معربا عن ثقته من النجاح بالعزم والتصميم الذي تبديه الحكومة والتي أثبتت خلال التجارب السابقة قدرتها على ذلك.
|