Friday 25th June,200411593العددالجمعة 7 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

نوازع نوازع
الفكر الضال
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

كنت وما زلت متأكداً من أن عدد هذه الفئة الضالة محدود جداً، وأن قدراتهم ومجال مناوراتهم محدود غير أن فظاعة إجرامهم تجعل لفعلتهم جلجلة تفوق قدراتهم، ولهذا فزوالهم يبدو غير بعيد، على الرغم من أن هذا لا يمنع من انبعاثهم مرة أخرى، طالما أن هناك فكراً يهيئ الساحة لمثل هؤلاء.
لا أعتقد أن لذي لب فكراً يقوده لقتل طبيب جاء ليساهم في شفائه من سقم، أو مهندساً يساعد في إنشاء مرفق، أو صحفياً ينقل صورة رائعة عن المملكة، أو أي معاهد جاء للمساهمة في خدمة هذا البلد الكريم، غير أن الفكر التكفيري يقود إلى التطرف غير المحمود، وهذا بدوره يقود إلى الانتقال إلى الإجرام والهدم بدل البناء والتشييد.
إن عدد الفاعلين من هذه الفئة الضالة محدود جداً غير أن عدد المؤمنين بفكرهم قد يكون أكثر من الفاعلين عدداً، لكن الجميع لا يمثِّل سوى شريحة لا تذكر من المجتمع السعودي المشهور بطيبته وكرمه وتسامحه، وبعده عن مثل هذه الأمور.
الإسلام آمنا به، ومارسناه وما زلنا، ومارسه آباؤنا، ولم يقودهم ويقودنا إلا إلى الخير والمحبة، وجاء أناس من بني جلدتنا بفكر جديد، أساؤوا به لأنفسهم ودينهم وبلدهم، ولهذا كان لزاماً مقارعة الفاعلين، والحد من فكر المنحرفين، ومناقشة المجادلين الذين لا يحملون الفكر ذاته لكنهم يبحثون عن مسبباته.
طرح الموضوع ذاته في إحدى المناسبات، وكان الاتفاق من الجميع حول فداحة هذا المسلك وإجرام مرتكبيه وعدم تبرير أفعالهم بأي مسوغ كان. غير أن الحديث كان منصباً على مسبباته، ومن حسن الطالع أن تلك المناسبة قد جمعت فئات مختلفة ذات آراء متباينة وهناك من طرح أن الاختلافات الفقهية موجودة منذ القدم غير أن الثوابت لا يمكن التنازل عنها، وانتقل إلى الحديث عن الفئات والمجموعات التي تسود في هذا الزمان وخصَّ بعضها بأنها السبب في انتقال هذا الفكر إلى مجتمعنا ورأى أن هناك فرقاً ضالة تلقفت هذا الفكر وتبنته حتى أصبح مسلكاً لهم. ورد آخر بالمنافحة عن تلك الفئات لكونها لا تتبنى هذا الفكر التكفيري، غير أن المتطرفين في كل مجتمع وفئة قد خرجوا عن الطريق السوي ليقوموا بما يتناقض مع مبادئهم وأهداف مذهبهم.
وحسبي من كل ما دار من حديث أن ينصب على تقسيم المسلمين إلى فرق وفئات، فهذا التقسيم في ذاته قاعدة أساسية لنمو التطرف عندما يشتد الجدل البيزنطي غير المجدي الذي لا يحترم الرأي الآخر الداعي إلى الخير والمحبة بطريقة تختلف عن نظرائه.
أريد أن يقدِّم لي أي فرد على وجه البسيطة خصلة حميدة واحدة لم يتحدث عنها الإسلام ويحث عليها، وأخرى سيئة لم ينه عنها الإسلام أو يحرِّمها، لهذا فالإسلام يتفق مع ذاته ومع مجتمع الفضيلة الإنساني في جميع مبادئه وأوامره ونواهيه، والمسلمون بجميع آرائهم وأفكارهم يتفقون على ذلك، أما اختلافهم في بعض الأمور الاجتهادية فهذا لا يجعلهم يخرجون عن المعقول إلى غير المعقول، إلا إذا انتقلوا إلى الغلو الفكري ليتبنى البعض ذلك الفكر بإيحاء من أصحاب أهداف فيكونون أدوات تحترق في سبيل أولئك المغرضين.
إن هذه الفئة الضالة محدودة، والدليل على ذلك أن مَن قام بهذه الأعمال الإجرامية هم المجموعة ذاتها التي تنتقل من مكان إلى آخر ولم يبق سوى عدد محدود منهم من الممكن السيطرة عليهم في فترة وجيزة ولم يعد غير معالجة الفكر ذاته للحد وللقضاء عليه حتى لا يمتطيه أناس يعملون لأصحاب المصالح.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved