تعودت منظمة اليونسكو منذ ميلادها سنة 1946م، أن تركز نشاطها كل سنة على برنامج خاص. ففي سنة 1970م مثلا كانت قد ركزت نشاطها على الثقافة العالمية، وجعلت سنة 1971م (سنة مكافحة العنصرية). أما سنة 1972م فستكون السنة العالمية للكتاب. فلا أحد يجهل أن التعليم فرع أساسي من فروع نشاط هذه المنظمة الدولية. ومعروف أن عدد المعلمين في العالم قد تضاعف بنسبة مائة بالمائة منذ سنة 1946م وأصبح يجاوز اليوم 18 مليون معلم.
وقد أصبح التعليم صناعة ضخمة في الكثير من البلدان، حتى ان بعضها يفرد للتعليم ربع الموازنة القومية. وكان نشاط اليونسكو في البدء ضئيلاً جدا بالقياس إلى نشاطها الحالي، فكان جل اهتمامها في المرحلة الأولى اصلاح الاوضاع الناتجة عن خسائر الحرب العالمية ولذلك كان النشاط محدوداً في الزمان والمكان وكانت الموازنة ضئيلة جداً، في حين أن المشاريع الحالية تتناول بلاداً كاملة وان تنفيذها يدوم بضعة أعوام.
جهود خاصة
أصدرت منظمة اليونسكو في مؤتمرها العام سنة 1960م قراراً حاسماً حين جعلت الافضلية للتعليم بين جميع فروع نشاطها، واتبعت سياسة انما المراد منها تشجيع كل دولة على جعل العلم في متناول الجميع.وكان لابد من زيادة عدد المعلمين لبلوغ المراد ولا سيما في البلدان النامية. والحق أن تلك الجهود قد تكللت بنجاح لا شك فيه بدليل هذه الاحصاءات: ازداد عدد المعلمين بين سنة 1960م وسنة 1968م نسبة 7.1 بالمائة كل سنة، في أمريكا اللاتينية، وازداد بنسبة 6.3 بالمائة في أفريقيا. وفي تلك المدة نفسها ازداد عدد المعلمين في أوروبا بنسبة 3.8 بالمائة فقط والسبب في هذه النسبة الضئيلة في أوروبا واضح غني عن البيان فان البلدان النامية قد (انطلقت من الصفر) كما يقال، في حين أن جهاز التعليم أوروبا وأميركا الشمالية كان قد تأسس منذ زمان بعيد.
أما وسائل نشر العلم فهي المال بلا شك، ولكن أساليب استخدام المال متعددة متنوعة منها نشر التعليم بواسطة التلفزيون المدرسي. وكانت أنجح تجربة في هذا الميدان تجربة تعميم التعليم التلفزيوني في ساحل العاج. فان خبراء العالم كله مهتمون بما يجري الان في ساحل العاج، لانه قد اجتمع في هذه الدولة كل ما يمكن ان يعترض التعليم من مصاعب وعراقيل. فان سكانها البالغ عددهم أربعة ملايين، مبعثرون موزعون في الارياف، ويتكلمون ست لغات مختلفة، فضلاً عن أربعين لهجة محلية! ولم يكن يرتاد المدارس من اطفال ساحل العاج سوى 28 بالمائة منهم، كما أن أقل من ربعهم كانوا يواصلون الدراسة حتى الشهادة الابتدائية.وبعد التلفزيون المدرسي تريد المنظمة الدولية أن تشجع نشر الكتاب. فإن كان التعليم حقاً من حقوق كل إنسان، فإنما الكتاب خير ما يتجسم فيه هذا الحق في الميدان العملي فالكتاب وسيلة سهلة المنال، والكتاب خيرجليس وأقرب
مصدر لاقتباس المعارف. وقد أصابت منظمة اليونسكو عندما جعلت سنة 1972م سنة الكتاب في البلدان النامية خاصة فإنها لاحظت بالاحصاء ان الدول الصناعية شرقية كانت أو غربية، أنما تنفرد بانتاج ثلاثة أرباع الكتب المنشورة في العالم. وان أوروبا وحدها تنفرد بانتاج نصف الكتب العالمية، مع أن نسبة عدد سكانها لا يعادل سوى 13 بالمائة من مجموع سكان العالم!
وعلى عكس ذلك فان آسيا التي تمثل 56 بالمائة من سكان العالم انما لا تنتج سوى 20 بالمائة من الكتب العالمية. وان أمريكا الجنوبية والقارة الأفريقية لا تنتج كلتاهما من الكتب سوى 4 بالمائة مع أن عدد السكان فيهما يمثل عشرة بالمائة من المجموع.
لذلك أدرجت منظمة اليونسكو في برنامجها لسنة 1972م عدة مشاريع لتشجيع القراءة في البلدان النامية ولحث صناعة النشر. ففضلا عن زيادة مكاتب القراءة أو دور الكتب، تريد أن تشجع المؤلفين والمترجمين في البلدان النامية، على الكتابة وعلى نشر الكتب في بلادهم.
كما أن خبراءها يعدون الآن أساليب تربوية لترسيخ عادة القراءة لدى الشعوب النامية.
|