Thursday 24th June,200411592العددالخميس 6 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

فهد العريفي.. كما عرفته فهد العريفي.. كما عرفته
منصور محمد العُمَري / مسؤول تحرير جريدة (اليوم) في الرياض.

كل مجتمع ناهض يحتاج إلى الرجال الصادقين والأبناء المخلصين الذين تسبق أفعالهم أقوالهم، الإخلاص ديدنهم والتضحية شعارهم. كما أن المجتمع ليس بحاجة لمؤلفين وباحثين بقدر ما يحتاج إلى رجال أوفياء يمتازون بالروح العالية التي تبعث العزيمة في نفس الضعيف، والهمة في قلب العاجز، والشجاعة في فؤاد الجبان، وتقوّم من الأخلاق معوجها، وتصلح من الآداب فاسدها، وتثبت من العقول مضطربها، وتعلم كل صغير وكبير وقوي وضعيف أن قيمة المرء في حياته أداء واجبه لدينه أولاً ولأمته ثانياً بعيدا عن الأنانية وحب الذات.
أسطر هذه الكلمات وأتذكر رجلاً وطنياً صادقاً أحب الخير للغير قبل أن يحبه لنفسه.. أتذكر ذلك الرجل الصدوق الأستاذ فهد العلي العريفي - رحمه الله -. ومن منا لا يتذكر هذا الاسم.. هذه الشخصية الوطنية التي عرفت بإخلاصها لهذا الوطن فقد قدم الكثير من التضحيات طيلة حياته - رحمه الله -. وفهد العريفي رجل عرفه القارئ من خلال مقالاته التي كانت تصب في مصلحة الوطن والمواطن.. تشرفت بمعرفته قبل أكثر من عشرين عاماً وكان مثالاً للكاتب الواعي والصادق فيما يكتب وكان - رحمه الله - متابعاً جيداً لما تنشره صحافتنا المحلية. وأذكر من ضمن المواقف الوطنية التي تحسب له.. أنني قد نشرت موضوعاً انتقدت فيه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك حيث نشرت إعلاناً في إحدى الصحف المصرية تطلب فيه موظفين للعمل لديها.. فكتبت في صحيفة (اليوم) تحت عنوان (راعية السعودة تبحث عن متعاقدين) وفي اليوم التالي من نشر هذا الموضوع أفاجأ بأستاذي فهد العلي العريفي - رحمه الله - يتصل بي، ويشكرني على هذا النقد الهادف الذي يصب في مصلحة الوطن.
وبعدها بأيام عقب في مجلة (اليمامة) عبر زاويته الشهيرة (في حدود المحبة) على الموضوع الذي نشرته في (اليوم) وانتقد بشدة التصرف الذي قامت به وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وأكد في مقالته أنه إذا كان تصرف هذه الوزارة بهذا الشكل فلا نلوم الوزارات الأخرى.. إذا أخفقت في تطبيق برامج السعودة؟!
وبعد نشر مقاله في (اليمامة) وجه وزير العمل والشؤون الاجتماعية د. علي النملة خطاباً سرياً للأستاذ فهد العريفي، فما كان منه - رحمه الله - في الأسبوع التالي إلا أن نشر هذا الخطاب نصاً، وعقب عليه في زاويته قائلاً: إن خدمة الوطن والمواطن أهم من إرسال خطابات هؤلاء الوزراء.
وهذا يؤكد حرص العريفي - رحمه الله - على مصلحة هذا الوطن. ولم يتوقف عندما بعث إليها وزير العمل والشؤون الاجتماعية بهذا الخطاب السري، واكتفى بقراءته فقط بل نشره وعقب عليه، خلاف بعض كتابنا الذين يفرحون عندما يوجه لهم أي من الوزراء تعقيباً ويحتفظون به في أدراجهم.. وكأنهم يتفاخرون بذلك.
إن هذه الوطنية الصادقة من كاتبنا العريفي تدل دلالة واضحة على أصالة معدنه. هذا الموقف وغيره من المواقف تؤكد ما كان يعرفه الجميع عن الرجل من أنه كان مستقيماً في عمله، أميناً في علاقاته، لا يكذب ولا يتلون، ولا ينكث بوعده، ولا يكسو بضاعته لوناً غير لونها؛ ليزخرفها على الناس، ويجملها في عيونهم. وأرجو أن يتعلم منه الفاشلون أن الكذب في المعاملة ليس شرطاً من شروط التفوق ولا سبباً من أسباب النجاح.
رحم الله فهد العلي العريفي ذلك الرجل الشهم الذي لن ننسى مواقفه الإنسانية التي ستسجل له بأحرف من ذهب.. وسيظل كثير من الناس يذكرون شمائل هذا الإنسان الرائع - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته - ونسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يلهم الصبر والسلوان أهله ومحبيه.. رحم الله العريفي.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved