قرأت ما كتبه في زاويته (يارا) في عدد (11589)، من جريدتنا الغراء، بعنوان (سموها بلاد الحرمين)، فوجدت ما هالني من ركوبه للظلم وعدم الإنصاف، والمساس بأهلية الشريط الإسلامي، وعن الصحوة المستمدة من أهل الصلاح والتقى، نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً، بغير تثبت أو روية، بل بغياب للمصداقية، والتجني في وضح النهار، والتعميم دون التخصيص، فأحببت أن أظهر الصورة كما هي عليه بلا أصباغ أو تزييف أو تحوير، فربّ قارئ أو سامع ضل الطريق من خلال هذا التدليس.
قال الذي عنده علم من الكتاب، وليس الكهفي الذي بعث بورقة إلى المدينة: ( الأمر لم يعد ترويجاً لاحتقار المرأة أو معاداة التقدم الإنساني، والتحديث، أو تحريم السفر، إلى آخر خطابهم الصحوي.. وتكشفوا عن عمل حربي تقليدي منظم.. والآن دخل مرحلة التنفيذ)، أصبح الشريط الإسلامي معول هدم بعد أن كان نوراً يمشي بين الناس، كيف ذلك؟؟
لقد جار أخي، وجانب الحق، ولم يمضِ راشداً ولم ينصف، فمتى كان الشريط الإسلامي بهذا المفهوم الصفيق عنده؟ وأيم الله لو أنه وقف على الأشرطة التي تهدى إليه وسمع ما فيها لما كتب ما كتب، بل لنازعته نفسه العدل وعدم التعدي وكثرة التمادي إذ قال: (كنت في الماضي عندما يتبرع أحدهم بإهدائي أشرطتهم أو مطوياتهم، أجامله ثم أتخلص منها، ولكن في السنوات الأخيرة بدأت أهتم)، نعم، لقد بدأ يهتم بها، ولكن بمفهوم مغاير، فبدل أن ينهل منها الحق والعبرة والعظة، بدأ يفسر ما تسمعه أذناه على وجه آخر، هو تصيد العثرات، والوقوف على مواطن الشبهات، وتأويل ما يرد فيها على هواه ونظرته، فليس بمستغرب على من يقف ضد هذا التيار أن يصدر عنه مثل هذا، فقد يختلف الاثنان على موضوع معين، إلا أن الصدق يجب ألا يفارق هذا الاختلاف، فالشريط الإسلامي لم يكن في حين من الأحايين كما قال: (عمل حربي تقليدي منظم.. والآن دخل مرحلة التنفيذ) وهو لـ( هدم البنية التحتية للبلاد كلها)، وأي عاقل حصيف يعلم أن الشريط الإسلامي لم يكن بهذه النعوتات الجائرة، ثم لم يجعل من الصحوة حزباً؟ الصحوة - يا عزيزي - ليس لها حزب أو تنظيم معين، بل هي هداية ينادي بها علماؤنا، وعلى رأسهم سماحة الشيخ المفتي للمملكة، ومن بعده العلماء الأجلاء، بدءاً من الدروس التي تعقد في الحرمين الشريفين، ومن ثمة في أغلب جوامع المساجد، فهل يراهم مخطئون في هذا؟ فعليه أن يحاورهم، ويوجه رأيه إليهم، ولكن الذي يظهر لي أن الكاتب ناقم لما عليه شبان هذه البلاد الملتزمون، فوجد في مقتل المقرن فرجة ونافذة ينفذ منها للتعبير عن رأيه، فلا يحق له أن يعمم ما حصل على كافة الشبان قاطبة، فليس الجميع على هذه الشاكلة، وليست الأشرطة الإسلامية تدعو إلى ذلك، وكذا الدعاة المحتسبون، ولكن الفهم الضيق، وقلة الاستيعاب يهويان بصاحبهما في جرف لا قرار له، فإن كانت هذه الأشرطة تتحدث عن الجهاد، فهذا القرآن الكريم والحديث الشريف يتحدثان عنه قبلها، وهؤلاء الشعراء ينادون به، وهذه المكتبات تزخر بمضمونه، ويعلم الجميع أن الجهاد له ضوابط، وما خرج عنه الشريط الإسلامي قيد أنملة، بل يدعو إليه وفق منظورات الشرع وبدعوة من ولي الأمر، ثم لِمَ يقحم ما يحصل في سجن أبي غريب في مضمون الشريط الإسلامي؟ شتان بينهما، لقد أراد الكاتب أن يقوي رأيه فأتى برسمة (كاريكاتورية) يسخر منها الصغار قبل الكبار، ويجعل الحليم إزاءها حيران أسفا.
أشكر أخي الكاتب على هذه الرؤية، ولكن ليعلم أن الجميع على قدر كبير من الوعي، ولاسيما إذا كان الحديث يمس الشريط الإسلامي، فالكثرة الكاثرة مؤمنون بأهمية الشريط الإسلامي، وخاصة الآباء، ولا يحتاجون لمن يخبرهم بما فيه، ذلك أنهم يستمعون إليه في منازلهم وفي مركباتهم، فهم يعاينون شاهداً لا غائباً، وفرق بين من يستمع إليه وبين من يرفض الاستماع إليه ولو كان من قبيل الهدية!! ولو صدق قوله ما في الشريط من التحريض على الحرب الضروس وغيرها لما أجازته وزارة الثقافة والإعلام!! فهل الكاتب أعلم منها؟!! ثم ليعلم أن المرء محاسب أمام الله عما يكتب، فليتق الله ربه.
أحمد بن عبدالعزيز المهوس
|