** يحق لكل منا أن يتفكر.. وأن يتدبر.. وأن يطرح الأسئلة تلو الأسئلة..
كيف استحالت صدورنا وأرواحنا وأجسادنا هدفاً يسدد إليه الرصاص والقنابل؟! ثلَّة منا خرجت من بين بيوتنا ومن مؤسساتنا الاجتماعية والمدنية من المدارس ومن المساجد ومن التلفزيون والمذياع والصحافة والشريط التسجيلي لا نستطيع أن نفصل هؤلاء عن هذه الثقافة المجتمعية وعن هذه المؤسسات التي تشكل فكرها خلال العشرين سنة الماضية..
وهي ثقافة قد لا تكون تأسست بنيَّة تخريج هؤلاء القتلة والتكفيريين، لكنها لا شك بدراية منها أو دون دراية أوجدت لنا أمثال هؤلاء الذين يقذفون بال( أر. بي. جي) على بيوتنا ومقار أعمالنا ويتلذذون بمناظر الدماء وأشلاء الجثث تحت وهم وضلال عظيم، وفتاوى أوجدت لهم الأرضية التي ينطلقون منها فيقتلون الناس ويفسدون في الأرض.
** كيف يسافر فتى في السادسة عشرة من عمره بدعوى الجهاد، من أوحى له بترك مدرسته ودروسه وأهله ليتسلل إلى أرض الجهاد في الشيشان أو أفغانستان، ثم يعود إلينا ممتلئاً بالحقد والكراهية والتكفير ليبدأ فينا ويقتلنا بدعاوى مضللة.
** لا أستطيع أن أنسى حكايات (الكرامات) التي انتشرت قبل خمسة عشر عاما وتقف أمام المتحدثين بها والناقلين لها مندهشاً معقود اللسان.. فقد استحالت إلى ثقافة منفصلة عن سياقها الطبيعي وانتشرت بطريقة مبالغة كنوع من عوامل الجذب للشبان وإقناعهم بترك مدارسهم وجامعاتهم حيث تتلى صباح مساء على أسماع الفتيان اليافعين... فينظرون إلى حياتهم وبؤس أهلهم أو يفرون إلى حيث هناك بحثا عن الكرامات التي سمعوها..
** اليوم يتحدثون عن (كرامات) جديدة في شوارع الملز.. إنهم.. هم.. هم..
لم يتغيروا.. ولا ندري أين يقبعون.. يبثون هذه الضلالات في عقول الناشئة.. ويستمتعون هم بالفرجة من بين أدخنة البخور و(السباح) الأنيقة..
يدفعون بالصغار لساحات القتل والتفجير.. وهم مسترخون في مقاعدهم الوثيرة..
** من حق كل مواطن أن يفتش عن هؤلاء.. لأنهم أشد إرهابا من هؤلاء الذين يقتلوننا..من حق كل كاتب وكل مفكر وكل مربٍّ وكل مسئول في جهته أن يعود إلى الوراء ويفتِّش وينقِّب ويبحث ليمسك بأطراف الخيط من أوله.
فليس بكاف أن نقطع طرف الخيط الظاهر.. فالطرف المختفي سيظل يدفع بالمزيد من الضلالات والتكفير والتحريض.. فيفرخ لنا المزيد من القتلة والمفجرين..
** من أجل بيتي وبيتك..وأبنائي وأبنائك.. دعونا جميعاً نبحث بصدق عن جذور الإرهاب.. وعن هؤلاء الذين يدفعون الناس إليه، وعن هؤلاء الذين يوقعون الخوف في قلوب العامة فيجعلونهم يترددون في الإبلاغ عنهم حيث الوعيد بعقوبة عاجلة يرونها في الدنيا بمن يحبون؟ هو إرهاب يستغل مشاعر التدين الفطرية لدى جمهور مواطني هذا البلد.
** من حقنا جميعاً أن نلتفت إلى الوراء فقط من أجل أن نفتش في أوراقنا الماضية ونتتبع الخيوط التي ستقودنا حتماً إلى أساس ما وصلنا إليه.
** وكلنا ملزمون بالجهد والبذل والعدل والقسط كعنوان لرغبتنا الصادقة في البحث والتقصي والقضاء على جذور هذه الآفة التي أفسدت علينا حياتنا وأضرت بإسلامنا.. وأشاعت الخوف ويتمت من يتمت، ورمَّلت من رمَّلت بدون ذنب أو جرم.. وجعلت قلوبنا دامية؛ فالسهام التي تسدد لنا.. تخرج من بيننا ومن بين ظهرانينا ومن بين بيوتنا..
وليست من عدو خارجي نتقيه ونعرف كيف نتعامل معه.. إنها مسئوليتنا جميعاً تجاه أنفسنا وأجيالنا القادمة!!
ص.ب 84338 الرياض 11671 |