تنطلق عصر اليوم الأربعاء 5/5/1425هـ مسيرة العقيلات من الجردة قلب مدينة بريدة ورمز نجد الاقتصادي متجهة إلى شمال المدينة مروراً بطريق الملك عبدالعزيز في رحلة تجسد ذكرى سنوات الكفاح التي قدمها أبناء بريدة.
العقيلات يعيدون عصر كتابة التاريخ من جديد وهم يقدمون فصلاً من فصول العطاء والمسيرة تضم 50 ركوباً يحملون أمتعتهم وأدواتهم وزيهم وحداهم والعقيلات اسم ارتبط بمدينة بريدة منذ ما يقارب 500 سنة.. ولا يزال هذا الاسم محافظاً على قيمته ومدلولاته، فالعقيلات جزء من تاريخ بريدة وفيه إشارات واضحة ومدلولات أكيدة على اهتمامات أبناء بريدة وأسبقيتهم في تجاوز الحدود الجغرافية حيث كانوا أول من وصل للولايات المتحدة الأمريكية من النجديين.. والعقيلات التي برزت من خلالها سجايا أهل بريدة وصفاتهم الحميدة ستظل شاهداً حياً على ذلك.
العقيلات من هم؟
العقيلات هم : تجار من أهل بريدة يتاجرون بالخيل والإبل والتجارة العامة عملوا ما يقارب من أربعمائة سنة بهذه التجارة وحتى عام 1366هـ حين انقرضت هذه التجارة. كان العقيلات يحددون سفرهم بالصيف، ويختارون بداية الشهر القمري حتى تتمكن القافلة من السير بالليل اتقاء لحرارة الشمس بالنهار.
وكانوا يقطعون المسافات الطويلة على ظهور الجيش (الإبل) مرددين الحداء والغناء:
من شايبات المحاقيبي
بالله على كور منجوبه
باوساط زمل المعازيبي
أحلى من الهرش وركوبه
طريق القوافل
طريق القوافل يمر بالجوف والقريات وكافة حدود المملكة الشمالية، فيبيعون المواد الغذائية ومنها القهوة والهيل والشاي والسكر وحتى يصلوا إلى الشام وفلسطين والعراق ومصر والبلاد الأخرى.
قالوا عن العقيلات
يقول الشيخ عبدالله إبراهيم السليم: إن عقيل يأخذون البضاعة بالثلث، ثلث للعامل وثلث للمصاريف وثلث لأهل الأموال أما التجارة الأخرى فهي بالنصف، لذا تختلف عقيل عن غيرهم، فهم يحرصون على من يسافر معهم ويحافظون على بضاعته. وهم أهل مروءة وكرم وشجاعة.
وللعقيلات نظمهم وتقاليدهم وعاداتهم المعروفة عنهم كما أن لهم أميراً يسمى (أمير عقيل) يرجعون إليه في كافة أمورهم.
يقول الشيخ محمد العبودي في معجم بلاد القصيم: إن الحواضر في المدن العربية كانت تعج بأهالي بريدة حتى أن الشاعر محمد العوني عندما استنهض عزم قوم أهل بريدة بقصيدته المشهورة (الخلوج) فارتحلوا عائدين إلى بلادهم ليذودوا عنها - أقفل سوق العصر في دمشق أبوابه وتعطل فيه البيع والشراء وذلك لأن تجارهم من أهل نجد الذين أغلبهم من أهالي بريدة. وبغداد التي كانت حاضرة الدنيا كان يقال لجانبها الغربي (صوب عقيل) وعقيل أكثريتهم الساحقة من أهالي القصيم من بريدة.
ولقد كان لجيش عقيل تاريخ فعّال في أحداث العراق، ولقد كان أهل بريدة أكثر الناس صبراً على الاغتراب، والنجعة في طلب الثراء حتى أنهم وصلوا إلى أغلب البلدان القريبة والبعيدة حتى أنهم أول من وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية من النجديين وعادوا منها قبل الحرب العالمية الأولى، ومن هؤلاء عبدالله بن خليفة والشيخ الرواف.
يقول الأستاذ إبراهيم المسلم: كان العراق أكثر البلدان المجاورة للجزيرة العربية وجوداً للعقيلات وهي الفئة التي هاجرت من بلدان نجد خلال العاشر الهجري عندما احتلت الدولة العثمانية العراق سنة (940هـ - 1354هـ) والحجاز (926هـ - 1520م) هاجر الكثير من بلدان نجد طلباً للرزق وكونوا فرقاً داخل الجيوش العثمانية في البير والبصرة وبغداد: أدلاء على قوافل التجار ومتعهدين لقوافل الحجاج. ولم يقتصر دورهم على ذلك فقط، وإنما كان لهم دور رئيسي في إخماد الفتن، وشاركوا الولاة العثمانيين في الوقوف معهم ضد الغزاة الطامعين في البلاد.
|