Wednesday 23rd June,200411591العددالاربعاء 5 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
لماذا استثماراتنا غير إبداعية؟
د. محمد اليماني

من الواضح تمتع المجتمع السعودي بقدر هائل من المدخرات غير المستثمرة والتي يرغب أصحابها في استثمارها.. فما يحصل في سوق الأسهم وسوق العقار وما تدل عليه البيانات والإحصاءات الخاصة بالودائع لدى البنوك كلها تؤكد ذلك.. ولكن ما الذي يجعل هذه المدخرات عاطلة أو مناسبة إلى استثمارات عقيمة ربما كان ضررها بالمجتمع ككل أكثر من فائدتها؟.
الإجابة على هذا السؤال تفسرها نظريات التنمية القديمة والتي تؤكد على افتقار الدول النامية للكوادر البشرية المبدعة القادرة على الابتكار والإبداع والإتيان بشيء جديد بصفة مستمرة في مجال الاستثمار المنتج، والتي يتوقع أن تكون لديها الاستطاعة على التفكير في مشروعات استثمارية جديدة غير تقليدية تستفيد في إنشائها وإقامتها من عناصر الإنتاج المتاحة محلياً.
ومن الطبيعي أن هذه العناصر لا يمكن أن توجد بالقدر الذي يحتاجه المجتمع من تلقاء نفسها بل لابد من وجود برامج للتعرف عليها مبكرا ودعمها ورعايتها. وهذه البرامج في الأساس جزء من برامج رعاية الفائقين والموهوبين.. إلى جانب التخلص من الروتين والتعقيد الذي - في أحسن الأحوال - لا يشجع الإبداعات والابتكارات الجديدة.
ومشكلة الدول النامية مع العنصر البشري مشكلة قديمة فهي لا تعيره الاهتمام الذي يحتاجه إلا عندما يصبح مشكلة تحتاج إلى دراسة وحل.
وهذا راجع إلى كون كثير من واضعي البرامج التنموية وخططها نظروا إلى الشكل الخارجي للتقدم الذي تعيشه الدول المتقدمة صناعيا، فأول ما رأوه كانت المصانع والآلات والطرق والمباني والمظاهر المادية بشكل عام، ولم ينتبهوا إلى وجود عناصر تنموية أكثر أهمية من تلك المشاهدة ويستطيع أن يلحظه المتتبع لحالة الدول النامية التي تتوافر على قدر مناسب من الأشخاص القادرين على الإبداع والابتكار والذين أتيحت لهم الفرص لترجمة أفكارهم إلى أرض.. إنهم تمكنوا من إيجاد مزايا نسبية اقليمية أحيانا وعالمية أحيانا لمجتمعاتهم فاقوا بها دولا أخرى ذات موارد وامكانات ضخمة جدا.. فهناك من أصبح مصدرا خالصا للتعليم الجامعي والخدمات الصحية ومن أصبح نقطة جذب للمستثمرين الأجانب في مختلف الصناعات ومركزا ماليا.. والأمثلة كثيرة منها القديم ومنها الجديد وتضرب اليابان عادة كمثال تقليدي لحالة تنموية غير تقليدية، فهي فقيرة في مواردها الطبيعية لكن شعبها استطاع أن يؤسس لتقدم تقني وصناعي تمكنت بموجبه من منافسة أكبر اقتصاد في العالم.
ما يحتاجه أي مجتمع خلال عملية التنمية وخاصة إذا أتيحت له موارد كبيرة عدم التقوقع داخل الأطر والقوالب التقليدية للمشروعات والاستثمارات وإنما البحث عن أشكال استثمارية وأنماط إنتاجية جديدة تحقق الربح لأصحابها والفائدة لمجتمعاتهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved