Tuesday 22nd June,200411590العددالثلاثاء 4 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

(وش خانة الكويت يا معالي الوزير) (وش خانة الكويت يا معالي الوزير)
محمد الصالح المبيريك/ إمارة منطقة الرياض

هناك مثل قديم له قصة واقعية، كان أيام زمان في منطقة القصيم الجميلة الزاهية سقاها الله السحاب وعم أرضها الخضرة والأعشاب، كان في المساجد يقوم المؤذن أو من ينوب عنه - جزاهما الله خيراً - بعد صلاة الفجر مباشرة بإعلان أسماء جماعة المسجد والذي يغيب عن صلاة الفجر بدون عذر يعاقب، وكان هناك رجل أحياناً يتكاسل عن صلاة الفجر مع الجماعة وعوقب على ذلك، ومل وطفش وقرر الهرب إلى دولة الكويت الشقيقة، وسافر ووصل إلى الكويت آخر الليل، ونام في براحة واسعة مع النائمين، وبعد أذان الفجر جاء رجل وأيقظ النائمين لأداء صلاة الفجر في المسجد مع الجماعة، صاحبنا استيقظ من نومه، وقعد يتمغط مشتهيا النوم، ولم يصدق ما سمعه من الرجل الذي أيقظ النائمين لأداء صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد، فقال صاحبنا وشلون ما يصير (وش خانة الكويت) وقبل حوالي ثلاثة وعشرين سنة ذهبت مع ابني وليد لتسجيله في الابتدائية في مدرسة حكومية في مدينة الرياض، قال أحد المعلمين اسمعوا يا إخواني عليكم بتدريس وتعليم أولادكم الحروف العربية خارج المدرسة في بيوتكم لم أصدق قول المعلم فقلت له بعفوية (وش خانة الكويت) هل هذا منطق معقول، مدرسة لا تعلم المبتدئين الحروف العربية، هذا ما يصير، قال معلم ثاني فيه طريقة جديدة لتعليم أولى ابتدائي، في الماضي نعلمهم الحرف، ثم الكلمة، والآن نعلمهم الكلمة ثم الحرف، وأنتم علموا أولادكم الحروف العربية لتقويتهم بالقراءة والكتابة بالمستقبل؟؟ في الماضي يا معالي وزير التربية والتعليم عندما يدخل الطالب أولى ابتدائي يتم تعريفه وتعليمه الحروف الهجائية العربية لغة القرآن الكريم ولغتنا، حتى يفهمها ويحفظها قراءة وكتابة، ثم يركب منها الأسماء والأفعال والإشارات والجمل المفيدة، وإذا نجح إلى الصف الثاني (يفك الخط) وإذا نجح إلى الصف الثالث الابتدائي يعرف الكتابة والقراءة والحساب، وفي الوقت الحاضر يا معالي الوزير كثير من المتخرجين من الجامعات والكليات ضعفاء في الكتابة والقراءة، وخاصة في اللغة العربية وبشهادة من أساتذتهم، وفي الماضي يا معالي الوزير ما كان في مناهج مدارسنا كتابات وشروحات مطولة هامشية، وليس فيها رسومات وصور محشية، وليس في مدارسنا إجبار الطلبة والطالبات بطلبات تعجيزية، وليس في مدارسنا اختبارات شهرية قهرية تجلب الملل والمعاناة للطلبة والطالبات وأولياء أمورهم، وترهق المعلمين والمعلمات بالعلل النفسية لأن الاختبارات الشهرية تمنع كثيرا من العوائل من حضور المناسبات والزيارات خاصة التي تأتي قبل الاختبارات الشهرية أو أثنائها، إضافة إلى ذلك، فهناك كثير من الطلبة والطالبات يدرسون حلقات تحفيظ القرآن الكريم بعد صلاة العصر ما عدا الخميس والجمعة وأيضاً يحضرون في تلك الحلقات المحاضرات الدينية والاجتماعية، وأحياناً يكون فيها رحلات داخلية، والمحاضرات لها فوائد كثيرة وخاصة أن مجتمعنا السعودي المحافظ يواجه بعض المشاكل الغريبة على عاداتنا وتقاليدنا الحميدة وخاصة منها عقوق الوالدين، والتمرد على المجتمع، وهي مستوردة من الخارج التي يجب التصدي لها بالقول والقلم، وفي الماضي يا معالي الوزير المعلم له دور بارز في المجتمع، وله تقدير واحترام، لأنه معلم متعلم وفاهم مفهم، وهو المنشئ المربي الباني والمرشد الناصح الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويزرع في عقول طلابه حب الخير والإحسان، وكره الشر والعصيان، وحب الوالدين والوطن والمواطن والزائر والمقيم، وإطاعة ولاة الأمر دون معصية الله ورسوله، واحترام الكبير وتقدير الصغير، والمعلم يشقى ويتعب ويحترق كشمعة لإنارة طريق المستقبل المجهول لطلابه، ولقيمة المعلم الاجتماعية أنشد وأشاد بعض الشعراء للمعلم، فقال الشاعر أحمد شوقي:


قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أعظم أو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفساً وعقولا

فرد أحد المعلمين القدامى الذي كان قد اكتوى بنيران التدريس شعراً فقال:


شوقي يقول وما درى بمصيبتي
قم للمعلم وفه التبجيلا
يا من يريد الانتحار وجدته
إن المعلم لا يعيش طويلا

مع العلم أن معظم المعلمين القدامى عائشون في مدنهم أو قراهم بين أهلهم وزوجاتهم وأولادهم وأقاربهم ومدارسهم قريبة منهم، وهذا ما يسهل على المعلمين لقاء طلابهم وأولياء أمورهم ونقاشهم في أمور الدراسة والتدريس وحل المشاكل الاجتماعية التي تواجه بعض الطلبة، وفي الحاضر يا معالي الوزير انظر إلى حال معظم المعلمين التي يرثى لها، أحزان وهواجس والصدور مليانة بالوساوس، والمعلم أمام طلابه مجرد دمية قاعدة أو متحركة، والنيران في أحشائه مشتعلة، وأفكاره في عقله مشتتة، وحالته النفسية مكتئبة، لم تراع الوزارة ظروف معظم المعلمين والمعلمات الاجتماعية والمادية والمرضية وخاصة منهم الذي لا يستطيع إثبات ذلك شرعاً من أجل النقل حسب الرغبة والأمنية من أجل القرب من الزوج أو الزوجة، والأولاد والأهل الذين يبعدون عن بعضهم مسافات بعيدة التي أشغلت أفكار بعض المعلمين والمعلمات عن واجباتهم التعليمية والتربوية، وانشغلت أفكارهم بالسفر واللقاء والعودة والبقاء، والمعلم في الوقت الحاضر سحبت منه صلاحيته، وقل احترامه وضاعت هيبته، وحطمت موهبته وهيبته أمام طلابه، واليوم لابد من تشجيع المعلمين والمعلمات على التدريس بالقرى والهجر وخاصة البعيدة منها عن المدن والمحافظات بإعطائهم إجازة ثلاثة أيام في الأسبوع يوم الأربعاء والخميس والجمعة، وإضافة ساعة عليهم يومياً للتدريس، وإذا توفر لهم السكن المناسب والخدمات الضرورية يحتمل استقرار بعضهم بصفة مستمرة، ولعدة سنوات أفضل لهم من عناء السفر، وحوادث الطرق المخيفة، والثلاثة الأيام نعتقد أنها تكفيهم لزيارة أهلهم وأقاربهم وحضور مناسباتهم، وبذلك تخف على الوزارة طلبات النقل وتكدس المعلمين والمعلمات في مدارس المدن والمحافظات، لقد بدأت وزارة التربية والتعليم في الآونة الأخيرة بالإكثار من التعاميم والقرارات، وبعضها ليس من صالح المعلمين والمعلمات، ونعتقد أن السبب أنه مع تعيين رئيس قسم أو مدير إدارة أو وكيل وزارة تكثر تلك التعاميم، وتلغي ما قبلها من تعاميم، ومن أسباب تلك التعاميم اتكال الوزارة على آراء أصحاب الشهادات النظرية دون أخذ آراء أصحاب الخبرة العلمية معتقدين أن التطور والإبداع بالحياة لا يأتي إلا عن طريق أفكار ومخططات أصحاب الشهادات بالدراسة دون استشارة أصحاب الخبرة بالممارسة، فقد أصدرت الوزارة قبل بضعة أشهر تعميماً تعجيزياً ضد نقل المعلمين، ومن فقرات ذلك التعميم ما يلي:
أولاً: لا يتم نقل المعلم إذا بلغ غيابه عشرة أيام فأكثر بدون عذر شرعي ثانياً: لا يتم نقل المعلم اذا كان أداؤه الوظيفي أقل من سبعين درجة ثالثاً: المعلمون الذين عليهم قضايا لا يتم نقلهم إلا بعد موافقة لجنة القضايا بإدارة التربية والتعليم، ويقال فعلاً أن بعض المعلمين حصلوا على امتياز بالأداء الوظيفي، ولم يتم نقلهم حسب رغبتهم، وهنا نسأل ما هي تلك القضايا هل هي عابرة أو سافرة مع العلم أن معظم مدارسنا لم تعد كالماضي الحضن الثاني للأم الحنون بل أصبحت الوزارة عاجزة عن حماية الأتقياء من شر الأشقياء.
يا معالي الوزير هناك نظام يقول لا يجوز الانتساب في جامعات التربية للبنات لأنها تحتاج إلى تدريب الطالبة على التربية العملية لأن نظام الانتساب خاص في جامعات الآداب، وأغلب المنتسبات في (جامعات البنات) يحملن الثانوية العامة (قسم علمي) فخضوعهن بالانتساب في الأقسام الأدبية يضيع عليهن جهودهن في الأقسام العلمية والمعروف (العلوم الطبيعية) كما يحتم على نظام الانتساب في جامعات التربية الانتظام في السنتين الأخيرتين حتى تتمكن الطالبة من التدريب على التربية العملية؟؟ ومطالبة المنتسبة بالحصول على نسبة 80% حتى تؤهل للانتظام أمر تعجيزي وخاصة إذا نظر إلى عدم توفر الحقيبة الدراسية التي سبق أن نوه عنها عميد القبول والتسجيل في تعليم البنات، أليس من الأفضل يا معالي الوزير إعادة النظر في هذا النظام، في الماضي يا معالي الوزير كان يتم اختيار وترشيح المشرفين التربويين في مدارسنا بموجب الخبرة والكفاءة، وفي الحاضر يتم أحياناً ترشيحهم بموجب المعرفة، فإذا كان اختيار المفضول بدلاً من الفاضل لتربية أولادنا في المدارس، فلا نلوم بعض أولادنا بتدني مستواهم الفكري والعلمي، يا معالي الوزير لا أحد يشك في إخلاصكم لعملكم، والمعروف أن معاليكم أستاذ تربوي من الطراز الأول، فالواجب اختيار الفاضل بدلاً من المفضول لتربية وإنارة العقول، وعدم الاهتمام بظروف المعلم والمعلمة ليس بالمنطق المعقول وانتساب الحاصلات على الثانوية العامة أقسام علمية بأقسام أدبية غير مقبول لأن مواد الأقسام العلمية أصعب من مواد الأقسام الأدبية، وهذا ما يصير (وش خانة الكويت أجل يا معالي الوزير)، وهناك يا معالي الوزير ظلم لبعض الطالبات من قبل بعض المحاضرين من الرجال وبعض المسؤولات لأتفه الأسباب، فهل من عين ترى وتدمع وقلب يلين ويخشع وأذن تصغى وتسمع ونظام يمنع ولجنة تردع، هناك مجموعة كبيرة من الطلبة والطالبات يتخرجون من الجامعات والكليات، ولا يحصلون على وظائف، وبعض من هؤلاء الطلبة والطالبات فضلوا مواصلة الدراسة في الجامعات والكليات من أجل المكافأة الشهرية مفضلين ذلك على الزواج مما أحدث لدى مجتمعنا ظاهرة العنوسة والبطالة، أليس الأفضل وللمصلحة العامة تقليل الأقسام الأدبية في جامعات البنين والبنات، وتوسيع الأقسام الطبيعية وأقسام اللغات الأجنبية المهمة، وفتح أبواب الجامعات وإلغاء نسبة الدرجات، وتأمين الطلبات للطلبة والطالبات من قبل الجامعات، ومنع المكافآت الشهرية للجامعات، وذلك لفتح المجال لعدد كبير لمن لهن رغبة بالحصول على الشهادة الجامعية لتكون وسيلة لغاية الاستمرار بالتحصيل العلمي إلى درجة الدكتوراه وما فوق، وكذلك البنين، وفيه أعداد لابأس بها من البنين والبنات ممتازون في مختلف المواد العلمية، لكن العقبة هي القبول بالنسبة المئوية، كما نأمل إعادة النظر بالطرد والحرمان من الدراسة لمن يغيب عن بعض المحاضرات لمدة ستة أو تسع ساعات بالترم الواحد، ولا يقبل العذر إلا بالتقرير الطبي، وقد يكون الغياب قهريا خارجا عن الإرادة، ومن الأفضل أن يسأل أهالي الغائبين عن سبب الغياب، كما هو في نظام المدارس، وأخيراً أقول كما قال الإمام الشافعي- رحمه الله- (قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب).
والله ولي التوفيق والسلام


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved