حقوق المرأة في الإسلام.. ليست شيئاً طارئاً على الحياة المعاصرة.. حتى نلتمس لها مداخل أو مخارج هنا أو هناك ونلبسها لباساً عصريا.. وكأن ثقافتنا الإسلامية ولدت للتَّوِ..!
***
بل هي حقوق أثبتها الله - جل وعلا - في كتابه المبين، وفي سنّة رسوله الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل أربعة عشر قرناً.. وستبقى على مرّ الدهور ما بقي القرآن يُتْلى، وما بقيت سنّة المصطفى تُقْتَفى.. حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وليس لأحد أن يزيد في هذه الحقوق.. أو أن ينتقص منها.. سواء بقصد مزيد النفع للمرأة.. أو بقصد الإضرار بها.. جفت أقلام هذه الحقوق.. وطويت صحائفها.. قبل خلق آدم وحواء - عليهما السلام -.
***
* لذلك فإنه لا مجال، شرعياً ولا عقلياً، لأن تتصادم في هذه المعرفية البدهية.. وجهتا نظر.. تستدعي إحداهما (البكاء) المر.. كما لو كانت فقدت أعز عزيز لديها - لا قدر الله لها ذلك - أو تحمل الآخر على الاعتذار بعد التعاطف المثير مع الباكية.
***
ومع احترامي وتقديري للدكتور محمد العريفي.. فإني أخالف وجهة نظره بأن المرأة قد أخذت أكثر من حقها.. باستدلاله على ذلك.. أن الدولة قد عفت عن المجموعة النسائية التي قامت بمظاهرة في شوارع الرياض منذ سنوات مطالبة بالسماح لها بقيادة السيارة.. وأن الحكومة أرجعت أولئك النسوة إلى أعمالهن وكامل وظائفهن، وهو ما لم يحصل للرجال - حسب قوله -. أعتقد أن عفو الحكومة عن تلك المظاهرة شيء جيد ولا يعاب..!
***
ولعل الجمهرة الكبرى من النساء - ليس في بلادنا فحسب، بل حتى في الغرب - لم تأخذ حقوقها كاملة.. وإلا لما كان لولي أمرها في الغرب أن يتركها سائبة تذل كرامتها في سبيل تأمين لقمة عيشها وتأمين حاجاتها المادية دون أي رقيب أو حسيب.!
ونبي الإسلام - عليه السلام - حذر من مثل هذا بقوله: (ما تركت على أمتي فتنة أشدّ من النساء) - أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -.
***
على أن المرأة في بلادنا مازالت - بحمد الله - تستظل بدينها الذي أوجب على ولي أمرها.. أياً كانت قرابته لها.. أن يرعاها الرعاية الصالحة التي تحفظ لها كرامتها.. وتبعدها عن مسالك السوء.. وتجعلها آمنة في بيتها.. مطمئنة على (قوامة الرجل) الذي تعيش في كنفه.. حتى وإن حصل خلل أو تقصير من بعض الرجال.. الذين لا يخافون الله في نسائهم.. وقد يحصل للرجال من النساء مثل ذلك أيضاً.
وإذا كنت اختلفت قليلا مع الدكتور العريفي في بعض ما قال، فإني في نفس الوقت أستغرب الحملة الشعواء التي شنها عليه بعض كتاب إحدى صحفنا المشاكسة، ووضعته تلك الحملة موضع المتهم الذي يحاول إقصاء الآخر؛ أي من يختلف معه، مع أن كل ما قاله، مما نشر في الصحيفة ذاتها، ليس فيه استئصال ولا إقصاء.. وإنما كانت مقولة في صيغة خبر.. عما حدث في تلك المظاهرة..!
***
* وعلى الجانب الآخر فإني مازلت غير مدرك للباعث الحقيقي على بكاء الأخت المحترمة الدكتورة وفاء الرشيد..؟
وهل الاختلاف في وجهات النظر يصل إلى حد البكاء أو التراشق بالعبارات الحادة..؟!
وأنا أتكلم من منطلق ما نشر في الصحف.. لا من مشاهدة تلفازية حية.. ربما كان فيها ما أجّج هذا الانفعال.. وأشعل ناره سويعات حارقة..!
***
وعل كل حال فلكل من المرأة والرجل حقوق.. وعليهما واجبات تجاه بعضهما البعض. ومن طالب بحقه الشرعي فله ذلك.. ولكن عليه أن يؤدي واجبه تجاه الآخر؛ فالحياة لا تمشي على رِجْلٍ واحدة.. والطير لا يسبح في الهواء بجناح واحد..!
وبعد
فقد نجح الحوار الوطني حول حقوق المرأة.. نجاحاً بقدر المنتظر منه. تمثل نجاحه, قبل كل شيء، في (الحرية) التي أطلقت عنانها في طرح الرأي.. والرأي المخالف له. من خلال أوراق الباحثين.. والمداخلين.. وإن تخللتها بعض الأفكار، كدعوة أحدهم - هداه الله - لجمع المشاركين والمشاركات في صالة واحدة.
وقد أعجب الجميع (باللذعة) الكاوية التي أخرست هذه الدعوة (الماسخة)! والتي جاءت على لسان فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله المطلق.. حينما سأل صاحب هذه الدعوة.. قائلاً: (هل وكلتك النساء المشاركات للتحدث باسمهن؟).
|