Sunday 20th June,200411588العددالأحد 2 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

مهلاً.. أيها المستثمرون والمواطنون والمقيمون مهلاً.. أيها المستثمرون والمواطنون والمقيمون
عبدالله بن مرعي بن محفوظ

منذ نحو 35 عاماً والسعودية تعلن في خططها التنموية إصرارها على تنمية مواردها والاعتماد على ذاتها وتحقيق الرفاهية والتنويع الاقتصادي، وتمكنت الى حد كبير في تحقيق ذلك.
والأرقام والاحصاءات الحديثة الصادرة عن المنظمات الاقتصادية تؤكد ان السعودية مثلاً حققت حتى الربع الاول من العام الجاري أعلى معدل قياسي في احتياطي العملات الاجنبية، ورغم اهمية الارقام الاقتصادية السابقة إلا أنه وفي نهاية المطاف فإن الاستقرار الاقتصادي يرتكز على الاستقرار الامني بالدرجة الاولى.
وفيما كانت وكالات الأنباء والفضائيات تتناقل حوادث الارهاب في المدن السعودية، كانت ارقام رسمية تصدرها وزارة الخارجية الامريكية تشير الى انه وحتى نهاية العام الماضي تجاوز عدد حوادث التفجير في العالم 9741 حادثاً بلغ عدد القتلى فيها 12788 قتيلاً فيما بلغ عدد الجرحى 43430 جريحاً، وتوزعت تلك الارقام حول تصنيف الدول والقارات ايضاً من حيث تسجيلها النسبة الاعلى في ارقام التفجيرات وحوادثها.
أما في السعودية وحسب الاحصاءات نفسها فإن عدد الحوادث بلغ 16 حادثاً في الفترة من 1995- 2003م بلغ فيها عدد القتلى 63 قتيلاً فيما بلغ عدد الجرحى 645 جريحاً، والمقارنة بين الارقام توضح بما لا يدع مجالاً للشك، ان السعودية دولة بعيدة عن العنف والارهاب!
وهنا يمكننا القول، ان قناعة كبيرة لدى جميع المستثمرين والشركات بأن السعودية بلد بعيد عن العنف والتفجيرات والارهاب، ليس فقط بسبب احتكامها ومرجعيتها الدينية والتكوين النسيج السكاني الذي يضع حرمة النفس والمال والعرض كعنصر اساسي في مفهوم الامن، بل ايضاً لجدية التزام الدولة في تحقيق امن وسلامة ابنائها، وزوارها خاصة من الحجاج والمعتمرين.
وخلال الاحداث الجارية تكاتف الجميع على نبذ افكار هذه الفئة الضالة وتضامن المجتمع بجميع فئاته، وهي حالة يندر حدوثها في أي مجتمع، لكن يجب التأكيد على أنه ليس لأحد الحق في ان يزايد عن حب لوطنه، فمن حق كل فرد منا أن يفتخر بوطنه، بل ان الامر يجب ان يتجاوز ذلك الى التفاني في تحقيق مصالحه،
وافتخار السعوديين بوطنهم لا يحتاج الى تبرير، فحب الوطن يكاد يكون سمة غريزية ومتراكمة منذ ان يأتي المولود فتكون له الرعاية الطبية واللقاحات التي تقيه امراض شلل الاطفال مثلاً، ثم يجد مقعداً دراسياً ليبدأ المراحل الاولى من تعليمه ويدرس كتاب الله وسيرة الانبياء والرسل ويعرف تاريخه وتاريخ بلده وموقعها الجغرافي، ويبقى مستمراً في التعليم حتى يصل المرحلة الجامعية أو قد تضطره الظروف بأن يختار معهداً مهنياً، وبعد ذلك ينضم الى المجتمع كعنصر منتج ليساهم في بناء الوطن، ثم يختار ان يتزوج ويبني بيتاً او يستأجره، واخيراً ينجب الصغار الذين بدورهم يعيشون نفس المراحل لتتكرر حركة النمو والبناء.
اننا نأسف وتنكسر قلوبنا حزناً وألماً، لكل مواطن وفرد لم يتحقق له ذلك ولو كان واحداً من ضمن 20 مليوناً، فكلنا أخيراً لبنة ضرورية ومهمة لخدمة اهداف دولتنا السامية والقائمة على عظمة ديننا الحنيف وسماحته وشموله.
واذا كانت السعودية قد سخرت ثرواتها واستثمارها ورجالها في توفير (ميزة الامن) على أي ميزة، فإن ذلك لم يكن في يوم من الايام ليتحول الى كابوس قد يستبيح المواطن والمقيم ويقيد حرياتهم، فقد كان ( الامن) ولا يزال ( غرضاً) بعيداً عن ( الميكافيلية) وهو تحديداً كما قلنا سابقاً ( أمن الفرد في نفسه وماله وعرضه).
لقد تحدد مفهوم الامن منذ التعليمات الاساسية التي صدرت في مكة المكرمة العام 1345 هـ الموافق 1926م، أي قبل إعلان توحيد البلاد، فقد حددت تلك التعليمات المرجعية: وهي تطابق الاحكام السعودية على كتاب الله وسنة نبيه ورسوله وعلى حتمية وحدة البلاد والحفاظ على هويتها الإسلامية ولغتها وثقافتها.
إن ذلك الإطار السابق واضح المعالم، وهو يعني بكل بساطة ان الاولوية المطلقة للحفاظ على سيادة الشرع، ووحدة التراب الوطني، وهي اولوية بطبيعة الحال تعد في قمة اهتمامات الدولة، وموقعها غير قابل للتغيير او التبديل!
اعود واقول، انه لا مجال للمزايدة على حب الوطن وضرورة التضحية من اجل الحفاظ على مكتسباته، والوطن حق مشاع لكل مواطنيه، وليس بوسع احد من المواطنين الاعتقاد بأنه له حق اكبر من الآخرين، ولكن يبقى الحق اولاً واخيراً للوطن وسلامته، فهو البيت الكبير وهو الملاذ بعد الله، وهكذا تنتفي (المزايدة) فلا لأحد فضل على الآخر في حب الوطن، أليس كل واحد منا يستطيع ان يتباهى بحبه لوالديه، فحب الفرد لوالديه يمثل طبيعة الاشياء وتوازنها، وكذلك حب الوطن؟
وطننا.. وطن يافع توحدت أطرافه منذ عقود قليلة، كانت قبل ذلك متناثرة الاطراف يمزقها الفقر والجهل، انه وطن حول تلك الاطراف الى تجمعات سكنية محلية كان الامن اساسها بعد ان كان التنقل والسفر مخاطرة مميتة اقلها خطورة التعرض للنهب والسرقة والسطو.
إن رحلة الامن في بلادنا ليست سهلة ولم تكن ممهدة، ولو كان إنشاء الطرق يضمن الامن لامتلأت الطرق من زمن، لكن الامن هو الذي جعلها تنتشر بين المدن والقرى والهجر.
إن وفاة مواطن أو مقيم في حادث سير يزعج أمير المنطقة ووزير الداخلية والى أعلى سلطة يمكن ان تتخيلها! فما بالنا ومقتلهم في حادث ارهابي؟
ليس الامن ( ترفاً) ولا ( سراباً) في بلادنا، بل هو أمر يقاس أيضاً بالمؤشرات، وما وصولنا الى معدلات نمو سكاني هي الاعلى في العالم إلا دليل على الامن، فالأمن هو الاستقرار الذي يؤدي الى التكاثر والتناسل.
ولعله من المناسب القول هنا أخيراً، بأن الامن يدعم النمو الاقتصادي، والسعودية ضمن الاقتصاديات الثلاثين الكبار في العالم، متجاوزة دولاً مثل تركيا، وتايلاند، واليونان.
وإذا كان جذب الاستثمارات الاجنبية هو المؤشر الذي يقيس متانة اقتصاد أي بلد، فقد حققت السعودية مركزاً متقدماً بين الدول النامية محتلة احدى المراتب العشر الاولى بين اقتصاديات تلك الدول السابقة من حيث تراكم الاستثمارات الاجنبية فيها.

كاتب سعودي- جدة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved