** من المعلوم أن الكرة الأوروبية لا تعتمد كثيراً على الجوانب المهارية البحتة مثل الكرة اللاتينية.. والقليل جداً من اللاعبين الأوروبيين الذين يتمتعون بهذه المملكة والموهبة، وخصوصاً في هذا العصر.
** ولكنها -أي الكرة الأوروبية- تعتمد اكثر ما تعتمد على جوانب أخرى استطاعت من خلالها فرض واقعها وأساليبها على الكرة العالمية بفضل قوتها الاقتصادية الهائلة.. لذلك استطاعت تحييد العديد من الأساسيات المتعارف عليها في عالم كرة القدم.. والتي يأتي في مقدمتها أو على رأسها الجانب الامتاعي، الذي لا يتوفر إلا بمقدار ما يتوفر، أو يتسنى من لمحات مهارية وإبداعية.
** أهم تلك الجوانب يتمثل أساساً في الاحترافية المتناهية.. ثم يأتي بعدها سلسلة من المرتكزات والمقومات الأخرى تباعاً مثل: التكامل الجسماني أو البدني.. واللياقة العالية، والشدة في الأداء مع الانضباطية التامة.. كل هذه المكونات مجتمعة جعلت من الكرة الأوروبية أكثر قدرة على الأداء طوال وقت المباراة دون أي اهتزاز في رتمها أو ايقاعها إلا بقدر ما تقتضيه رؤية المدرب الفنية، إما للرغبة في عدم الكشف عن كامل الأوراق، أو لأي أسباب أخرى ليس من بينها الخوف من نفاد المخزون اللياقي.. فقد شاهدنا تلك المنتخبات والفرق تؤدي بنفس الرتم والنفس طوال مدة أي دورة أو مناسبة دون كلل أو ملل.
** من هنا يمكننا أن نطلق صفة (بطولات الأشداء) أو (صراع الجبابرة) على المنافسات الأوروبية لكرة القدم بالنظر لوفرة الأجسام الفارعة, والعضلات المفتولة.. وتبقى ثمة العديد من الجوانب الإيجابية الإضافية اللافتة للانتباه.. لعل أبرزها التأدب في التعامل مع المنافسين، وفي تقبل القرارات التحكيمية.
كما تدين تدان
** قلنا مراراً وتكراراً إنه من رابع المستحيلات ألا يقع أي فريق كروي تحت طائلة الأخطاء التحكيمية التي منها المؤثر ومنها ما دون ذلك.. من تلك الفرق على سبيل المثال لا الحصر بعض الفرق (الغلبانة) مثل الهلال والأهلي، كونهما لا يملكان الوسائل المؤثرة التي يمتلكها البعض الآخر.. والتي كثيراً ما لعبت تلك الوسائل العديد من الأدوار الصعبة والبارزة في تسيير الأمور باتجاهات مخالفة تماماً للسياقات الطبيعية (!!).
** وقلنا مراراً وتكراراً أن الاستفادة من هفوات وأخطاء التحكيم تسير جنباً إلى جنب مع الاضرار الناتجة عنها، وإن كانت تختلف في شموليتها وفي أضرارها وفوائدها من طرف إلى آخر (!!).
** ويظل الفرق في الحالتين هو أن المستفيد لا يحتفظ بذلك الفضل أبعد من المبادرة في حينه بالإشادة بالتحكيم.. ليس لأنه كان على جانب كبير من توخي العدل وفرض القانون بالتساوي بين الفريقين، وإنما لأنه فاز بصرف النظر عن الدور الذي مارسه الحكم في تحويل مجرى الأمور سواء عن قصد أو عن غير قصد!!
** وعندما يحدث العكس، ويكون الطرف الآخر -أي طرف- هو المستفيد هذه المرة.. وبنفس الطريقة التي استفاد منها الطرف الخاسر بالأمس القريب، فإن الدنيا تقوم ولا تقعد.. ولا بأس من استحضار شماعة المؤامرة كعنوان لما حدث (!!).
** فعندما ساهم الحكم الإسباني في الإجهاز على الهلال امام الأهلي في وقت مناسب كان سيمنح الهلال إمكانية التحكم بزمام الأمور بما يمثله من دافع معنوي, ومن ثم إمكانية الظفر بالنتيجة.. ورغم الاجماع المحايد على إخفاق الإسباني في بعض القرارات الحاسمة التي استفاد منها الأهلي في مقابل تضرر الهلال.. لم نسمع أو نقرأ سوى التغزل بشجاعة (آر.. ثور).. تلك الشجاعة التي لا يعرف مقوماتها ومواصفاتها وحتى مدلولاتها سوى أصحاب تلك المعلقات.. صحيح أن غالبيتهم من كذابي الزفة.. ومن مرتزقة فتات الموائد أمثال (صياد العذرة) الذي خلع على الإسباني لقب أفضل حكم لأنه ظلم الهلال بصرف النظر عمن كان المستفيد (!!!).
** وبالأمس القريب جداً تناسى الأشقاء أنصار الأهلي تلك الأحداث.. وصبوا جام غضبهم على الإماراتي فريد علي (وأنا والله لا ألومهم) فالإحساس بمرارة الظلم لا يستشعرها إلا من اكتوى بنارها، والغبن لا يقره إلا عديم الإحساس.
** فقط كنت أتمنى لو أنهم تعاملوا بواقعية أكثر في تعبيراتهم وتغنيهم بعوامل الانتصار على الهلال.. وان يعيدوا بعض الفضل لأصحابه بدلاً من الإساءة لتاريخ الزعيم.. أما مقولة ان المباراة مع الإسماعيلي حاسمة ومصيرية وبالتالي ضرورة اختيار الحكم الذي لا يخطئ لإدارتها.. فإن ذلك يدفعنا إلى التساؤل التالي: هل لقاء دور الأربعة في كأس دوري خادم الحرمين الشريفين أقل أهمية ومصيرية وحاسمية من مباراة في دور الثمانية من البطولة العربية.. أفيدونا أفادكم الله (؟!!).
بيت القصيد
من لم يواسيني بوقت المعاسير
مالي لزوم به بوقت المسرّة |
|