د . عبدالله العثمان «وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون التعليمية»
التعليم العالي وأهميته في بناء المجتمعات المتقدمة

يعتبر التعليم العالي من الحلقات الهامة في بناء المجتمعات المتقدمة وإمدادها باحتياجاتها من موظفين وأساتذة وأطباء ومهندسين ومحاسبين وغيرهم ممن يلقى على عاتقهم مهام بناء المجتمع الحديث والدولة العصرية. ويعد التعليم العالي أداة لربط الأجيال المتعلمة بعضها ببعض وتزويد المجتمع باحتياجاته من المؤهلين لإدارة شؤون الحياة المختلفة وتحسين سبل المعيشة وتوجيه المجتمع بما يضمن بقاء القيم وترسيخ التقاليد جيلاً بعد جيل.
ويحظى التعليم في المملكة العربية السعودية بجميع مستوياته باهتمام بالغ ورعاية كريمة منذ عهد المغفور له الملك المؤسس عبدالعزيز يرحمه الله إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يحفظه الله الذي سخر كافة الإمكانات لدعم التعليم بصفة عامة والتعليم العالي بصفة خاصة يسانده في ذلك سمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهما الله، حيث شهدت الفترة من عام (1377 - 1425هـ) إنشاء إحدى عشرة جامعة سعودية أولها جامعة ( الملك سعود) عام (1377هـ) وتتابع إنشاؤها، إلى أن أنشئت جامعات (القصيم، المدينة، الطائف) عام (1424هـ) وجامعة البنات بالرياض 1425هـ بالإضافة إلى أكثر من 150 كلية تابعة لوزارة التربية والتعليم والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ووزارة الصحة والهيئة الملكية للجبيل وينبع.
وتهدف انطلاقة خطط التنمية الخمسية المتتابعة والشاملة في المملكة ومنذ عام 1390هـ إلى تحقيق التنمية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتتفق جميعها حول أهداف رئيسية واحدة قاعدتها الأساسية تعزيز الوازع الديني لدى المجتمع السعودي وتحقيق النمو وتنويع القاعدة الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي وتنمية الموارد البشرية وتنمية البنية الأساسية والحفاظ عليها ورفع مستويات المعيشة وجعل التعليم العالي من الأهداف الرئيسية لتحقيق ذلك.
يعتبر التعليم العالي الأهلي في المملكة العربية السعودية حديث العهد حيث تضمنت الخطة السادسة للتنمية (1415 - 1420هـ) ضمن أهدافها الاهتمام بتوسيع قاعدة التعليم العالي من خلال مشاركة القطاع الخاص بافتتاح الكليات الأهلية، حيث تضمن قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (33) الصادر عام 1418هـ الموافقة على تمكين القطاع الأهلي من إقامة مؤسسات تعليمية لا تهدف إلى الربح وذلك على أسس إدارية وعلمية واقتصادية ومالية سليمة للمساهمة في تلبية احتياجات التنمية مكملة بذلك للدور الذي تقوم به الجامعات الحكومية ثم صدر قرار مجلس التعليم العالي بجلسته المنعقدة بتاريخ 6/2/1419هـ المتضمن الموافقة على اللائحة التنظيمية للكليات الأهلية غير الربحية، والذي توج بالموافقة السامية الكريمة بتاريخ 3/4/1419هـ.
ودعماً للقطاع الخاص للمشاركة في قطاع التعليم لما فوق الثانوي فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 212 وتاريخ 1/9/1421هـ بالموافقة على لائحة الكليات الأهلية والتي تسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في التعليم العالي الأهلي وذلك بهدف الربح بناءً على تحقيق الكلية الأهلية جميع متطلبات اللائحة والقواعد التنفيذية لهذه اللائحة. ثم صدر قرار مجلس الوزراء رقم 87 وتاريخ 6/4/1423هـ بالموافقة على تأجير الأراضي الحكومية بأسعار رمزية وتقديم القروض الميسرة للكليات الأهلية. ثم صدر قرار مجلس التعليم العالي بجلسته المنعقدة بتاريخ 15/1/1424هـ المتضمن الموافقة على لائحة الجامعات الأهلية والذي توج بالموافقة السامية الكريمة بتاريخ 9/2/1424هـ. وقد أثمرت هذه الجهود عن افتتاح جامعة الأمير سلطان الأهلية و 10 كليات أهلية، كما أنه تم منح أكثر من 60 ترخيصاً مبدئياً لجامعات وكليات أهلية.
وتسعى وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية جاهدة إلى أن تكون بداية التعليم العالي الأهلي قوية ومحل ثقة سوق العمل لضمان جودة مخرجاتها، واستمرار دورها جنباً إلى جنب مع الجامعات الحكومية الموازية لها، ومع تنوع مجالات ما تقدمه من برامج ليواكب حاجة سوق العمل ومواكبة التطورات العلمية والتقنية في دول العالم، سيمكن هذه الكليات من المساهمة الفعالة في تعليم وتدريب القوى العاملة السعودية لضرورة تلبية حاجة سوق العمل.
ولا شك أن أي مؤسسة علمية تحظى بمثل هذا الإعداد والتحضير ستكون نموذجاً مثالياً في التميز العلمي، وتحقيقاً لذلك تم وضع ضوابط مادية وبشرية وفنية وأكاديمية ومالية تضمن سلامة تأسيس هذا النوع من التعليم وتحقيق غاياته فمنح الترخيص لمثل هذه المؤسسات التعليمية يعني تمتعها بالحد الأدني المطلوب من الخصائص العلمية ويكمن مضمون عملية الترخيص في تحديد المعايير المقبولة للجودة النوعية المتميزة في أداء مؤسسات التعليم العالي الأهلي، وفي مستوى برامجها وقدرتها على الحفاظ على المستوى المطلوب في الحاضر وفي المستقبل.