Saturday 19th June,200411587العددالسبت 1 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الإصدار الدولى"

الأميرة ديانا.. فراشة أحرقتها الأضواء! الأميرة ديانا.. فراشة أحرقتها الأضواء!

(حادث سيارة أم عملية اغتيال؟ من الذي كان وراء النهاية التراجيدية لأميرة ويلز؟ لمصلحة من كان الحادث؟ وما الذي حدث بالضبط؟؟)
ربما هي الأسئلة التي يطرحها اليوم كل البريطانيين، مثلما طرحتها الصحف البريطانية في ذكرى وفاة أميرة كان لها شهرة كبيرة داخل وخارج بريطانيا، بحيث إنها استطاعت أن تكون المرأة البريطانية الأكثر شعبية في التاريخ الحديث، وأن تحظى باحترام البسطاء قبل الأرستقراطيين في العالم!
الأميرة ديانا، لم تكن ملكة بريطانيا القادمة فقط، ولم تكن زوجة ولي العهد، بل كانت امرأة من طبقة أقل ثراء من الطبقة التي انتقلت إليها، ربما لأن والدها (الكونت ألثورب) كان إنساناً بسيطاً بطبعه، يعشق الأرض والطبيعة ويقضي وقتاً مهماً في الاعتناء بحديقته والعمل فيها في مقاطعة (ساندرينغهام) الريفية. لهذا كانت ديانا المولودة في 1يوليو1961، ابنته المفضلة ، ليس لأنها أصغر بناته، بل لأنها حملت طباعه الريفية أيضاً، حملت بساطته واعتناءه بالآخرين، ولم تحمل طباعاً أرستقراطية قاسية..هذا هو الوجه الذي ظلت الأميرة ديانا تحمله في مخيلة كل الذين عرفوها، أو رأوها، أو ببساطة أحبوها. فهي الوجه المضيء التي جاء لينير القصر الملكي، ولأن ولي العهد الأمير تشارلز أحبها فقد كانت بالنسبة لعائلتها لحظة مهمة في تاريخ كل العائلة التي أوصلتها (ديانا) إلى قمة أمجادها، لأنها ستكون والدة ولي العهد القادم، وأكثر من ذلك لأنها قد تكون ملكة بريطانيا أيضاً في حالة وفاة الملكة الحالية! تلك كانت الحسابات التي حسبها الجميع، ولكنها انتهت إلى زاوية من زوايا النفق المظلم في ضواحي باريس، بعد مطاردة سينمائية بينها وبين الصحافيين انتهت إلى الموت! كتاب (ديانا: سيرة الذكريات) الصادر عن منشورات (جي لو) الفرنسية، هو الكتاب الذي يستعرض حياة امرأة جاءت بطباع الريف إلى المدينة، لتصبح أميرة، ولتتزوج في أجمل قصة أسالت حبر الكتاب والروائيين، لينتهي الحلم إلى انكسار مريع. ديانا لم تكن امرأة عادية، كانت مثقفة وعلى دراية مدهشة بما يحدث في العالم، وأكثر من ذلك كانت تشعر بأن الألم جزء من الموت.. ولهذا دخلت حياتها في تجارب من ذلك النوع من الألم، بمجرد ميلاد ابنها البكر الذي أوصلها إلى لقبها الأجمل كوالدة لولي العهد..لقب لم يكن لينصفها في نظر الإعلاميين الذين كانوا يتحركون حولها، لأجل إطفاء ضعف ونهم وجوع القراء الذين كانوا يبحثون عن (الفضائح) مهما كان نوعها أو حجمها، ويسعون إلى معرفة كل شيء عنها، فما بالك والفضائح يمكن أن تشمل العائلة البريطانية الأهم في البلاد؟ وما بالك إن كان الأمر يخص أيضاً أميرة ويلز نفسها، تلك الأميرة التي لأول مرة تقف فيها وجهاً لوجه أمام الكاميرا قالت: (أريد أن أكون امرأة عادية)، ربما لأن البريطانيين لا يعرفون شكل المرأة العادية، ولأنهم يريدون أن يصنعوا في ذهنية العالم أن المرأة البريطانية ليست عادية أبداً، وأن الواقع البريطاني ليس عادياً، وأن الإعلام والفكر والأدب وكل شيء يرتبط اسمه ببريطانيا لا يمكنه أن يكون عادياً، فما بالك بالأميرة التي جاءت من ريف أخضر إلى عاصمة يسكنها الضباب طوال العام. الصحفي البريطاني (جون هلوورد) كتب عنها بعد زواجها التاريخي مقالاً قال فيه إن: (بريطانيا الجديدة هي هذه المرأة الجميلة التي دخلت إلى القصر لتغير بروده وتحوله إلى دفء..)
ديانا لم تكن إذاً عادية قط، لأنها كانت بالنسبة للكثيرين مصدراً للربح، فصورها كانت تباع بأثمان باهظة، والبحث عن الصور (الاستثنائية) كانت بمثابة الاندفاع نحو الكارثة بالنسبة إليها وإلى الشهرة بالنسبة للصحفي الذي يلتقطها.. لهذا كانت صورها محل نقد وإعجاب معاً، كانت صورها في كل مكان، بحيث أنه لم يكن ممكناً أن تفتح جريدة أو مجلة بريطانية من دون أن تشهد صور الأميرة.. كان ذلك يضايق الملكة في أكثر من مناسبة، ولكن (ديانا) التي لم تكن أكثر من وجه شهير، استطاعت أن تظل الوجه رقم واحد في بريطانيا وفي العالم.. كانت مواقفها من الفقراء في العالم، وموقفها من الحروب، وموقفها من قضية الشرق الأوسط مثيراً للنقد والغضب من قبل العائلة المالكة، ربما لأن الأميرة ديانا التي حملت بين يديها ذات مرّة طفلة فلسطينية وقبلتها شكلت منظراً كبيراً، بالحجم الضخم، أزعجت اليهود كثيراً، فتلك الصورة لم تكن صورة امرأة وطفلة في نظر الكثيرين، بل صورة للأميرة ديانا وطفلة فلسطينية يتمها اليهود، مثلما يتموا الآلاف غيرها داخل الأراضي المحتلة.. هذا هو الطرح الذي جعل الغضب يصل إلى قمته، ربما لأن المخابرات البريطانية تحركت في التسعينيات بدورها، وفرضت على الأميرة حالة من المراقبة على كل تصرفاتها، بطلب شخصي من الأمير تشارلز، يقول الكتاب: ثم كان اللقاء بين الأميرة وبين (دودي الفايد)، ذلك اللقاء الذي كان بمثابة الشعرة التي قصمت الظهر بالنسبة للعائلة المالكة.. على الرغم من أن 82% من البريطانيين كانوا يعتبرون الأمر من حق الأميرة، وأنها تستحق حياة هادئة بعيدة عن مضايقات لقبها الذي ظل يطوقها حتى بعد انفصالها عن زوجها الأمير تشارلز، ثم كان الحادث، في أحد الأنفاق الباريسية. حادثة أسالت الكثير من الحبر، وجعلت الصحافة البريطانية قبالة الجدار كالمتهم الأول في الحادثة.
قبل فترة، وفي ذكرى وفاتها فتحت جريدة (التايمز) ورقة الأميرة ديانا، متسائلة عن الظروف والأسباب التي أدت إلى تلك النهاية التراجيدية، ربما لأن البريطانيين مازالوا يشكون في الموضوع، بل إن نسبة كبيرة منهم تؤيد احتمال (الحادث المدبر)، ربما لأن موت ديانا خدم العديد من الجهات، فالحادث أقصى امرأة كانت ستصنع انقلاباً حقيقياً في الفكر البريطاني، وبالتالي ذلك الإقصاء خدم كل الذين كانوا يكرهون رؤية الأميرة ديانا تعانق أطفالاً عرباً، وبالتالي الإقصاء خدم جهات كانت ترى في الأميرة (شخصاً مزعجاً) يقول الكتاب. ربما لأن موتها غمره الغموض من كل جهة أيضاً، ولأنه شكل المادة الصحفية لحزب العمال الذي وجد الفرصة السانحة لتوجيه الانتقاد اللاذع للجميع، بما في ذلك للإعلام وللمجتمع البريطاني معاً.. ولأن الصحف الفرنسية التي وقع الحادث على أراضيها وجدتها فرصة مناسبة للانتقام من الحكومة البريطانية، ومن الموقف الرسمي البريطاني الذي كان في عام 1997 يشن حرباً باردة على فرنسا، فقد استطاعت الصحف الفرنسية أن تمرر فكرة (الحادث المدبر) للملايين من القراء، الذين بدورهم صاروا يصدقون لحد الآن تورط المخابرات البريطانية والإسرائيلية في الحادث، لسببين.. أولهما أن (ملف ديانا) كان ملفاً كاملاً على مكتب رئيس المخابرات البريطانية، ولأن الإسرائيليين كانوا (يشتكون دائماً من تصرفاتها) إزاء تقربها غير الطبيعي من العرب، ومن الأفارقة من دول العالم الثالث، يقول الكتاب.
كتاب: ديانا، سيرة الذكريات الصادر في فرنسا، كان من بين الكتب الأكثر مبيعاً في المعرض الدولي للكتاب المقام مؤخراً في باريس، وترجم إلى 9 لغات أجنبية.

الكتاب :Diana, la biographie du souvenir
الناشر: J'AI LU- Paris 2004


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved