Saturday 19th June,200411587العددالسبت 1 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

المنشود المنشود
التستر العاري!!
رقية الهويريني

حدثتني مديرة مشغل نسائي عما تعانيه من منافسة حامية ، ليست من المشاغل القريبة أو المجاورة لها! لكن المنافسة من قبل الوافدات المرافقات لأزواجهن ، وذلك بعملهن غير النظامي بمهن قص الشعر والتجميل ، مما يجعل المشغل لا يعمل حسب ما خطط له بسبب ذلك التنافس غير المتكافئ ، حيث أوضحت أنها تقوم باستئجار محل كبير بمواصفات معقدة من قبل البلدية ، وتحضر أجهزة خاصة بالتجميل فضلاً عن استقدام عمالة مدربة بأجور مرتفعة ، إضافة الى ما تدفعه للبلدية سنوياً كرسوم لوحة على الشارع!!
وفي المقابل فان الوافدة (الكوافيرة) لا توفر لها مقراً معروفاً بل تكتفي بوضع ملصق يحمل رقم هاتفها الجوال على جدران مدارس البنات أو المشاغل النسائية أو المحلات الكبرى ، وبعدها تشرع بالدوران على المنازل وبعض مكاتب الموظفات ممن يرفض أولياء أمورهن دخول الكوافيرة منازلهم!! أما حين تحضر للمنزل فلا تكاد تتكلف سوى حقيبة يدوية تحوي فرشاة قديمة غالباً لاتقبل بها الزبونة ، ومقص يعلوه الصدأ! واستشوار قوته (صفر) فولت!! وتقوم بكل صفاقة بطلب أجهزة القص وتوابعها من الزبونة (طالبة الجمال) بالإضافة إلى طلبها للضيافة حسب وقت الحضور (فطور ، غداء ، أو عشاء) ولا يمنع من إحضارها لأطفالها لمنزل الزبونة نظراً لطول الوقت الذي ستقضيه في التجميل ، حيث تشترط عدم الحضور لسيدة أو فتاة واحدة بل لابد من تجميل الأسرة كلها حتى ولو كان تصفيف شعر جدهم الأصلع ، أو وضع حمام زيت للأب الأقرع ، فكل ينشد الجمال!! وهكذا تخرج من النزل وقد تأبطت ما لا يقل عن سبعة آلاف ريال ، حيث تجميل العروس بخمسة آلاف ريال وأخوات العروس وقريباتها ممن يرغبن بالظهور بصورة أجمل لعل ذلك يغري بخطبتهن! وهذه الكوافيرة الوافدة بعقيدتها التي قد تخالف شريعتنا وأفكارها الغربية ، وثقافتها التي لا تلائم عاداتنا وثوابتنا تأتي لتخضب الشعر بألوان نشاز ، وتصبغ الوجوه ، بل وقد تشوهها وتغير ملامحها البريئة ، وتكمل عملية التجميل بحشر الأجساد بملابس أقرب للعري منها إلى الستر والحشمة ، هذا عدا اغراءات البيع.. فهذا الكريم يبيض البشرة وذاك يطيل الرموش ، وآخر يزيل آثار الشيخوخة!!
ومن العجب ان إحدى الوافدات طلبت استئجار كرسي داخل أحد المشاغل بمبلغ لا يقل عن خمسين ألف ريال وتضاعف الإغراء وصولاً إلى مائة ألف ريال ، لتتمكن من الاتفاق مع العميلات بالحضور للمشغل تخوفاً من احتمال ملاحقة وزارة العمل الجديدة أو كما قالت: من الدكتور القصيبي وكأن الوزير أصبح شبحاً يلاحق المتخلفين من العمالة السائبة. ومما يجدر ذكره ما روته لي موظفة بأحد البنوك ان إحدى الوافدات بإقامة (عاملة منزلية) قامت بتحويل مائتي ألف ريال في شهر واحد وبعد التقصي وجد أنها (كوافيرة شنطة)! هذا عدا ما تقوم به الوافدات - المتستر عليهن - من المرور على مدارس البنات لتسويق الحلويات والمعجنات وبعض الاطعمة المجهزة مسبقا ، وتقبل عليها مربيات الاجيال ويطلق عليها (تعبئة فريزر).
ترى كم لدينا من عامل وافد يحول الملايين إلى بلاده ويعمل تحت غطاء التستر ونحن لا نملك إلا التحسر حين نرى عشرات المليارات تحول سنوياً ، والشكوى تتصاعد من بطالة الشباب ، وأبناؤنا وبناتنا لا يزالون يلوكون الكسل ويلفظون البطالة في تراجيديا أبطالها مواطنون لا يستشعرون معاني الانتماء ولا يقيمون للوطنية أي اهتمام ، وإلا ما الذي يغري هؤلاء الوافدين بالبقاء في بلادنا والعمل بهذه المهن التي لا تتطلب شهادات عليا ولا خبرات تراكمية ، ولا لغات أجنبية؟!!
والحقيقة أن هذا الوضع يتطلب وقفة صادقة وتعاوناً من المواطنين وقرارات صارمة وجريئة من وزارة العمل تضطر أبناءنا العاطلين إلى العمل بهذه المهن البسيطة التي تقوم بها العمالة الوافدة ، وهي أعمال شريفة ومربحة ، ومن غير المعقول أننا سنظل إلى الأبد نعتمد فيها عليهم. ولعل ما أفضى إلى هذه النتيجة الإفرازات السلبية لسنوات الطفرة ، فضلاً عن تساهل أنظمة الاستقدام في العقدين الماضيين. كما أنه من العدالة أن ننصف العمالة الحقيقية بأن من حقهم ان يحصلوا على أجورهم كاملة وتحويلها إلى بلدانهم ، ومن حقهم أن يعيشوا حياة كريمة بيننا ويستفيدوا من كل الخدمات المتاحة ، ولعلها دعوة أن يستفيد أبناؤنا من فرص بلادنا وينزلوا إلى الميدان ، بيد أنه لابد من حوافز تغري (حميدان) بالنزول للميدان ، هذا على الجانب الرسمي ، أما على الجانب الاجتماعي فإنه من المهم جداً تنظيم حملة وطنية اجتماعية لمكافحة التستر بالتوقف عن طلب خدماتهم ، والتبليغ فوراً عن مخالفتهم لأنظمة الإقامة التي تنص على ضرورة قيام الوافد بالعمل على نفس الوظيفة التي استقدم من أجلها. ولعل وزارة العمل تعالج وضع أسر الوافدين التابعين لهم وخاصة من تكون رواتبهم لا تكاد تفي بمتطلبات أسرهم فيبقون عالة على المجتمع إما متسولين أو عمالة سائبة ، أو يسألون الناس إلحافاً! أما مصطلح (خلوهم يترزقون الله) فالأقربون أولى بالمعروف ، وحين نقوم بتعرية التستر على العمالة غير النظامية فإننا نكون قد حققنا مقولة (زيتنا في دقيقنا)! فرغيف بلدنا حين تطحنه وتعجنه وتخبزه سواعد أبنائنا يكون ألذ وأشهى في أفواهنا!!

ص.ب 260564 الرياض 11343


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved