كانت الجماهير حتى الآونة الحديثة، تتعجب كيف يمكنها أن تشاهد على شاشة التلفزيون مباراة كرة القدم تجري في مكسيكو وينقلها قمر صناعي إلى كل أقطار العالم. إلا أن هذا التعجب أو هذا الإعجاب قد ولَّى زمانه! فان أسلوب المواصلات التلفزيونية أدرك حداً من الإتقان لم يكن يخطر على البال. فإن الأقمار الصناعية كانت تستلزم بناء محطات أرضية معقدة باهظة التكاليف لاستقبال البرامج الآتية عن طريقة الفضاء.
أما الآن فلا يستلزم هذا الاستقبال سوى هوائية جماعية كما أثبته الاختبار في الهند، حيث يسع أهل القرية أن يشاهدوا برامج تلفزيونية تأتيهم من أعلى مباشرة.
والمبدأ الأساسي في هذه الأقمار الصناعية المعقدة لإرسال برامج تلفزيونية، هو أن القمر (ثابت في الفضاء أو أنه يظهر للناظر كأنه ثابت لا يتحرك، والسبب في ذلك أنه يدور بعكس حركة الأرض وبالسرعة نفسها، فيظهر كأنه ثابت لا يتحرك.
ويسع الأقمار الصناعية الجديدة أن ترسل عشرين برنامجاً تلفزيونياً مختلفاً في آن واحد، ومائة وخمسين ألف مخابرة هاتفية بين قارة وأخرى.
وأصبح يسع كل قمر أن يظل في الفضاء ستة أعوام، بل ثمانية منذ اختراع الخلايا الشمسية أي التي تجتذب الطاقة الكهربائية من قوة الشمس وتغذي بها محركات القمر.
ويشتغلون الآن بصناعة نوع من أقمار المواصلات إذا (علق) في سماء بحر المانش استطاع أن (يغطي) كل الدول الأوروبية ببرامجه.
ولذلك كان لا بد أن يجتمع اتحاد المواصلات الدولي في جنيف بسويسرا لكي يوزع أطوالاً جديدة للموجات بحيث لا تحصل مداخلات بين البرامج المنتظرة وبين المواصلات اللا سلكية البحرية والجوية والبرقيات البريدية.. إلخ.
إلا أن الإتقان الصناعي والعلمي يصطدم في هذا المجال بعراقيل وحواجز سياسية واقتصادية وثقافية فبديهي أن كل دولة من دول العالم إنما تريد أن تراقب ما يأتي من الدول الأجنبية إلى شعبها من برامج ودعايات.. إلخ.
لا سيما أن الدول القديرة على صناعة مثل هذه الأقمار لن تمتنع في أغلب الظن عن الدعايات السياسية عملاً بمصالحها الخاصة.
|