*إعداد - خالد الدوس:
في الأسبوع الماضي استعرضنا جانباً من ماضي العميد كانت عبارة عن أحداث رياضية تاريخية تمخضت عن مسيرته التي قاربت على العقد الثامن.
ولأن الاتحاد النادي العريق يبقى عملاقاً بتاريخه ومدهشاً بإنجازاته ورائعاً في قاعدته الجماهيرية العريضة.. فقد حرصنا على تسليط الضوء على أبرز الأحداث التاريخية للحركة التأسيسية لعميد الأندية التي شهدتها ساحة المنطقة الغربية قبل أكثر من 77 عاماً حيث نكشف خلالها قصة تأسيس وولادة الاتحاد ومن هم المؤسسون وأبرز نجومه وإنجازاته التي تحققت في تلك الحقبة وكل هذه المحصلة التاريخية نتناولها عبر الأسطر التالية في الوقت الذي نثمّن فيه دور المؤرخ الرياضي الكبير الدكتور أمين ساعاتي الذي قام مشكوراً بتزويدنا ببعض المعلومات والحقائق التاريخية مؤكداً محبته واعتزازه للجزيرة.
******
البداية بحي البغدادية
تأسس فريق الاتحاد في النصف الثاني من عقد الأربعينات الهجرية من القرن الماضي ففي حي البغدادية بجدة وتحديداً أمام مقبرة أمنا حواء هذا المكان شهد الاجتماع التأسيسي الأول وذلك في عام 1347هـ الذي يمثل النواة الأولى لتأسيس نادي الاتحاد السعودي وطبقاً لما أشار إليه المؤرخ الرياضي الكبير د. أمين ساعاتي في اللقاء الذي خص به الجزيرة في العدد (11502) وتاريخ (5 صفر)1420هـ، حيث ضم الاجتماع الأول كلاً من المؤسسين وهم: عبدالعزيز جميل، عبدالله بن زافر ،عبدالرزاق عجلان، عبداللطيف بنجاوي، عباس حلواني، زهران إسماعيل، وعبدالله جميل، عبدالصمد نجيب ،صالح سلامة ،عثمان باناجه ،حمزة فتيحي، وعبداللطيف جميل.. وبعد أن اجتمع هؤلاء المؤسسون في غرفة اللاسلكي اتخذوا قراراً بتأسيس وولادة أول نادٍ بالمملكة (نادي الاتحاد عام 1347هـ) حيث تم إشعار اللاعبين بقرار التأسيس، واللاعبون هم:
أحمد تكروني، طموش، علي عماشة، علي يماني، بكر غريب شاه، أحمد أبو طالب، إبراهيم أبو شوشة، عبدالله عدني، حسن كمل، حسين العدلي وطبقا لما ذكره عبدالعزيز جميل (أحد مؤسسي الاتحاد) للدكتور أمين ساعاتي أن هذه المجموعة اجتمعت في اليوم التالي في منزله على طريق مكة ليشكلوا مجلس الإدارة ويضعوا بقية الأسس اللازمة لذلك وإعلان قيام ناديهم واختيار الشعار والملعب واللاعبين.
(سلطان) تزعم المجموعة
وبعد الاجتماع التاريخي الذي تمخض عنه ولإدارة العميد تم ترشيح واختيار العم حسن سلطان لتزعم هذه المجموعة ورئاسة هذا الكيان المخضرم وجاء ترشيحه باعتباره كان يتولى منصباً حكومياً رفيعاً في مدينة جدة وتحديداً في إدارة البرق والبريد حيث شغلت أول إدارة للاتحاد على النحو التالي:
علي سلطان (رئيساً) لهذا الكيان وصالح سلامة مدرباً وقائداً وعبدالعزيز جميل سكرتيراً وعضوية كل من عبدالرزاق عجلان وعباس حلواني، عثمان باناجه، عبدالله زفر، عبداللطيف بنجاوي، عبداللطيف جميل، زهران إسماعيل، ويعتبر هذا المجلس هو أول مجلس إدارة في تاريخ الأندية السعودية، وقد استمر (سلطان) في منصبه رئيساً لمدة ثلاث سنوات من 1347هـ حتى 1350هـ.
الاتحاد العتيد
جاء إطلاق اسم الاتحاد كاسم على هذا النادي العريق فهو يدل على اتحاد المجموعة إلى جانب أن مدينة جدة كانت تتأثر رياضياً بمدينة الإسكندرية ثغر مصر على البحر المتوسط كما كانت تتأثر بمدينة بور سودان ثغر السودان وإزاء ذلك كان الاتحاد يستقدم من بور سودان ملابس لاعبيه الرياضية عن طريق لاعبه زهران إسماعيل.
أسبوعان فقط
في أواخرعقد الستينات الهجرية تولى صالح سنبل رئاسة الاتحاد وحمزة فتيحي قائداً حيث لم تتجاوز فترة رئاسته للنادي سوى أسبوعين فقط وهي تمثل أقصر فترة رئاسية في تاريخ العميد ثم خلفه عبدالله زاقر في الرئاسة واستمر أقل من عام ثم استقال في 1369هـ.
الانقسام الأكبر
شهد نادي الاتحاد في بداياته التأسيسية العديد من الانقسامات الداخلية بين الأعضاء الإداريين واللاعبين وكان أكبر انقسام حصل عام 1370هـ بين الفتيحي واللاعب زكي داود - الذي سبق أن أشير إليه في الأسبوع الماضي عندما سعى الفتيحي إلى سعودة الاتحاد من السودانيين وعارضت الإدارة برئاسة عبدالعزيز جميل هذا المبدأ.. فاستقل الفتيحي بفريق الاتحاد الوطني الذي عرض على اثر الاتحاد السعودي واستمر 8 أشهر فقط ثم أوقف نشاطه بعد 18 شهراً من تأسيسه تقريباً أما القسم الآخر فقد كان يلعب بالاتحاد العربي السعودي (الاتحاد حالياً) وشكل على الفور إدارة جديدة وهو على النحو التالي:
عبدالعزيز جميل رئيساً لمجلس الإدارة وعبدالمجيد شبكشي نائب الرئيس وعبدالرحمن ملة ومحمد حسين اصفهاني سكرتيرا وحسن ايار محاسباً والسيد علي فكهاني أميناً للصندوق وسليمان خميس قائداً
دعم عبدالله الفيصل
لعب فريق الاتحاد المخضرم دوراً مهماً في النهوض بالحركة الرياضية في أواخر الستينيات حيث شهدت هذه الحركة آنذاك تلقي أول دعم مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية الذي كان حفظه الله يولي الرياضة عناية كبيرة فقد كان يعتبر لاعبي الاتحاد نواة طيبة للحركة الرياضية الجديدة بتشجيعه ودعمه حفظه الله حيث حضر لأول مرة مباراة الاتحاد والمنتخب البريطاني التي أقيمت عام 1369هـ وكان في معية سموه معالي الشيخ عبدالله السليمان وزير المالية آنذاك ومن هنا أخذت الرياضة في تلك الفترة تقف على أبواب صفة رسمية حكومية تمخضت عن الاعتراف الرسمي بها وإعلان تشكيل جهاز تنظيمي حكومي لها عام 1372هـ باسم إدارة الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية التي كان وزيرها آنذاك الأمير عبدالله الفيصل الذي كان يحضر المباريات وقوفاً وتشجيعاً للفرق السعودية بقصد وضع قاعدة انطلاق جديدة للحركة الرياضية وبالطبع كان الاتحاد وكعادته في دلوفه بوابة (الأوليات) كان أول هذه الفرق التي تلقى دعماً كبيراً ومباشراً من سموه الكريم.
جيل الذهب
ضم العديد خلال عقدي السبعينات والثمانينات العديد من النجوم والأسماء اللامعة التي تألقت بالخريطة الصفراء آنذاك ففي حقبة السبعينات الهجرية برز جيل كل من عبدالمجيد كيال ،صالح أبو تمنة، حسن عدني، أمين ساعاتي، شاكر باحجري، عبدالمجيد بكر، عبدالرزاق بكر، أحمد مسعود، القملة، عبدالمجيد راجخان، دانادانا وسعيد مصطفى حيث ساهم هذا الجيل في دخول العميد بوابة البطولات بدءاً بكأس ولي العهد وكأس الملك لموسم عام 1378هـ كأول فريق سعودي يفوز بكأس الموسم ثم كرر أبناؤه الإنجاز مرة أخرى عندما أحرز كأسي الموسم عام 1379هـ ثم تلا ذلك فوزهم بكأس الملك عام 1380هـ كأول فريق يفوز بكأس الملك ثلاث مرات متتالية..
وفي عقد الثمانينات تجلى كل من تركي بافرط - محمد كعدور - مبارك أبو غنم - غازي كيال - عبدالله بكر سعيد غراب - عبدالله صالح - غازي هشام - النور موسى - وغنيمة الحربي - حيث ساهم هذا الجيل في جلب العديد من الإنجازات والبطولات للعميد في تلك الحقبة التي تعد العصر الذهبي للاتي فقد فاز أصفر الغربية بكأس الملك عام 1383هـ ووصل لنهائي 1384هـ الذي خسره أمام الهلال في ملعب الصايغ بالرياض بنتيجة 3-1 بضربات الجزاء وفي عام 1387هـ فاز الاتحاد بكأس الملك بعد فوزه على فريق النصر 5-3 في لقاء نال حارسه الكبير آنذاك تركي بافرط لقباً تاريخياً من جلالة الملك فيصل رحمه الله.
(راعي المباراة) حيث أطلق عليه لقب خط ما جينوا المكهرب ثم توقف معين البطولات الصفراء في الحقبة التسعينية ليعود العميد مهرولاً لساحة الذهب بعد غياب دام 15 عاماً عندما انتزع لقب بطل الدوري المشترك لموسم 1402هـ ثم توالت البطولات والإنجازات لعميد الأندية في سنوات مختلفة وهكذا يبقى العميد كتاريخ عريق وماضٍ جميل وحاضر مزدهر أحد عمالقة الأندية السعودية المثيرة للجدل في كل شيء.
(السودانيون) عبروا بالكرة السعودية عن طريق بوابة العميد
ولأن الاتحاد صاحب لقب أول نادٍ تم تأسيسه بالمملكة هذا الفريق المدهش تاريخياً فقد ارتبطت مسيرته بلقب الأوليات التي أمنحت بسمة بارزة في تاريخ هذا النادي المخضرم الذي بلغ من العمر أكثر من 77 عاماً فقد كان أول نادٍ سعودي يستعين بالسودانيين في أواخر عقد التسعينيات الهجرية وتجلى ذلك في أول لقاء جمع الاتحاد مع الوحدة حيث تم اتفاق على إقامة لقاءين وديين الأول في جدة والثاني في مكة وإزاء ذلك استعان الاتحاد في المباراة الأولى بمجموعة من اللاعبين السودانيين أمثال عبدالحفيظ مرغني، وزكي داود، وعبدالحليم داود، محمد مختار، حمزة حسين وكشيب إذ شكل هؤلاء أول لاعبين يتم الاستعانة بهم من السودان وشكلوا أمام الوحدة أول دفعة من الجالية السودانية استعان فريق سعودي بها .
إعادة تجديد الاتحاد
أفرزت الخلافات التي اجتاحت نادي الاتحاد في عام 1374هـ إلى ابتعاد بعض اللاعبين عن الاتحاد واعتزل البعض الآخر بسبب تقدم السن. كما أن الإدارة كانت مشغولة بخلافاتها عن بناء جيل جديد من الناشئين والأشبال. ولذلك وجد الاتحاد نفسه في مأزق لا يحسد عليه، حيث أصبح الفريق كياناً بدون لاعبين.
وكان الرجل الذي لعب دوراً مؤثراً في علاج هذه المشكلة هو عبدالرحمن ملا رغم أن عبدالرحمن ملا لم يكن في الإدارة ولكنه اتحاديا تهمه مصلحة الاتحاد. فسأل الملا عن المكان الذي تتوفر فيه مواهب من اللاعبين فقيل له في برحة العيدروس بجدة تجد أحسن اللاعبين الموهوبين فعلاً ذهب عبدالرحمن ملا وعبدالحفيظ ميرغني إلى مشاهدة تمارين فريق الكوكب ببرحة العيدروس. وهاله المستوى الفني الرفيع الذي كان عليه اللاعبون عبدالمجيد كيال وعبدالمجيد راجخان ومحيي كيال وعبدالرؤوف كيال وشاكر باحجري وسالم باحجري ويوسف سمكري وحامد نقادي وصالح عدني وعبدالجليل كيال، ثم لحق بهم أمين ساعاتي وعمر راجخان وغازي كيال.. وسأل الملا عن أولياء أمور اللاعبين فعرف أن آباءهم يترددون على مقعد عبدالله صغير لنجاوي بحارة المظلوم. وفي مقعد اللنجاوي قابل عبدالله كيال وعبدالله باحجري وعرض عليهما أن ينتقل أبناؤهم من اللعب في الشوارع إلى اللعب في الاتحاد، فرفضوا لأن اللعب في الاتحاد يشغلهم عن تعليمهم، وتعهد عبدالرحمن ملا برعايتهم وتخصيص أوتوبيس يأخذهم إلى التمارين ويعيدهم إلى بيوتهم لاستذكار دروسهم، وتدخل عبدالرزاق عجلان وعبدالله صغير لنجاوي يؤيدان الملا وطلب من عبدالله كيال وعبدالله باحجري أن يوافقا على التحاق أبنائهم اللاعبين إلى الاتحاد صوناً لهم وضماناً لمستقبلهم الرياضي.
وعندئذ حصلت الموافقة وتشكلت من هؤلاء اللاعبين قاعدة نادي الاتحاد في هذه المرحلة. بعد صعودها للفريق الأول الذي حقق بطولات الاتحاد حينما بدأت مسابقة الدوري العام على كأس الملك ومسابقة دوري الكأس على كأس سمو ولي العهد لأول مرة في عام 1377هـ.
|