تحدثت في الأسبوع الماضي عن بعض النصائح والتوجيهات إلى كل عروسين، وفي هذا الأسبوع استكمل الحديث أن من الواجب عليه أن يحفظ أسرارها وبالذات أسرار الفراش وكذلك أيضا هي عليها ذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه) رواه أبو داود، ومما هو جدير بالاشارة إليه أن الحياة الزوجية متى سمح أحد الزوجين لأيّ كائن من كان التدخل في شؤونها فذلك يعني البداية الحقيقة لانهيارها مما يعني تفرق الزوجين بالطلاق وتشرد الأطفال وإن لم يكن ذلك فلا أقل من أن يعيش الزوجان وأطفالهما عيشة شقاق وجفاف عاطفي وحروب كلامية كل عشية وضحاها ويا ترى هل ينشد عاقل السعادة في تلك الأجواء!! وعليه أن يغار عليها الغيرة المحمودة وكذلك أيضا هي عليها ذلك، وعليه أن يكون متأنيا معها حليماً عليها ومتسامحاً معها وكذلك أيضاً هي عليها ذلك، وعليه أن يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر ويعلمها أمور دينها وما ينفعها في دنياها وكذلك أيضا هي عليها ذلك، وعليها بأن تسحره بالسحر الحلال وذلك بأن تبدع في زينتها وفي لباسها عندما يعود من السفر وعندما يعود من العمل وفي أوقات أخرى تعرفها حواء بفطرتها وأحاسيسها ومشاعرها، وعليها أن لا تذكر له مشاكل البيت والأطفال وطلبات المنزل عندما يعود من عمله وعندما تراه متعباً سواء كان تعباً جسدياً أو فكرياً أو نفسياً، وعليها أن ترضى بما قسم الله من رزق مع هذا الزوج وعليها الاعتراف له بالجميل والوفاء والطاعة في غير معصية الله وعليه أيضا هو كذلك، وعليها أن تبذل جهودها في إكرام أهله وضيوفه وأن تكون مهندسة ديكور مبدعة ولو كان أثاث منزلها متواضعاً وعليها أن تحرص كل الحرص على أن تملك قلبه وعينه فلا يخفق قلبه إلا لها ولا تنظر عيناه إلا لها وكذلك أيضاً هو عليه ذلك ويتأكد هذا الأمر وهذا التوجيه في زمننا هذا الذي كثر فيه فاتنو النساء من شياطين الإنس، وفاتنات الرجال من شيطانات الإنس، وهم وهنَّ كثر مع الأسف الشديد في القنوات الفضائية وفي المجلات الهابطة وفي الأسواق.
هذه نصائح وتوجيهات استقيتها مشافهة أو قراءة وتجربة من نصح الناصحين وتجربة المجربين أسطرها هنا نصحاً لنفسي قبل غيري فليس كل من كتب أو قال ناصحاً يعني أنه مطبق لما كتب أو قال، ولو قلنا للناصحين من بني البشر- ما عدا الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام - لا تنصحوا الناس إلا بما أنتم قد فعلتموه من تلك النصائح لما نصح ناصح من الناس أحداً، لذا فالنصيحة المتكاملة لا تعني أبداً كمال نصحها ومسديها!!
وقد يستغرب بعض القراء هذه التوجيهات السالفة الذكر ولكن هذا الاستغراب إن وُجد- فهو لا محالة زائل- بإذن الله تعالى- إذا ما عرفت مكانة الزوج عند الزوجة ومكانة الزوجة عند زوجها قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) رواه الترمذي، وقال تعالى:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} وقوله تعالى: { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}.وقبل الختام أود أن أهمس في أُذن كل قارىء وقارئة لهذه الأسطر وخاصة المقبل منهم ومهنَّ على الحياة الزوجية أن على كل واحد أن يعي الواقع فلا تذهب لب عقله الأحلام الوردية فيحسب أن الحياة الزوجية حياة حب وسعادة وغرام كما هو مقروء ومشاهد في قصص وروايات العاشقين والعاشقات بل هي حياة كغيرها لها تقلباتها وأسرار ففيها الوفاق والسعادة تارة وفيها الخلاف والحزن تارة أخرى فهي متقلبة كتقلب الأيام فيوم فيه ريح وصواعق وبرق ويوم فيه صفاء سماء واخضرار أرض ونسمة ربيع وخرير شلال ولو أن الحياة قد صفت أو ستصفو في مستقبل الأيام دون كدر يذكر لأحد من البشر لصفت لسيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم فقد فرح وحزن وضحك وبكى في عموم حياته ومنها الحياة الزوجية!!.
|