* طريف - محمد راكد العنزي:
في مثل هذه الأيام من كل عام يلجأ مربو الماشية في منطقة الحدود الشمالية التي تشتهر بتوفر الكثير من الثروة الحيوانية فيها إلى عملية منظمة لقص أصواف أغنامهم وخاصة مع انتهاء فترة الشتاء واعتدال الجو بشكل عام، حيث يستقدمون لهذا الغرض عمالة متخصصة في هذه الأعمال وذلك من بعض الدول العربية المجاورة كالأردن وسوريا وتركيا وذلك لقص الأصواف وتجميعها، وقد تجولت (شواطئ) في بعض براري الشمال لتقف معكم على هذه الأعمال الموسمية لمربي الماشية.
حيث قال في البداية علي الرويلي: ان القص في هذه الأيام يختلف كثيراً عما كان الحال عليه في السابق عندما كان الناس يعيشون مع بعضهم في بادية حيث كان الرجال ينظمون أنفسهم كل يوم لمساعدة واحد منهم فكانوا يتعاونون في جمع الأغنام وربطها وقص صوفها ثم جمعه في مكان واحد لتستفيد النساء منه في الغزل وصناعة المفارش والأغطية، ومنها ما يعرف عند أهل الشمال بالطراحة وهي ما يشبه فراش السرير الذي ينام عليه الفرد، وهناك اللحاف الذي يتغطى به الناس في الشتاء كما يصنع من الصوف في الماضي القبعات والقمصان للاطفال، أما اليوم فقد تغير الحال حيث اضحى صاحب الاغنام يضطر لاستقدام عمالة لهذا الغرض كما يجمع الصوف ولا يستفاد منه بالشكل المطلوب، حيث يباع إلى اشخاص يقومون بتصديره إلى داخل وخارج المملكة.
وعن فوائد القص للأغنام أوضح عثمان سالم بأن اشتداد حرارة الجو ترهق الخراف وتحد من تحركاتها حيث يصبح الصوف ثقيلاً، وقد يجمع الاتربة والغبار وتلتصق به أشواك النباتات ولذا فان في قصه فوائد كثيرة للأغنام، حيث تسهل حركتها ويظهر لها صوف جديد ونظيف، كما يستفيد اصحابها من بيعه في شراء الأعلاف لها، مشيراً إلى أن الأدوات التي تستخدم في القص نوعان هما: المقراض وهو مصنوع من الحديد ويشبه المقص العادي.. اما النوع الآخر فهو أطول منه قليلاً ويسمى (الزو) وهو يتكون من قطعتين وتم تركيبه، كما أن هناك (الماكينة) وتعمل على الكهرباء وهي تشبه ماكينة الحلاقة العادية التي تستخدم في قص الشعر عند صوالين الحلاقة، وهناك أيضاً أنواع أخرى من المقاصات ولكن غالبيتها رديئة الصنع وتتسبب في بقاء جزء من الصوف عليها واصابتها بجروح، ولكنه يتم علاجها سريعاً عن طريق وضع قطع من الصوف المبللة بالملح على هذا الجرح لتعقيمه.
كيف يستفاد من هذا الصوف؟.. أجاب على هذا السؤال صالح محمد بأنه وللأسف الشديد لا توجد جهات محددة لتأخذ هذه الكمية الكبيرة وانما يتم جمعها بعد قصها عن الاصواف في ربط كل مجموعة لوحدها فيما يسمى (بالجزة) حيث يتم جلبها إلى المشترين الذين يقومون بشراءها لتصديرها إلى الدول المجاورة كالأردن وسوريا وتركيا حيث تستفيد منه شركات الغزل والنسيج لتنظيفه وصبغه وتحويله إلى ملابس ومفارش، بينما يرسل القليل منه إلى داخل المملكة وأنا هنا أتمنى أن يتم اقامة مشاريع تستفيد من هذه الثروة الحيوانية التي تزخر بها منطقة الشمال عامة ومنها هذا الصوف الذي لا يستفيد منه حتى أصحابها حيث يباغ فقط بثلاثة ريال للجزة الواحدة.
فيما تحدث لنا في الختام عبيد عواد سوري الجنسية الذي أشار إلى أنه أمضى في هذا العمل أكثر من خمس عشرة سنة قضى غالبيتها في محافظة طريف وهو يعمل يومياً في قص كميات كبيرة من الاغنام بحدود 300 إلى 500 رأس وأحياناً أكثر من ذلك بكثير حيث يعمل معه العديد من الرجال من نفس جنسيته كما أن هناك عمالة من الجنسية التركية والباكستانية وجميعها اكتسبت خبرة من العمل في هذا المجال، واذا كانت هذه الأغنام كثيرة فإنه يتم الانتهاء منها في غضون خمسة أيام، وهي تحتاج إلى جهود كبيرة وقوة للامساك بالخراف وربطها وحملها إلى الرجال لقصها وهو عمل يعتبر موسمي اي انه لا يكون إلا مرة في كل عام بعد انتهاء فصل الربيع واعتدال حرارة الجو.
|