منذ عشر سنين خلت كان الفيزيائي الكندي (هارولدكوب) يجري على الكلاب تجارب غريبة مدهشة واكتشف أن جهاز الغدة الدرقية وشبه الغدة الدرقية أي مجموع الغدد الصماء الواقعة في أسفل العنق إنما يشتمل على مادة لها طاقة بمراقبة نسبة الكلس في الدم وبتنظيم هذه النسبة بمقتضى حاجات البدن.
وسماها (كالسيتونين) أو منظمة الكلس.
ولكن زملاءه الأطباء أوسعوه يومئذ نقداً، بل شتماً, قائلين إنه أحمق ولمثله جعل المارستان.
وليس مثل هذا بنادر في تاريخ الطب فكان باستور العظيم قد وصف بالأحمق أيضاً في زمانه وبالمتهوس المتعجرف الذي يظن أنه اكتشف أمريكا.
إلا أنه لم تنقض سنتان حتى تناول الباحثون اكتشاف العالم الكندي (كوب) فوجدوا أن الغدة الدرقية تحتوي على عامل مجهول يخفض نسبة الكلس في الدم, وتوسعوا في البحث حتى سنة 1965، إذ وجدوا لدى أجناس حيوانية كثيرة تلك المادة المسماة (كالسيتونين) وسموها الكالسيتونين الدرقية.
وفي سنة 1968 استطاعوا أن يعزلوا هذه المادة في غدة الخنزير وأن يطهروها. ثم استطاعوا أن يركبوها في المخابر الكيميائية.
وعندئذ أخذ الأطباء يطبقون استعمالها في الحالات المرضية وتبيَّن من مباحثات مستشفى (بيشا) الحديثة في باريس أن هذه المادة ناجعة جداً في علاج التلف العظمى الناتج إما عن تناقص الكلس وإما عن تزايده.
وعلى الإجمال تصلح هذه المادة في مكافحة هرم الأعضاء وانعكاسات الهرم على العظام فمعروف أن الإنسان كلما تقدم وطعن في السن أضحت عظامه سريعة الانكسار.
وقد تبيَّن أيضاً في مباحثات (بيشا) أن مادة (كالسيتونين) ناجعة جداً في معالجة حالة تناقص الكلس الشائعة لدى النساء الحوامل.
|