اعجبني مقال الكاتب الصحفي فهد الحوشاني الذي نشر في جريدة (الجزيرة) يوم الاثنين الموافق 19- 4-1425هـ العدد 11575 السنة 45، حيث يستعرض فيه تجربة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل حيث قام بعقد جلسة حوارية في قصره مع مجموعة من المفحطين حضرها مجموعة من المسؤولين في المنطقة وهذا الحوار الذي أجراه سموه شمل مناقشة جميع المواضيع المتعلقة بظاهرة التفحيط بكل شفافية وصراحة من خلال ما هو حجم هذه الظاهرة داخل المجتمع ومتى ظهرت هذه الظاهرة ومدى تطورها عبر الأزمنة التاريخية المختلفة والتعرف على الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى وجود هذه الظاهرة والتوقع بما سوف تؤدي إليه هذه الظاهرة من آثار سلبية على المجتمع في المستقبل.
ويستعرض فيه ما نسميه نحن كمتخصصين في علم الاجتماع (مواجهة الظواهر السلبية بأسلوب تنمية المواهب العلمية والفكرية والمهنية والابتكارية وكل مجالات الإبداع والتميز الموجودة لدى الإنسان والتي تفيد المجتمع) حيث انه كان هناك في إحدى القرى البريطانية مجموعة من المتسكعين في الشوارع الذين يعدون مصدرا لجميع المشاكل والازعاجات في القرية وجاءت إحدى المتخصصات في مجال الشباب وعرضت عليهم فكرة العمل في المجال المسرحي فقبلوا الفكرة بتحمس شديد وقاموا بتقديم عروض متميزة داخل القرية واصبحوا أعضاء مفيدين ومرغوب بهم بعد أن كانوا أشخاصا منبوذين وهذه التجربة التي ينقلها الكاتب إلى مجتمعنا السعودي تطرح مجموعة من الأسئلة التي تفرض نفسها وهي: (لماذا نشاهد في مجتمعنا نسبة عالية من الشباب السعودي تتسكع وتدور وتفحط في الشوارع مع افتقارها إلى الطموح والجدية في الحصول على مستقبل جيد والإصابة بالاحباط الشديد الذي يتعارض مع ما تعوله الأمة الإسلامية على شبابها في الحفاظ عليها بعد الله سبحانه وتعالى؟
وماذا قدمنا وعملنا لهم من تجارب تنتشلهم من الهاوية وتستعيد ثقة أمتهم الإسلامية بهم في مواجهة كل حملات التخريب والدمار الأمني والفكري والأخلاقي والاجتماعي في ظل متغيرات العالم تحت مظلة العولمة؟
إن تجربة الحوار التي طبقها أمير منطقة حائل كانت تسعى من وجهة نظري إلى تحقيق ثلاثة أهداف أساسية وهي على النحو التالي:
1- الوقوف بشكل واقعي وشخصي من سموه والتعرف على الأسباب الحقيقية التي تدفع هؤلاء الشباب لممارسة هذه الظاهرة التي تسهم في التشخيص الجيد لهذه الظاهرة من خلال وضع العلاج المناسب لها أثناء عملية اتخاذ القرار.
2- كان سموه يريد تحقيق سياسة الباب المفتوح وعدم تهميش الآخرين والأخذ بآرائهم من باب أن يجعلهم يحسون بمكانتهم داخل المجتمع وانهم أعضاء مفيدين فيه إذا تم توجيههم التوجيه الصحيح ويكسبهم الثقة بأنفسهم واحترام الآخرين.
3- كان سموه يحاول وضع هذه الظاهرة في إطارها الصحيح من خلال اعتماده في استراتيجية الحوار على لغة الإقناع بدلا من لغة الاجبار وتطبيق سياسة شعرة معاوية.
إن هذه التجربة تعتبر من التجارب الرائدة في التعامل مع الظواهر الاجتماعية السلبية التي يعاني منها الشباب السعودي بالأسلوب الصحيح والتي لابد ان تجد صدى واهتماما كبيرا عند جميع المسؤولين الذين يتعاملون مع أية ظاهرة سلبية خاصة الشباب وهم في دائرة اتخاذ القرار وادراج العقوبة.
فمن المفترض ان نهتم بشكل كبير بالتعرف على الأسباب التي تدفع المجرم والجاني لارتكاب جريمته ونعزز الجانب الاجتماعي في التعامل معه عند قضاء عقوبته ونأخذ هذا الموروث الخبراتي ونفيد به أفراد المجتمع الأسوياء محققين الدور الوقائي الذي ينص شعاره على (الوقاية خير من العلاج) لاستطعنا ان نحد من نسبة انتشار العديد من الجرائم والسلوكيات والظواهر التي تخالف القوانين الأمنية والمعايير الاجتماعية داخل مجتمع يريد التطور بكل ما تعنيه الكلمة.
ماجد الحواس/بريدة |