مسؤوليات المواجهة ضد الإرهاب

عززت كلمات سمو ولي العهد، وهو يخاطب المشاركين في الحوار الوطني، الثقة في قدرة الدولة على مواجهة أخطار الإرهاب والحد من استشرائها، مؤكداً أنّ واقع الأحوال يستوجب التحلي بالصبر مع الفئة الضالة والمغرَّر بهم من أبناء البلاد..
لقد جاءت هذه الكلمات تحمل الإحساس العميق بالمسؤولية تجاه جميع أبناء الوطن حتى وإن تورّط بعضهم في هذه الأعمال الدنيئة، وهي مسؤولية تقتضي مدّ حبال الصبر لعل البعض يرعوي عما هو غارق فيه ويعود إلى جادة الصواب..
إنّ فداحة ما يحدث من قبل هذه الفئة الضالة ينبغي أن ينبّه من ينتمون إليها للإقلاع عما هم فيه من تخبُّط وفوضى في الممارسة وفي التفكير أيضاً، إلى الدرجة التي يعتقد فيها هؤلاء أنهم يستطيعون التقرير والفصل في مسائل تصفية زيد أو عبيد من الناس دون مسوغات قانونية، فهم بهذا إنما يحملون القانون بأيديهم دون تفويض من أحد ودون الحصول على مقومات الفصل والقضاء والعدل..
بشاعة ما يحدث قد تكفي لإقناع البعض بالعودة، لكن الرفض الشديد من قِبل المجتمع ككل يسهم في عزلة مرتكبي هذه الجرائم، غير أنّ المجتمع يستطيع أن يكسب المعركة إذا أحسّ الناس بأن الأخطار ليست محصورة في مساحة معيّنة بل إنها تطال الجميع، وعندما يشمر الناس عن سواعدهم لخوض معركة نهائية ضد الإرهاب تتعدد أسلحتها من التوعية إلى الممارسة الأمنية الواعية التي تستطيع رصد كل شاردة وواردة في الفكر أو الممارسة أو ما يثير الريبة..
هناك نتائج مدمرة دائما لفوضى الإرهاب، وهي فوضى لأنها تنطلق هكذا تنزل الموت بالجموع بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ وغيرهم دون تفريق، ربما لأنهم يشعرون أن ما يقومون به هو فعلاً أمر مرفوض، حتى من قِبل الأطفال الذين يجدون أنفسهم فجأة وسط نيران الحقد وفوضى القتل..
ولهذا لا يجد الإرهابيون إزاء هذا الرفض الجمعي لهم إلاّ الهروب نحو المزيد من القتل ودفن الرؤوس بين أشلاء ودماء القتلى.
ومن المؤكد أن الأسئلة لا تزال حائرة في أذهان الصغار وهم يرون أحد أقرانهم وقد مزّقته رصاصات الغدر بينما كان يُفترض أن يكون بينهم ذاك الصباح يؤدي الامتحانات.
ومع كل جريمة جديدة يفقد هؤلاء الإرهابيون نقاطاً أخرى في معركتهم الخاسرة بينما يزداد الإصرار من الجميع على ضرورة استئصال هذه الشرور، ومع حركة السلب والخسران في جانبهم ومع ازدياد العزم على إزالتهم فإنّ النهاية الحتمية هي زوال هذه الشرور طالما أنه لا يسندها حق ولا تقف على أرض صلبة وليس من مبرر لوجودها.