ليس بنيتي في هذا المقال أن أحط من قيمة أحد، أو أقلل من شأن إنسان أو إنسانة نشترك وإياه هواء هذا الكوكب.
لكن أحيانا بعض الطروحات والأساليب الصحفية تجعلك تتوقف تحت تأثير الدهشة التي سرعان ما تنحدر إلى مسالك الطرفة بل تقودك إلى قهقهة محتقنة بالمرارات.
ففي الأسبوع الماضي، الأسبوع المحتقن بخوفنا وحزننا وقلقنا بعد أحداث الخبر، قرأت في جريدة محلية مرموقة تصدر في المنطقة الغربية سؤالا وجهه أحد الصحفيين الفنيين إلى (نانسي عجرم) لتطرح رأيها في أحداث الخبر، ولا تظنوا بأنني أطرح ذلك من باب السخرية أو المزاح، وقد فركت عيني أمامه عدة مرات فوجدته بتمام صحته.
ولا أدري عندما سألها المحرر هل أرسل لها بالفاكس موقع مدينة الخبر على الخارطة لتبدي رأيها؟؟ أم أنه اكتفى بتصريح سريع ساخن من (نانسي) للإرهابيين تقول فيه (حاخصمك.. آه)؟
لا أدري عن نوايا المحرر لكنني أجزم بأنها نوايا طيبة ومليئة بالحس الوطني المتحمس حماسا زائدا نوعا ما جعل المحرر يطيش صوابه فيسأل جميع الأسماء والأرقام التي تصادفه في نوتة هاتفه.
وهذا وهنا بالتحديد قضية إعلامية كثيرا ما يتورط بها الإعلام المرئي والمقروء، فقضية حضورك الإعلامي وأنك وجه معروف ومكرر إعلاميا لا يعني هذا بأنك أصبحت قادرا على الفتوى في جميع الأمور، وكم من قضايا سطحت وتفهت وفرغت من فحواها من خلال مناقشات لأفراد يفتقدون العمق الفكري والمعرفي الذي باستطاعته صياغة طرح فكر إعلامي ناضج وموضوعي.. ومحترم!!
ولا يعني بأنني حاضر إعلاميا يعطيني الحق بأن أكون على دراية بحركة أسهم ناسداك، أو أهم تفاصيل خارطة الطريق، أو آخر مقررات منظمة الجات، ولكن لابد لي كإعلامي أن أمتلك بعض اللياقة والحصافة، والتقدير للشعور والوجدان الشعبي المفجوع، أن امتلك بعض الوعي بالرموز التي يقبلها الشارع أن تناقش قضاياه وهمومه، أن أحترم أدواتي الإعلامية الموجهة لآلاف العقول والداخلة لمئات البيوت والأدمغة.
|