Thursday 17th June,200411585العددالخميس 29 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "متابعة "

خبراء الشأن السوداني ناقشوا في ندوة بالقاهرة خبراء الشأن السوداني ناقشوا في ندوة بالقاهرة
مستقبل السودان.. الآثار الداخلية والإقليمية للتسوية

* القاهرة - مكتب الجزيرة - ريم الحسين
مستقبل السودان! الآثار الداخلية والإقليمية للتسوية.. عنوان المؤتمر الحاشد الذي نظمه مركزالدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام بالقاهرة مؤخراً وذلك بحضور لفيف من خبراء الشأن السوداني تناول المؤتمر كافة الأبعاد والنواحي المتعلقة بالصراع في السودان ومراحله ومحاولات التسوية والاتفاق والوفاق بين الشمال والجنوب حتى اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه أخيراً.
ورغم ما يجمع عليه الخبراء والمحللون من ان اتفاق السلام الأخير خطوة هامة وجادة إلا انهم يعتبرونه ليس نهاية المطاف بل بداية مرحلة جديدة لا بد من العمل على إنجازها من أجل سودان موحّد ومستقر.
وحملت أوراق المؤتمر العديد من القضايا المهمة التي تلقي أضواء كاشفة على مستقبل السودان ففي ورقة عن سيناريو مستقبل السودان أكد الدكتور حسن أبو طالب رئيس تحرير التقرير الاستراتيجي العربي على ان المفاوضات في نيفاشا وما توصلت إليه من اتفاقيات تفصيلية بعد الاتفاقات الكلية الإطارية التي وقعت من قبل في مشاكوس وايا كان العوار والقصور الذي تتسم بها مؤهلة لأن تصل إلى نهاية ما بيد ان هذه النهاية ليست خاتمة المطاف بل هي بداية لمرحلة جديدة محمّلة باحتمالات عدة كل منها له أسسه القوية وصعوباتها العملية وتناقضاتها الذاتية مما سيجعل سيادة أي احتمال مرهونة بعوامل غير منظورة في الوقت الراهن ومرتبطه بالدرجة الأولى بالخبرة العملية التي ستنتج عن عملية التطبيق لاتفاق السلام ومدى الدعم الداخلي وحجم الدعم الخارجي التنموي والطابع والخالي من الضغوط والشروط والذي سيصل إلى السودان بجنوبه وشماله لبناء سودان جديد أكثر استقراراً ونهوضاً.
وتشير ورقه د. أبو طالب إلى ان كلاً الطرفين إذا ما كانا ملتزمين بصدق بالاتفاق ويؤمنان انه يدشن مرحلة تاريخية جديدة في تاريخ السودان سيكون عليهما تبعئة كل الحلفاء في الداخل والخارج من أجل إنجاحه وتثبيت ما فيه من مكاسب وتهيئة أفضل بيئة سياسية واقتصادية ومعنوية ممثلة قبل إجراء الاستفتاء بشأن مصير إقليم ايبي بعد ثلاث سنوات ونصف تقريبا وبالنسبة للجنوب بعد ست سنوات ونصف.
ويضيف أبو طالب ان الفترة الانتقالية ستكون محدداً هيكلياً لما سيكون عليه سودان المستقبل وهي فترة لن تنعدم فيها مشكلات كبرى أبرزها مشكلة بناء الثقة بين الطرفين المتفقين وحلفائهما من الرغم على انهما تفاوضا وقدما تنازلات متبادلة من أجل إقرار صيغة سياسية سلمية لسودان المستقبل إلا ان العمل المشترك معا يتطلب قدراً أكبر من مجرد الثقة المتبادلة وإعادة تأهيل كوادر الحركة الشعبية للعمل في ظل بيئة سياسية جديدة غير صراعية أيضا قدرة الحكومة السودانية على استيعاب المتغيرات الجديدة في هيكلتها وأبنيتها المختلفة سواء السياسية أو الأمنية أو الاعلامية كما ان هناك المسارات المختلفة التي ستتبعها التدخلات الخارجية وفي أي اتجاه.
أما السيناريوهات المستقبلية الكبرى فيحددها د. حسن أبو طالب بثلاثه احتملات: سيناريو اخفاق المرحلة الانتقالية والعودة إلى المجهول، السودان الموحد وهذا الاحتمال يعني ان يظل السودان بعد الفترة الانتقالية موحداً من الناحية الجغرافية وهو قائم على افتراض ان العوامل الهيكلية خلال الفترة الانتقالية سوف تلعب لصالح بناء ثقه حقيقه بين النخب الحاكمة الجديدة ورفع المظالم في الجنوب وان يكون هناك انفراج كامل في علاقات السودان الجديد الخارجية، أما الاحتمال الثالث فهو السودان المنقسم ..كيانان يفترقان بإحسان ولكن هذا سيكون نتيجة حتمية لفشل بناء النموذج الموحد من جهة ولعدم تفاعل العوامل الهيكلية بطريقة إيجابية تثبت خيار الوحدة الجغرافية والتنوع السياسي والديني وربما ايضا كنتيجة لنشوء عوامل معاكسة من داخل النموذج نفسه تؤكد استحاله التعايش السلمي وتبرر لكل طرف الافتراق باحسان.
الطرف الثالث
وتناول د. جمال عبد الجواد الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام في ورقته دور الطرف الثالث في عمليه سلاح جنوب السودان واصفاً طبيعة هذا الدور وأهميته واستخلاص الدورس المستفيدة منه في مفاوضات قادمة وحول أهمية وجود طرف ثالث قال عبد الجواد انه يأتي لتسهيل الانتقال من مرحلة الصراع إلى مرحلة التفاوض ولتوفير بنية تحتية للمفاوضات وتقديم التسهيلات اللوجستية وطرح أفكار تفتح أبوابا لطرف الصراع تساعدهم على التوصل لصياغات توفيقية لمواقفهم السابقة التي قد يصعب التوفيق بينها وطرح مقترحات محدده لحل الخلاف وتوفير إطار دائم يمكن من خلاله معاودة التفاوض واستعرض عبد الجواد محاولات دول الجوار والمبادرات العربية لتسوية الصراع في جنوب السودان والمبادرة المصرية الليبية التي كما يقول الباحث اتسمت بإخفاقها في إقامة صلة مع المبادرات الأخرى كما اتسمت بعدم تجاوزها لمستوى الأفكار والمبادئ العامة وعدم انتقالها إلى مستوى تقديم مشروعات تفصيلية محددة للطريقة التي سوف يتم بها حل المشكلات المختلفة موضع النزاع كذلك إحياء وتطوير المنظمة الحكومية للتنمية إيجاد ثم الدور الامريكي وتعامل الولايات المتحده الامريكية مع الصراع في السودان بشكل مركز ومكثف بعد هجمات سبتمبر ويشير الباحث إلى ان اهم نجاح للدور الامريكي هو ذلك الذي تحقق في بروتوكول مشاكوس والذي يمثل اتفاقاً بين طرفي الصراع في السودان على وضع إطار عمل لتسوية النزاع بشكل سلمي وقد جرى توقيع الاتفاق في بلده مشاكوس الكينية في مفاوضات تحت رعاية منظمة ايجاد.
ويشير الباحث في ورقته إلى ان المشكلة الأهم التي تواجه الأطراف العربية في الصياغات الراهنة للطرف الثالث هي انعزالها عنها الأمر الذي يثير مخاوف حول نوايا الأطراف ومدى التزامها بالنوايا المعلنة ومنذ توقيع اتفاق مشاكوس نشطت الجامعة العربية وبعض دولها لتعزيز تأثيرها على مستقبل الأحداث في السودان غير ان هذه الجهود لم تبدو كافيه.
وقدمت ورقة نبيل عبد الفتاح مساعد مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام رؤية جديدة لتطوير العلاقات المصرية السودانية من مدخل المجتمع المدني حيث أشارت الورقة إلى ان العلاقات المصرية السودانية تبدو أسيره تصورات مسبقة لدى الصفوتين المصرية والسودانية وتم اختصار السياسات في المياه والأمن من المنظور المصري وحينا آخر من الجانب السوداني في حين ان كلا البعدين محمل بأبعاد أخرى أكثر تعقيداً فالنيل والحصص المائية وراءها ومعها وحولها بعض التداخلات الثقافية والقيمية وتاريخ من الحياه الشعبية المشتركة ويرى نبيل عبد الفتاح ان اختصار العلاقات في المياه والأمن يجعلها أسيرة حلقة تدور من تحسن نسبي إلى اضطراب ومشكلات متبادلة وتبدوأن صفوتي البلدين وكأنها تعيد إنتاج غالب مكونات خطاباتها السياسية حول العلاقات ومشكلاتها ويؤكد الباحث في ورقته على ضروره تطوير العلاقات الثنائيه لأن العلاقة لا تتم في فراغ وانما تجري في إطار تغيرات إقليمية وعولمية وان ثمه أدوار بازغة لمنظمات المجتمع المدني في مصر والسودان وفي المنطقة وانطلاقاً من هذا التغير العولمي والإقليمي يمكن لنا ان نؤسس لأشكال جديدة من العلاقات الثنائية اعتماداً على إرث إيجابي نسبياً يعتمد على رأسمال ثقافي قائم على التفاعلات اليومية في مصر وان بناء أشكال من التعاون المشترك بين منظمات المجتمع المدني المصرية والسودانية أمر من الأهميه بمكان لأن ذلك يخلق مصالح ويبني خبرات ويبلور تطلعات مشتركة تطور العلاقات بين منظمات المجتمع المدني المصرية السودانية يمكن ان يكون مدخلات جديداً لتجديد العلاقات الثنائية وهذا لا يعني إغفال البعد الرسمي ولكن الاطار الشعبي يمكنه إيجاد بعض التحيد لرأسمال التفاعل الشعبي المشترك من ان يكون موضعا للانتهاك الرسمي في أوقات الأزمات الطارئه بين الصفوتين الحاكمتين.
سلام مشاكوس والخيارات المائية
وحول سلام مشاكوس ومستقبل العلاقات المصرية السودانية استعرض هاني رسلان خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيحية بالأهرام في ورقته اتفاق مشاكوس الإطاري وردود الفعل التي أطلقها هذا الاتفاق منذ توقيعه في 20 يوليو 2002 وقال رسلان انه منذ هذه اللحظه بدا واضحاً للجميع ان السودان لم يعد هو ذلك السودان الذي عهدناه طوال الخمسين عاماً الماضية بل سيكون هناك سودان جديد.
وأشار للموقف المصري من إطار مشاكوس قائلاً انه أثار الكثير من التحفظ في مصر على المستوى الرسمي وبدأ الكثير من المراقبين يرون ان حق تقرير المصير سيؤدي للانفصال ثم تأتي التحولات في الموقف المصري للتعامل مع الأمر الواقع باعتباران الاتفاق الإطاري قد تم توقيعه وان عمليه التفاوض ما زالت طويلة وأعلنت مصر انها تساند الجهود السودانية من أجل جعل الوحدة جاذبة وقيام الرئيس حسني مبارك بزيارة الخرطوم وفي هذه هذه الزيارة قرر مبارك والبشير تفعيل مؤسسات التكامل بين البلدين ثم قيام البشير بزيارة لمصر وتم الاعلان عن اتفاق البلدين على إصدار قانون يقر العمل بحريات التملك والتنقل والاقامة والعمل بين مصر والسودان ويخلص الباحث إلى التأكيد على ضرورة فتح صفحة جديدة في العلاقات بين مصر والسودان يتم إرساؤها على أسس وقواعد جديدة تقوم على أساس من الصراحة والمكاشفة.
وحول الخيارات المائية المصرية في حالة انقسام السودان قدم احمد السيد النجار ورقته التي استعرض فيها تدفق النيل من متابعة إلى السودان ومنها إلى مصر مرورا بالنيل الاستوائي والروافد الاثيوبية والنيل الرئيسي ومشروعات تنمية حوض النيل وإقامه السد العالي وذلك للتأكيد على ان العلاقة المائية بين مصر والسودان ظلت دائماً تتسم بأنها علاقة تعاونية بالغة العمق سواء تجسدت في مشروعات تم تنفيذها قبل الاستقلال أو بعد أو تجسدت في اتفاقية عام 1929والتي تم تطويرها في اتفاقية عام 1959 والاتفاقيات تقوم على تقاسم الدولتين للمياه وينبغي على مصر والسودان مواصلة التنسيق القوي والصارم بشأن قضايا المياه في أي مفاوضات جماعية لدول حوض النيل.. هذا عن طبيعة العلاقة المائية بين مصر والسودان الموحد أما في حالة انفصال جنوب السودان عن شماله وهو ما يحذر منه الباحث ويقول إذا أصبح خيار انقسام السودان إلى شمال وجنوب وراء فيجب ان تتعامل مصر مع هذا الخيار الذي لا تفضله بصياغة استراتيجية شاملة فهذا الخيار يتأسس على عدد من المسلمات أو الفرضيات وهي: ان شمال السودان هو مجرد معبر للمياه القادمة لمصر من الهضبتين الاستوائية والاثيوبية وان هذا المعبر آمن بفعل الاتفاقيات الموقعة في السابق مع دولة قائمة ومستمرة وبفعل الجوار الجغرافي المباشر والمصالح المائية المشتركة في الحفاظ على تدفق المياه لمصر ولشمال السودان معا.
ان جنوب السودان الذي يعاني من تخمه مائية ليس أمامه حصرياً لتوظيف موارده المائية سوى الاتفاق مع مصر ومع الشمال السوداني لإقامة مشروعات مائية وزراعية وصناعية مشتركة المشروعات الأساسية لتطوير الإيرادات المائية لنهر النيل هي مشروعات قام بتوقيعها جنوب السودان.
وأكد محجوب محمد صالح رئيس تحرير صحيفه الأيام في ورقته أزمه الجنوب.. الخلفية والتطورات إلى ان العلاقة بين شمال السودان وجنوبه ينبغي ان ننظر إليهما في أبعادها الجغرافية التاريخية والعرقية والثقافية والسياسية إذا كنا نريد لها حلاً دائماً في إطار الدولة السودانية الواحدة وأي محاوله لا تستهدف كل تلك الأبعاد مجتمعة لن تعود إلى أي مردود إيجابي ولن تقدم سوى مسكن للألم أو علاجاً للأعراض لا يلبث ان يزول مفعوله ويفجر الوضع من جديد.
وحول الأبعاد المتطوره للصراع بين جنوب وشمال السودان قدم فيصل محمد صالح توهو كاتب وصحفي سوداني في ورقته المداخل المتعدده للصراع والثابت والمتحول وجدل الهوية الدائرة مشيراً إلى ان المعركة ليست بين الشمال والجنوب لكن بين تصور قديم للدولة السودانية تستفيد منه الطبقة الحاكمة في الشمال وبين الأمن في الجنوب.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved