بعض من المديرين ورؤساء الاقسام الإدارية ينخدعون بأهداف مؤقتة زائفة ، منها مثلا فرض السطوة أو المهابة على زملاء العمل ، ويعتقدون انها أفضل وسائل وأدوات التسلط لضبط وسير العمل. بل ويمعنون في تقسيم الزملاء إلى مستويات وتقسيمات هيكلية تهدف في مضامينها إلى سيطرة مستوى من الموظفين على المستوى اخر وتحت مسميات مثل قسم المحاسبة وقسم المراجعة وقسم التدقيق وقسم التنفيذ وغيرها. وأمام هذه التقسيمات والطبقية كيف نتوقع وننتظر في المقابل العطاء المخلص والأداء الجيد خاصة وان ذلك النوع من المديرين يمعنوا في تقسيم أفراد زملاء العمل إلى فئات عليا ودنيا ، وإلى افراد مستوى أول وثان وثالث ، وتقيم بينهم عمداً وعن سابق إصرار حواجز وسلاسل تمييزية ، تتم بوضوح عن نية مبيتة تهدف إلى تباعد لا إلى دعوة تدعو إلى تعضيد سبل التعاون والمشاركة بين الجميع؟ الا نعرف شعور الموظف المخفي في سريرته نحو زملائهم في فئات الطبقة العليا ، التي تتمتع بداية من أماكن انتظار خاصة قريبة مظللة لسيارتهم الفارهة؟ والحاصلة على رواتب شهرية متضاعفة عشرات المرات عما يتقاضاه الواحد منهم في المستوى الثالث والرابع؟ الا نعرف ان الموظف البسيط يعلم ما يستغله موظفو الطبقة العليا وبكل سهولة من اجازات متتابعة من حين لآخر ، ومن امتيازات مادية ونقدية ونثرية ، من سيارات وسفريات مجانية حول العالم على حساب الشركة؟ نتساءل لماذا كل هذه الفوارق المعنوية والمادية الكبيرة الشاسعة؟ لماذا لا يتم تقليصها إلى حد معقول؟ لماذا هناك فئات وطبقة من موظفين الشركات لا يتم تعيينهم إلا بعد حين من الزمان ، حتى عند تعيينهم عليهم ان يلتزموا بالدوام اليومي وبمواعيد الحضور والانصراف ، براتب لا يكاد يسد كفاف عيالهم ولحد الفقر (800 ريال في الشهر).
إذا أراد حقا مدير أي شركة اقتصادية ان يزيل هذه الحواجز الموجودة التي تعلي أبراج العزلة ، وتهدم جسور المشاركة والتعاون فعليه أن ينسف اكبر العوائق المعنوية وازالة المستويات والتقسيمات الإدارية المتعددة الطبقية ، فلكما زادت المسافة بين فئات المديرين وبين موظفي الفئات الوسطى والدنيا زاد الحاجز المعنوي الذي ينمي داخل الموظف شعور الكره والحقد ، وبأنه يعمل لحساب الغير ولخير الغير ولا يحصل إلا على القليل واليسير ، مما يعطى في المقابل ، وإذا كان مدير شركة ما حقا يريد بناء المشاركة فلماذا يجبر الموظف البسيط على تبجيل الآخرين ، وباستخدام كلمات النفاق عند مخاطبة المستوى الاداري الأعلى منه مثل كلمات (سيادة ، وسعادة ، الخ) نتساءل هل أعضاء الأسرة الواحدة ينادون بعضهم بعضا مثلاً بسعادة الوالد أو بسيادة الأخ الكبير في المنزل؟ إن فرض الألقاب وغيرها من الشكليات ، ما هو إلا الجانب الظاهر من الحواجز التي نقيمها لنثبت لأنفسنا والتي في الحقيقة تخفي وراءها اشكالا اخرى من الحواجز والبعد بين فئات وطبقات الشركة الواحدة.
|