يقول المثل همة الرجال تزيل الجبال, وقد يكون في هذا شيء من المبالغة, إذ ان إزالة الجبال بيد الإنسان ليست بالأمر السهل, وهو مثل سائر بين الناس يعبر فيه عن قوة الإرادة وصدق العزيمة والاخلاص فمتى توافرت هذه الثلاث لدى الانسان فهو جدير بأن يعمل كل شيء, وإذا كان هذا المثل الذي يعتمد على المبالغة مازال الناس يتداولونه.
فقد أصبح حقيقة لا مبالغة فيه وإذا أردنا تطبيق هذا المثل في وقتنا الحضار فإن أنسب مايمكن ان نطبقه عليه هو أن همة الرجال وبكل تأكيد أزالت الجبال, ودكتها فكأن لم تكن, ولقد رأيت منذ ثلاث سنوات بالتحديد جبالا شامخات تحول دون المرء وطريقه الذي يسلكه وتصبح عائقا له دون وصوله إلى البلاد التي يرغب السفر إليها إلا بشق الأنفس وبعد السهر والتعب وهذا ما شاهدته في الطريق الكبير الذي يصل الطائف بعسير فقد كان منذ ثلاث سنين سلسلة من الجبال متصل بعضها بالآخر صعبة المسالك لا تسلكها سيارة إلا وهي مقدمة على الانتحار (ان جاز هذا التعبير) غير أنه بفضل الله ثم همة الرجال المخلصين بل بفضل الله ثم بهمة الرجل العظيم جلالة الفيصل المفدى أزيلت تلك الجبال من عالم الشموخ إلى عالم الطريق السهل المعبد, ان الذين قدر لهم ان يشاهدوا طريق الجبال منذ ثلاث سنين لايصدقون أنفسهم ان تلك الجبال دكتها همة الرجال وحولتها إلى طرق سهلة المسالك ولا يصدقون ان تلك المسافات التي يقطعونها في أيام أصبحت تقطع بساعات وأن الذين قدر لهم معرفة تلك الأودية الجبارة التي طالما أوقفت مسيرتهم عند نزول الأمطار أضحت طرقا معبدة تعلوها الكباري الجبارة يسلكها المسافرون وهم مرتاحون مهما كانت قوة السيول, ان هذا الطريق الكبير الذي سيربط شرق المملكة وغربها وشمالها بجنوبها لهو مفخرة من مفاخر الدولة بل معجزة من المعجزات لأنه طريق يمر مع قمم الجبال ومع الأودية العميقة.. وان الذين لم يقدر لهم سلوك ذلك الطريق لايعتقدون أبدا انه كان بهذه الصعوبة بل يظنونه طريقا عاديا وأنه من الضروري لوزارة الاعلام ان تأخذ له صورا ليست للدعاية فنحن في غنى عنها ولايهمنا إلا الأعمال فقط بل لتطلع عليه المواطنين ليعرفوا الحقيقة وليعرفوا صعوبة هذا الطريق في الماضي وسهولته في الحاضر وانه لمن الضروري أيضا ان تجري وزارة الاعلام مع سائقي السيارات بهذا الطريق بصفة خاصة مقابلات تستعلم منهم عن كيفية هذا الطريق وخطره في الماضي وعنه في هذه الأيام وعن سهولته وراحة المواطنين به وإنها لفاعلة ذلك ان شاء الله, انه طريق عظيم وهو بدون شك شريان مهم وهام جدا لربطه الشرق والشمال والغرب من هذه المملكة الفتية بجنوبها ولو قدر لوزارة الاعلام ان تأخذ لهذا الطريق فيلما ملونا لجباله وسهوله وأوديته وأشجاره وطبيعته وتعرضه للمواطنين لكان أحسن ما يقدم للمواطنين من المشاهد, لم أكن أصدق في الماضي ان همة الرجال تزين الجبال بل كنت أجزم أن هذا مثل مبالغ فيه أما الآن فقد تحققت ان ذلك حقيقة واقعة وعلى كل من لايصدق هذا أن يسافر مع طريق الجبال ليصدق مثلي ان همة الرجال تزيل الجبال.. حفظ الله لنا ديننا ووطننا ومليكنا العظيم فيصل بن عبدالعزيز الذي يعود له الفضل في هذا الطريق الكبير.
|