يعد فيروس الكبد من نوع (ج) من أكثر الأمراض الفيروسية انتشارا في العالم. ويسبب هذا الالتهاب في العادة قلقا كبيرا عندا المريض ومن حوله بسبب قلة المعلومات الصحيحة وانتشار المعلومات المغلوطة التي كثيرا ما يتبرع بها بعض الناس من غير دراية أو خبرة ومحاولة منا لنشر الوعي الصحيح حول هذا المرض وتوضيح الحقائق العلمية المتعلقة بهذا الفيروس يسرنا أن نقدم لكم هذه النبذة المختصرة بناء على أحدث المعلومات الطبية الموثوقة:
*ما فيروس الكبد (ج)؟
- هو ميكروب فيروسي منتشر يصيب الكبد بالدرجة الأولى ويسري في الدم, وقد تم اكتشاف هذا الفيروس عام 1389 ويصيب حوالي مائة وسبعين مليون إنسان في جميع دول العالم. أما طرق انتقاله فهي:
1- أهم طريقة لانتقال الفيروس هي التعرض للدم الملوث، ويمكن أن يتم ذلك بعدة طرق منها:
- نقل الدم: وقد كانت هذه الطريقة لنقل الفيروس شائعة قبل عام 1410، حيث إنه لم يكن هناك فحص مخبري لهذا الفيروس، ولكن بعد عام 1410 فإن جميع المتبرعين بالدم يخضعون إلى فحص دقيق بنسبة 99% وإذا ثبتت إصابتهم بالفيروس فإنه يتم استبعاد هذا الدم وعدم استخدامه لمريض آخر. وبالتالي، فإن انتقال الفيروس عن طريق نقل الدم نادر الحدوث ولله الحمد.
- التعرض للإبر الملوثة أثناء العلاجات الطبية وربما كان هذا من أهم طرق انتشار الفيروس في الدول الفقيرة، حيث لا يتم تعقيم الإبر ويتم استخدامها بشكل متكرر، وكذا الحال مع معدات طب الأسنان والمعدات الجراحية، ونرجح أن يكون هذا سببا مهما في انتقال الفيروس إلى مرضى كثيرين في المملكة العربية السعودية قبل النهضة الحديثة ولكنه نادر في هذا الوقت.
2- في حالات نادرة يمكن انتقال الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي وتعد نسبة حدوث ذلك حوالي 2% بعد عشرين سنة من الزواج وبالتالي فهي نسبة قليلة جدا ولكنها محتملة.
3- في بعض الأحيان لا توجد أسباب واضحة لانتقال الفيروس.
داخل الأسرة
* هل يمكن أن ينتقل الفيروس (ج) داخل الأسرة في الأحوال العادية وبالتالي فلا خطورة في العيش مع المصاب بشكل طبيعي ومن ذلك الأكل والشرب واستعمال دورة المياه والتعامل مع الأطفال وغير ذلك وينبغي الحذر فقط من التعرض لدم الشخص المصاب وقد يحدث ذلك نادرا في حالة استعمال فرش الأسنان من عدد من أفراد الأسرة أو أمواس الحلاقة لذا لابد من أن يكون لكل فرد من أفراد الأسرة أدواته الخاصة به ويسري ذلك أيضا على العمل والحياة العامة حيث لا توجد خطورة في أن يعمل المصاب بالفيروس في أي عمل لا يوجد فيه احتمالية تعرض الآخرين لدمه.
* الحوامل
* هل يمكن أن ينتقل الفيروس من الأم الحامل إلى الوليد؟
- ولكن ذلك يحدث في حالات لا تتجاوزه 5% كما أنه ثبت علميا وجود كميات بسيطة جدا من الفيروس في حليب الأم ولكنها لا تكفي للإصابة بالفيروس وبالتالي فإنه لاداعي للامتناع عن الرضاعة الطبيعية في حالة إصابة الأم.
* كم نسبة الإصابة بهذا الفيروس في المملكة العربية السعودية؟
- تقدر نسبة 40% الإصابة بهذا الفيروس في الأطفال بحوالي 04% وفي الكبار بحوالي أغلى 3% والجدير بالذكر أن كل الدراسات تبين انحسارا في نسب الإصابة بهذا الفيروس في المملكة بنسبة تزيد على خمسين بالمائة بفضل الله وذلك نتيجة لتحسن مستوى النظافة والوعي الصحي ونتيجة فحص الدم المتبرع به بشكل روتيني وتطور الرعاية الصحية وتعقيم الأدوات الطبية.
*اللقاح
*هل هناك لقاح واق من هذا الفيروس للأسف فإن الأبحاث العلمية المكثفة لم تتوصل حتى الآن إلى لقاح واق من هذا الفيروس؟
- عند التعرض ماذا يحدث في حالة تعرضي للفيروس (ج) في حالة تعرض الإنسان لهذا الفيروس ودخوله إلى الدم عن طريق إحدى الوسائل السابقة فإنه يبقى في الجسم ويشكل مرضا مزمنا في الغالبية العظمى من المصابين وفي حالات أقل من 30% يمكن تخلص الجسم منه بشكل نهائي.
* ماذا يحدث إذا بقي الفيروس في الجسم؟
- في هذه الحالة يبدأ الفيروس في التكاثر داخل الكبد ويمكن أن يسبب التهابا في الكبد.
* أعراض هذا الالتهاب؟
- الغالبية العظمى من المرضى لا يشعرون بأي أعراض ولذلك غالبا ما يفاجأ المريض عندما يعلم أنه مصاب بهذا الفيروس وفي بعض الحالات يمكن أن يشعر المريض بشيء من الإرهاق والخمول ويصيب بعض الناس آلام بسيطة في العضلات والمفاصل وفي حالة تأثير الفيروس على الكبد فإن المريض قد يشعر ببعض الآلام في المنطقة العلوية اليمنى من البطن في الحالات الحادة وقد يلاحظ اصفرار في العينين وقد يصبح لون البول داكنا جدا.
* ما معنى تليف الكبد؟
- تليف الكبد يعني تحول الكبد من الوضع الطبيعي إلى وضع مرضي بحيث تتحول خلايا الكبد بعد موتها إلى أنسجة ليفية وبالتالي تضعف قدرة الكبد على القيام بوظائفه الطبيعية.
أعراض تليف الكبد
تعتمد الأعراض على مرحلة التليف ففي المرحلة الأولى: ربما لا يشعر المريض بأن أعراضه على الإطلاق سوى بعض التعب والخمول وعند تقدم المرض قد يعاني بعض المرضى من تجمع السوائل في البطن مما يؤدي إلى انتفاخ في البطن وقد تتجمع السوائل أيضا في القدمين مما يؤدي إلى تورمهما وفي الحالات المتقدمة تزيد نسبة سيولة الدم مما قد يؤدي إلى سهولة النزف كما قد يحدث لاقدر الله نزف من الدوالي التي عادة ما تحتقن في مجرى الطعام مما يؤدي إلى نزف في الجهاز الهضمي يظهر على شكل استفراغ الدم أو أن يتحول لون البراز إلى اللون الأسود ويعد المرضى المصابون بالتليف معرضين إلى أورام الكبد الخبيثة ولذلك فلا بد من خضوعهم إلى برنامج من التحاليل والأشعة الصوتية للكبد كل ستة أشهر للتأكد من خلوهم من الأورام في مرحلة مبكرة إذا تكونت لا قدر الله.
احتمالية تطور حالتي إلى التليف
يحدد الطبيب المعالج ذلك عادة من خلال الفحص السريري وتحاليل الدم والأشعة الصوتية ولكن بشكل عام فإن نسبة حدوث التليف قليلة لا تتجاوز 02% في المرضى المصابين بالالتهاب المزمن والجدير بالذكر أن الفيروس يحتاج إلى سنين طويلة تتجاوز العشرين سنة حتى يتم التليف الكامل في المرضى المعرضين للتليف وبالتالي فمن المهم أن يعلم جميع المصابين بهذا الفيروس بأن احتمالية أن يصاب بالآثار الجانبية للفيروس وأخطرها تليف الكبد لا يتجاوز عشرين بالمائة وأنه في الغالبية العظمى من المصابين (ثمانين بالمائة) لا يؤدي الفيروس إلى أي مضاعفات ويبقى الفيروس في دم المريض وكبده دون أي تأثير عليه كيف يمكنني أن أقلل من احتمالية تقدم المرض إلى التليف.
من المهم أن يقتنع المريض بأن احتمالية تطور مرضه إلى التليف الكامل هي احتمالية موجودة ولكنها أقل من عشرين في المائة في الأحوال العادية أي أن من كل عشرة مصابين بالفيروس فإن أقل من اثنين فقط يصابون بالتالي فإن أخذ الأمر بروح إيجابية متفائلة والتوكل على الله تعالى يعتبر أمرا هاما من المهم أيضا الحفاظ على الصحة العامة من الغذاء السليم والرياضة والحفاظ على النظافة الشخصية وقد أوضحت الدراسات أنه لا يوجد نوع محدد من الأطعمة يساعد الكبد أو يؤدي إلى شفائه من الفيروس وبالمقابل فإنه لم يثبت أن أي نوع من الأطعمة يضر الكبد أو ينشط الفيروس وبالتالي فإن الغذاء الصحي المتوازن والتقليل من الدهون والنشويات يعتبر غذاء مناسبا لمرضى الكبد وفي حالات خاصة منها وجود تليف في الكبد وتجمع للسوائل في البطن أو القدمين ينصح المريض بالامتناع عن ملح الطعام ومن الجدير ذكره هنا أنه يجب على جميع مرضى الكبد الامتناع التام عن تناول المشروبات الكحولية التي حرمتها الشريعة الإسلامية على جميع المسلمين حيث ثبت علميا أنها تزيد من نشاط الفيروس في الدم وتزيد من نشاطه في الكبد وتسرع عملية التليف وأهم نقطة في هذا السياق هو المتابعة المستمرة للمريض بحد أقصى سنويا حتى يتسنى للطبيب تقديم النصح المناسب للمريض بخصوص حالته الصحية.
* كيف يتم تشخيص التهاب الكبد (ج)
- عادة ما يتم تشخيص الإصابة عن طريق فحص الأجسام المضادة للفيروس (Anti- HCV AB ) والتي تدل في حالة وجودها في الدم على الإصابة بالفيروس ويمكن بعد ذلك تحديد نسبة الفيروس في الدم بواسطة تحليل (بي سي أر ) (PCR ) والذي يبين عدد الفيروسات الموجودة في الدم في لحظة زمنية معينة.
تحليل وظائف الكبد
من أهم وظائف الكبد القيام بإنتاج بعض البر وتينات المهمة والتحكم في نسبة سيولة وتخثر الدم والتحكم في نسبة السكر في الدم وإفراز المادة الصفراء المساعدة على هضم الدهون وتعكس تحاليل وظائف الكبد قدرة الكبد على القيام بواجباته الطبيعية السالفة أو تأثره بسبب مؤثر مرضي مثل الفيروسات أو الخلل المناعي أو السموم الأدوية.
* ما عينة الكبد وهل خطرة؟
- عينة الكبد تعنى أخذ عينة صغيرة جدا من الكبد عن طريق إبرة تدخل إلى الكبد من الجنب الايمن لأعلى البطن عن طريق الجلد بعد التخدير الموضعي وتدرس هذه العينة من قبل الطبيب المختص بعد معاينتها بالمجهر وتفيد هذه العينة كثيرا في التعرف على حالة نسيج الكبد بشكل مباشر فهي تحدد لنا بدقة شدة الالتهاب في الكبد وتبين لنا إن كان هناك بداية تكون أليافا في نسيج الكبد ومدى انتشارها وتستخدم هذه العينة من قبل الطبيب للمساعدة على تقرير حاجة المريض إلى العلاج. وتعتبر العينة من التحاليل الآمنة إذا أخذت الاحتياطات الطبية اللازمة وقد تحدث بعد العينة آلام بسيطة في أعلى البطن أو في الكتف الأيمن سرعان ما تزول وفي حالات نادرة جدا قد يحدث نزف داخلي من موضع العينة قد يحتاج إلى تدخل طبي وعادة ما يراقب المرض بعد أخذ العينة لمدة ثلاث ساعات يستطيع بعدها مغادرة المستشفى بأمان.
د. أيمن أسعد عبده
استشاري الكبد بمستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض والأستاذ المساعد بكلية الطب
بجامعة الملك سعود
|