هذه المرة زاوية أضواء (دعوة للخير) و(دعوة لتحقيق حلم طفل فلسطيني).
كيف نحقق حلم طفل فلسطيني.. وكيف نلبي دعوة الخير.. إليك هذه القصة كما أبلغني بها الزميل بلال أبو دقة مدير مكتب جريدة الجزيرة في قطاع غزة على لسان الطفل الفلسطيني.
منظر لن أنساه أبداً، كنا أربعة أطفال ممددين على بركة من دم في سيارة الإسعاف، الدم كان ينزف منا كلنا، لا أعرف، هل كان من بيننا شهداء، واحد من الأطفال الأربعة كانت رقبته مفتوحة والدم ينزف منها، منظر أخافني وأنساني رجلي المبتورة.
بهذه الكلمات بدأ الطفل الفلسطيني حمد محمود النيرب (11 عاماً)، من مخيم الشابورة في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة حديثه ل(الجزيرة)، الطفل محمد فقد ساقه لا لسبب إلا لأنه شارك في مسيرة سلمية تضامناً مع أهالي حي تل السلطان غرب المدينة.. لم يفقد الطفل محمد ساقه فحسب بل فقد أيضاً حلمه بأن يجعل من نفسه رونالدو فلسطين، كان يعشق النجم البرازيلي رونالدو، وأحب أن يرتدي القميص (رقم 9).
وفي يوم التاسع عشر من أيار - مايو الماضي، تجمع حمد وأشقاؤه حول المذياع يتابعون تفاصيل الهجوم الصهيوني على حي تل السلطان، الذي تحول إلى ساحة حرب تدوسها الدبابات، ويمارس فيها القناصة الإسرائيليون هواية قتل الأطفال وأحلامهم.
خرج الطفل حمد للمشاركة في المسيرة السلمية التي انطلقت نحو تل السلطان من جامع العودة، يقول حمد: لم يكن فيها مسلحون ولا حتى أعلام، كنا نهتف ضد الهجوم على تل السلطان، كان فيها أولاد صغار كثر شابكون أيديهم مع بعض، فجأة دبابتان أطلقت علينا قذيفتين، شردت ولم اصب ثم جاءت مروحية أطلقت صاروخين، واحد بعيد عني قليلاً والآخر جنبي، شعر بألم.. طرتُ في الهواء والغبرة ملأت الدنيا، ارتميت على الأرض ولم اشعر برجلي، حاولت أن أقوم لم اقدر، ورأيت رجلي تنزف وكانت على وشك الوقوع.
صرت أصرخ وأنادي طالباً الإسعاف، جاء مسعف وحملني، المنظر كان رهيباً، أولاد صغار، بجانبي يصرخون، بعضهم استشهد وآخرون أصيبوا، الدم غطى الأرض، غبار، ورائحة الصواريخ وصوت الإسعاف، وغبت عن الوعي.
وبعد أن تبدد حلم الطفل حمد في أن يصبح لاعب كرة قدم مميز بدأ يفكر بأن يصنع لنفسه حلماً جديداً، فهو يطمح الآن في أن يكون مهندساً للكمبيوتر، ويواصل حياته كما واصل أسلافه من الأطفال والشبان، الذين أجبرتهم الصواريخ على ابتداع آمال جديدة.
قال الطفل حمد من على سرير المستشفى الأوروبي، بعين منكسرة: لقد انتهى الأمر، رجل واحدة لا تنفع، كرة القدم ليست لعبة شطرنج، سأنهي المدرسة، سأكون مهندس كمبيوتر، الكمبيوتر لا يحتاج إلى رجلين، المهم أن يكون مع والدي نقود حتى يعلمني.. نظر الطفل إلى والده محمود الذي تجاوز الستين من عمره، كان الوالد غارقاً في بحر من الهموم.
والد الطفل يعاني من مرض في القلب.. ومع هذا المرض يسعى لتحقيق حلم طفله.. فهل نجد من رحماء العرب والمحسنين دعماً لتحقيق حلم الطفل الفلسطيني وينهي هموم أب مريض.
|