Tuesday 15th June,200411583العددالثلاثاء 27 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

د.آل زلفة في محاضرة بمركز الملك فيصل: د.آل زلفة في محاضرة بمركز الملك فيصل:
التاريخ المعاصر للمملكة وسبل تطوير توثيقه ودراسته وتدوينه

* الرياض - عبدالله هزاع - تصوير - عبدالله المسعود:
تناول عضو مجلس الشورى الدكتور محمد بن عبدالله آل زلفة في المحاضرة التي ألقاها في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية تحت عنوان (التاريخ المعاصر للمملكة العربية السعودية وسبل تطوير توثيقه ودراسته وتدوينه) مسألة هامة تتمثل في البحث عن الحقيقة والطريقة المثلى في الوصول اليها عند كتابة تاريخنا الوطني، لكيلا نكثر التكهنات والتغيرات، والفرضيات، والاحتمالات، والادعاءات التي تنشط في غياب الحقيقة الكاملة.وللوصول إلى الحقائق والى الحقيقة من منظور تاريخي بحت قال الدكتور آل زلفة: انه يجب علينا الانطلاق من خلال ثلاثة مرتكزات، الأول: يكمن في إدراك اهمية توثيق مصادر تاريخنا الوطني، وذلك من خلال بث الوعي التاريخي على مستوى الأمة، بدءاً بأعلى المستويات، وانتهاء بالمواطن العادي.
فالتاريخ هو تجربة الأمة وروحها وهو عمل حضاري، شارك في صنعه كل ابناء الأمة، فالكل يرى نفسه في مرآة تاريخه الوطني.
ثانياً: ضرورة إنشاء أرشيف وطني يضم كل وثائق تاريخنا الوطني فالأرشيف هو بمثابة ذاكرة الأمة.
ثالثاً: إيجاد جهاز اداري منظم، مزود بكفاءات مدربة في مجال الأرشفة والتوثيق والترميم والحفظ والصيانة، للسير قدماً بهذه المؤسسة الحضارية.
وأضاف: ان تجربة بث الوعي الجماهيري بأهمية الآثار، وتحسيس المسؤولين بالقيمة الحضارية لها في بداية السبعينات الميلادية كانت تجربة رائدة، قادها المخلصون من أبناء هذه البلاد من منسوبي جامعة الملك سعود، فأتت ثمارها رغم صعوبة البداية لكن إصرار الأكاديميين المخلصين، والدعم الرسمي من الدولة جعل الآثار، والاهتمام بها يحتلان الآن مكانة علمية مرموقة.
وحمَّل الدكتور آل زلفة الجامعات السعودية مسألة التقصير تجاه تاريخنا الوطني حيث قال: واسمحوا لي يا حضرات السادة أن تجرأت بممارسة شيء من النقد الذاتي لمؤسستي التي اعتز بالانتماء إليها، وهي جامعة الملك سعود، وقسمي الذي شرفت بالانتساب اليه - طالباً ومعيداً واستاذاً - وهو قسم التاريخ، الذي يعد واحداً من أقدم الأقسام، ليس في كلية الآداب فحسب، بل في الجامعة بشكل عام، وأول قسم لدراسة التاريخ في المملكة، فأقول ان الجامعة، وكلية الآداب، وقسم التاريخ يشتركون جميعاً في التقصير تجاه تاريخنا الوطني. ويشترك في التقصير ما نشأ بعده من أقسام في جامعات المملكة الأخرى التي نشأت بعد الجامعة الأم (جامعة الملك سعود).
فما درسته بقسم التاريخ خلال سنوات الدراسة قبل حوالي ثلاثين عاماً، وما درسه الذين من قبلي، وما ندرسه الآن من معلومات هي معلومات قديمة ثابتة، لم تتغير، وكأن ما حدث من ثورة في عالم المعرفة، واكتشافات آثارية ووثائقية ومخططوطات، وما جد من دراسات حديثة في وسائل التعليم والمناهج، وارتفاع في مستوى وعي المتلقي وإدراكه أمر لم يسمع به قسمنا وأقسام التاريخ الأخرى. فما زال ابن غنام، وابن بشر - مع عظيم قدريهما، وعظيم احترامي لهما - مصدري معرفتنا بتاريخنا الوطني في أهم فتراته التاريخية، وكأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان.
والسؤال هنا هل آن للجامعات السعودية وأقسام التاريخ فيها ان يضطلعوا بمسؤولياتهم تجاه ما يحتمه الواجب عليهم لكتابة تاريخنا الوطني، والقيام بدور التأثير على أصحاب القرار بتبني خطة شاملة تضمن حفظ مصادر تاريخنا أولاً، ومن ثم كتابته على أسس علمية ثانياً.
واقترح على الجامعة الأم أن تعمل على تأسيس مركز وطني، او معهد للدراسات التاريخية السعودية، يعنى بكل ما يتعلق بدراسة التاريخ السعودي في كل جوانبه التاريخية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والسكانية، كون التاريخ كما - وصفه البعض - هو مستودع كل المعلوم، فإذا ما أصبح لدينا مركز أو معهد لدراسات التاريخ السعودي، فإنه سيخدم كل التخصصات في مجال الدراسات الإنسانية والاجتماعية.
ثم تناول المحاضر تاريخ المملكة العربية السعودية وما أجمع عليه المؤرخون بتقسيمه إلى ثلاثة أدوار وكل دور بخصائصه وظروفه ومصادر كل دور والتركيز على أهمية توثيق تلك المصادر، وعمد الى تبني المنهج التاريخي السنوي التتابعي (الكرونولوجي).
وأشار المحاضر إلى بداية حركة التدوين والنشر للتاريخ السعودي حيث تزامنت مع بداية فترة تكوين الدولة السعودية الحديثة في عهد الملك عبدالعزيز، فثقة هذا القائد الفذ بنفسه، وبنظام حكمه، وبعراقة أسرته، وبشرعية المرتكزات التي يقوم عليها حكمه وحكم أسلافه لم تجعله يخشى من تدوين التاريخ، بل العكس كان هو الصحيح، فقد وظف التاريخ توظيفاً منهجياً وموضوعياً لشرح وجهة نظره، والاستفادة منه لتجنب أخطاء من سبقوه من أسلافه، والاستفادة من تجاربهم الصائبة، لذا شهد عصره حركة نشطة لتدوين التاريخ، ونشر ما كان منه مخطوطاً، وتشجيع من كان حوله من القادرين على تدوين تاريخ فترته بكل موضوعية وحرية.
ثم تطرق الى وثائقه الدولة (الدوائر الحكومية) وبما تضمه من أراشيف ووضع بعضها المؤلم وطريقة حفظها البعض الآخر.
ثم أشار الدكتور آل زلفة الى أن هناك جوانب كثيرة في تاريخ المملكة لم يتعرض لها المؤرخون بعد، مثل تاريخ المدن وتطورها، تاريخ الاقتصاد، بناء الطرق والموانئ، التجارة الداخلية، تاريخ الجيش، مع أنه قد بذلت بعض المحاولات لتغطية هذه الجوانب إبان فترة احتفالات مرور مائة عام على قيام المملكة، ولكنها محاولات ناقصة لافتقادها الى دقة التوثيق في غياب اطلاع كثير من الباحثين عن المصادر الأولية لكتابة تاريخ المملكة، وهي الوثائق التي تؤرخ لتلك المرحلة، واعتمادهم على تكرار ما رددته المراجع الثانوية.
انتقال الوزارات الى الرياض، وتأثير ذلك على توسع العمران في مدينة الرياض، وكذلك تأسيس سكة حديد الدمام الرياض.
نشوء مدن، واختفاء مدن وقرى نشأت على الطرق الجديدة، واختفت أخرى، لأن سكانها تركوها إلى مدينة الرياض ومدن أخرى.
وفي نهاية المحاضرة تساءل المحاضر عن المسؤول عن حفظ وثائقنا التاريخية، بل وانقاذها من الوضع السيئ التي هي فيه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved