(بعض) الناس لا يهمه أن يكون مدينا بمائة ريال أو بمليون دولار ، المهم أن يكون لديه سيولة بأية طريقة سهلة ، وكان الكسالى من الناس يتعاملون بشيء يسمى (الدَّيْنة) نسبة إلى الدَّيْن في العنق!! أي أنه يأخذ من أخيه المقتدر مالاً يسدده بعد عام بزيادة معلومة ، وكان المدينون يستخدمون مسألة تسمى التحايل ، فيأخذ بمائة ألف ريال سلعة ويبيعها بستين ألفا نقدا في مجلس العقد ، ومن هنا استغل بعض التجار الآخرين بأن يبيعوا عليهم بالدَّيْن المؤجل ويقبضون بعض المقدم ، وأحيانا يكون المقدم هو رأس المال وزيادة ، لكن لأن أولئك يحبون الدَّيْنة فلا يسألون ، وربما أنهم لا ينوون التسديد أيضا.
جاءت الصفقات التجارية الكبرى ، وارتفع عنان العقار (طبعا قبل الأسهم) فصاروا يشترون بالملايين كمؤجل ، وإذا طلب صاحب المال ماله لجأ المستدين إلى حيلة أشد خبثا من حيلة البائع ، وذلك أنه يسجل كل ما يملك باسم غير اسمه هو ، ويستخرج ما يسمى (صك إعسار) وهذا الصك سيف يشهره في وجه من يطالب بما لديه ، لذا يسكت الدائنون على أمل (أن يفرجها الله). والبعض فعلا يفلس تماما ، لأنه لم يحسن التصرف فيطوق عنقه بالدَّيْنة ، ويتورط ويورط الناس ، لكن البعض ممن يستخرج صك الإعسار ليس معسرا فعلا ، بل هو متحايل فعلا.
والملفت للنظر هو أن كثيرين ممن يفعلون هذا يجدون ما يبغون بسهولة ، مجرد أن يتقدم بشاهدين ثم يحصل على الصك ذاته (وأعتقد أن هناك إجراء أشد قد طُبِّق الآن) ويكون بذلك في حرز من المطالبة لأن صك الإعسار يحميه ، والغريب في أمر أكثر أولئك المعسرين أن أحدهم يركب سيارة قيمتها تساوي قيمة بيت ضخم جدا ، ويرتدي عباء مزكرشة قيمتها تغني أسرة لمدة عام!! ومظهره يوحي لك بأنه إنسان قيم وذو ثراء ، وقد يكون كذلك لكنه متلاعب بالقانون وبالناس الذين تورطوا معه في صفقات لم تنته إلا إلى إفلاسهم. بعضهم يَحْسَب مثل هذا التذاكي رجولةً ومهارة تجارية ، وبعضهم يعتقد أنه قد انتصر على مَنْ خدعه ، وبعضهم يثرثر بأنه ضحك على فلان وفلان.
موجع جدا أن توجد مثل تلك العينات من البشر الذين انسلخوا من قيم احترام الذات واحترام الآخرين ، لكن الأكثر وجعا أن الناس يعرفون حقائقهم ويعاملونهم على أنهم من نوع السوبرمان الذي يضحك على من يعرفه ومن لا يعرفه!! فما هو الحل لمثل تلك المشاكل؟ وهل نقيم لأولئك المتورمين وزنا ونحن نعرف ما وراء الخفايا منهم؟!! أنتم تجيبون عن الأسئلة الموجعة..
فاكس: 2372911
|