في مثل هذا اليوم من عام 1902 توفي عبد الرحمن الكواكبي، مسموما بعد أن أصبحت نشاطاته الثقافية والدعوية والاصلاحية تهدد سلطة العثمانيين في بلاد العرب.
فقد كان عبد الرحمن الكواكبي واحداً من المفكرين العرب الذين كشفوا عن أسباب الجمود الذي خيم على العالم الإسلامي، وقارن ذلك بحالة التقدم التي وصل إليها الأوربيون في العصور الحديثة، والتي مكنتهم من الهيمنة على أجزاء واسعة من العالم الإسلامي.
وفي عز العطاء والنضال، ويوم نضجت أفكار الكواكبي وبدأ عطاؤه وتأثيره الذي وجد فيه الأتراك معولا يدك تسلطهم، وينبّه الناس إلى فساد أحوالهم، ويدفعهم للثورة والتحرر ابتغاء للتقدم، تم وضع السم للكواكبي في طعامه، في القاهرة.
كما يعتبر الكواكبي أحد أعلام الحركة الإصلاحية، فوجّه جهوده إلى العمل الأخلاقي، وكافح العادات السيئة والتقاليد البالية، ونقد المعتقدات الفاسدة، وبذل السعي المتواصل لنشر الفضائل والتمسك بها للنهوض بأخلاق المجتمع، فقام بتشكيل الجمعيات والنوادي في القرى والمدن لتقوم بدور التوعية والتثقيف للجمهور، كما رد فساد الأخلاق إلى انحلال الرابطة الدينية والاجتماعية وفقد التناصح وغياب الأخلاق.
ويعتبر الكواكبي رائداً من رواد التعليم، حيث دعا إلى إصلاح أصول تعليم اللغة العربية والعلوم الدينية وتسهيل تحصيلها والجد وراء توحيد أصول التعليم وكتب التدريس، وقدم الكثير من الأسس لاعتمادها في مجال التربية والتعليم، ودعا إلى فتح باب محو الأمية، وبين دور المدارس في إصلاح المجتمع.
كما ركز على أهمية تعليم المرأة كي تجيد رسالتها في الحياة.
ولد عبد الرحمن الكواكبي عام 1854 في ولاية حلب، والده السيد أحمد بهائي بن محمد بن مسعود الكواكبي، أحد أجداده (إسماعيل الصفوي) مؤسس الأسرة الصفوية الشيعية في تبريز، والتي حكمت إيران قرابة قرن ونصف من الزمان. درس عبد الرحمن الكواكبي في المدرسة الكواكبية في حلب، وبعد تخرجه ونيله الإنجازات وأعلى الشهادات، اشتغل بالتدريس مدة وكان عمره عشرين سنة. ولما كانت الصحافة وسيلة ومنبراً رفيعاً من منابر الإصلاح، كتب الكواكبي في صحيفة الفرات التي كانت تحرر بالعربية والتركية، وأنشأ صحيفة (الشهباء) مع السيد هاشم العطار، وأخذت مقالاته النارية العميقة توقظ ضمائر مواطنيه، وتفضح الاستبداد آنذاك، فأغلقها الوالي العثماني (كامل باشا). ولم يستسلم الكواكبي فأنشأ جريدة الاعتدال، وواصل فيها تقديم آرائه وأفكاره، لكنها هي الأخرى أغلقتها الحكومة لجرأة صاحبها في انتقاد سياستها. ورحل إلى مصر واستقر هناك وكتب في كثير من الصحف المصرية والعربية.
|