نحن بحاجة إلى جرأة في طرح مشاكلنا. لنقف عليها ونفندها ثم نقترح الحلول التي تأخذنا إلى طريق العلاج وعلى وجه الخصوص تلك التي تمس واقع تعليم الشباب.. الذي هو لبنات في صناعة مستقبل هذا الوطن بأسره.. كتلك التي تحرك في ذواتنا شجوناً عندما نلحظ جميعاً ذلك القلق الذي يعتري الشاب بمجرد أن تطأ قدمه أعتاب المرحلة الثانوية.. ولست أعلم هل ستظل تساؤلاتنا التي تفتقد الإجابة الشافية تعوم في بحور صمتنا ونحن على يقين بأن كل طالب قد طرح على أسرته- كونها الكيان الذي يسمع فيها صوته- بعض السلوكيات الشائعة التي تقف عائقا أمام الطالب في تحقيق ما يصبو إليه.. وهي تمارس بجرأة في صروح تعليمنا.. وثلة منها في حجرة الصف على وجه التحديد.. دون أدنى رادع..ربما لأنها تمارس خلسة في مسرحية غامضة جمهورها الطلبة الذين يعللون صمتهم في أنه ليس لديهم أدنى استعداد في أن يكون ثمن الكشف عن أبطال هذه المسرحية مستقبلهم كحكايات ترصد المعلم ، وروايات تسبح في أذهان الطلبة أكل الزمن عليها وشرب ونحن لسنا بمنأى عنهم نتجاهل هذا الواقع رغبة منا في أن ندحره، لكنه واقع مؤلم يهز صمود الشاب في مواصلة مشواره التعليمي.. في الوقت الذي يخشى فيه أن يجرفه طوفان البطالة بمجرد حصوله على الشهادة الثانوية.. ولعلمي التام بأن هذه السلوكيات التي غاب معها ضمير المعلم ليست في كل مدارس هذا الوطن الغالي لكنها في عدد ليس بالقليل من مدارس القرى والهجر.
ومن خلال السطور التالية سأذكر بعض هذه السلوكيات التي تغتال عزيمة الطالب في الوصول إلى غايته واجتياز هذه المرحلة بنجاح.
1 - عندما يغيب ضمير المعلم.. يلقي درسه كأنما لوكان عبئا يثقل كاهله في النصف الأول فقط من الحصة الدراسية فلا يعير طلابه أدنى اهتمام.. جزء منهم يهنأ بسبات عميق.. أما الجزء الآخر فألأحاديث الجانبية تقتل الملل الذي يكتسح أجواءهم.. كونه أهمل الوسائل التربوية الحديثة التي يطرح بها الدرس بطريقة شيقة تجذب إدراك الطالب بعيداً عن تلك الأساليب التي ثبت على المدى البعيد عدم فاعليتها في الرفع من مستوى التحصيل وليست من التعليم في شيء.. كأسلوب الحفظ والتلقين الذي يجعل من الطالب جسداً مستمعاً وبالتأكيد ليس منصتاً.
2 - طابور محتشد على قدر من النظام أمام منزل هذا المعلم ليلة الامتحان.. وهو حتماً ليس من أبناء هذا الوطن لكنه نعم بخيراته وذاق حلاوة أمنة.. وفي ذلك الملجأ الذي غاب فيه الضمير.. وعلى مسرح الجريمة.. تبدأ المقايضة بين الطالب وأستاذه على مبلغ وقدره.. مقابل أسئلة الامتحان التي تقع في يد الطالب بين خوف وإقدام!! هكذا يروي الكثير من الطلبة تفاصيل هذه الجريمة ودورنا جميعا يقف على التشكيك والطعن في مصداقية ما يقولون.. دون أدنى جهد في الكشف عن الحقيقة!!
ربما لأننا لا نعدها جريمة يجب أن تخضع للتحقيق، والبيان وحده لن يكون ترجمانا للألم لحظة مشاهدة هذا الأسلوب البشع في ابتزاز الطالب وقتل مبادئ الإنسانية فيه.
3 - عندما يشن المعلم حربا شعواء على الطالب بمجرد ولوجه الصف الثالث من المرحلة الثانوية سلاحها التشكيك في قدرات الطالب.. تفرز في ذاته هزيمة نفسية يتجرع سمومها بمفرده.. تموت معها كل الأحلام التي يطمح لتحقيقها.. وقد تتعثر قدمه في صعوده سلم طموحه.. علاوة على كل الأحقاد التي قد تنشأ في نفس الشاب على المجتمع بأسره.
4 - هذا المعلم وهو في عامه الأول من حمل رسالة التعليم حين يقتل همة الطالب وإقدامه فيطرح الدرجات بالمجان دون شرط أو قيد.. مقابل ماذا؟؟ تساؤلات لازلت أبحث عن إجابتها!! وكأنما كان يتلو رسالة مفادها (نعم للكسل).
5 - أما مشكلات إدارات المدارس فحدث ولا حرج.. وآخر ما يذهب إليه تفكيرنا أن يحمل الطالب مسؤولية تقويم هذه الأخطاء فوق ما يحمله من خيبة أمل في مواصلة مشواره التعليمي.. وكأنه يلزم على الطالب أن يصلح من شأن هؤلاء الأستاذة الذين غابت ضمائرهم فلم يستشعروا الأمانة التي حملوها.. ولم يدركوا أن تلك الأجيال هم منظار نرى المستقبل من خلاله.. وما نغرسه فيهم سيصبح زرعاً يانعاً سيحين حصاده يوماً.
|