لا يدري أحد أي خطط في أذهان هؤلاء الذين أدمنوا القتل بدم بارد وزادوا عليه بأن قاموا بتصوير بشاعة هذا الفعل الآثم، إنهم بذلك يضيفون سواداً إلى الصورة النمطية عن العرب والمسلمين في أنحاء العالم، وهي صورة تشكَّلت أساساً بمثل هذا الإرهاب الذي يستهدف الآمنين والمعصومة دماؤهم..
كما لا يدري أحد كيف ينظر هؤلاء إلى مستقبل وضعهم، وأي عالم هو الذي سيقيمون معه علاقات وهم لم يتركوا جنسية إلا وأعملوا فيها بنادقهم وخناجرهم، وكيف سيتعامل الناس في مختلف الشؤون مع هذه العقليات التي أدمنت القتل بحيث صار هو محور عملهم..
ففي وقت ينتظم فيه المملكة حوار فكري رفيع، يأبى هؤلاء إلا أن يعمدوا إلى تشويه صورة هذا المجتمع الذي يجهد الخيِّرون فيه إلى تلمس آفاق جديدة في العمل العام يمكن أن تفي بطموحات التطوير وصولاً للأفضل في مجالات العيش والعمل والإنجاز الوطني..
إن كل شيء سيمضي في طريقه، صحيح أن هذا القتل اليومي يورث في النفس حسرة وفي الحلق غصَّة، لكن لا شيء يستطيع حجب طموح مجتمع واثق من نفسه مؤمن بالله عزَّ وجلَّ ومتسلِّح بمثل هذه العقيدة الإسلامية السمحة، إن هذه الثقة الإيمانية هي التي تجعل تجاوز مثل هذه المحن أمراً ممكناً..
إن أوضاعاً صعبة تنشأ بلا شك من مثل هذه المذابح، وهذا هدف هؤلاء الذين يرتكبونها لكنهم يتطلعون إلى استمرار هذه الصعوبات واستفحالها، غير أن واقع الحال يقول بغير ذلك، فمع الإقرار بالسلبيات الناشئة بما في ذلك ترويع الآمنين، فإن هناك انعكاسات تتمثَّل في غضب يتعاظم وإصرار على مواجهة هؤلاء، فهم يسهمون من خلال هذه الجرائم في تغذية الغضب وتعزيز الإصرار على التصدي لهم.. الأخطار الماثلة الآن تطول الوطن ككل، ولهذا بات من المهم أن يشمِّر الجميع عن سواعدهم لخوض المعركة ضد هذه الفئة الضالة، كلٌّ حسب قدرته، وكلٌّ وفق ما هو أهل له، لكن الجميع يشتركون في دور توعوي مهم يرتكز أساساً على التذكير بثوابت ديننا الحنيف الذي يرفض الغلو والتشدد, ويعلي من شأن التسامح والتعاضد والتعاون..
|