دراسة نقدية من جامعة الملك فهد:
هل يؤثر الأهل على تحصيل الطلاب وما الدور الاستعلائي للأساتذة ؟
محمد بن ناصر الأسمري

سعدت بحضور المؤتمر الإداري الثاني الذي نظمته جامعة الملك فهد بالظهران الشهر الماضي، والذي كان شعاره (مواجهة التحديات في عصر العولمة)، وقد سعدت بما كان من بحوث علمية واوراق عمل اتسمت بالعلمية وبلغة إنجليزية راقية، ولم يكن للعربية من نصيب سوى لخمس أوراق - بحوث، رغم أن غالبية المشاركين بالبحوث وكذا المشتركين بالحضور والاستفادة، هم من أهل الوطن السعودي بارك الله فيهم وللوطن في أعمالهم وعلومهم، حتى وإن جاروا على لغة المِلة والأمة؟ وقد وجدت أن بعض الدراسات قد لامست بعض الهموم الاجتماعية من خلال النقد الذاتي لبعض مسارات السلوكيات المصاحبة للأداء المهني والمعرفي لبعض من أساتذة الجامعة، والتي كان لها أثر سلبي على مجتمع الطلاب على مر عمرها الذي قارب نصف قرن؟ وبالطبع فإن القلة هنا لا تعني عدم الاضرار، طالما توالى المعدل التراكمي بانحراف معياري يقترب من السلبي؟ فتراكم مثل هذا سيولِّد حالات متنامية من الغضب.
ويبدو أن المؤتمر قد واجه تحديات عولمية وضحت في قصور كمال المقصود المستهدف من المؤتمر فكرةً وشعاراً، ويمكن أن تكون قد تجلت في نقاط منها:
1- تعذر حضور عدد كبير من الباحثين من خارج المملكة بسبب عدم التنسيق بين الجامعة، التعليم العالي، ووزارة الخارجية.
2- تغيب عدد من الباحثين من الجامعات السعودية عن الحضور لالقاء بحوثهم ومناقشتها رغم إشعارهم بقبول ما قدموا من أبحاث، وقد سمعت أثناء جلسات المؤتمر أن هذا سلوك بات موجوداً بكل أسف، وأصبح قبول البحوث عذراً للغياب، فقد بات قبول البحث مسبباً لإكسابه سمة القبول للترقية الاكاديمية، بصرف النظر عن جدية العمل الفكري واثراء المعرفة وتطوير المهارات؟ وتدريب الطلاب.
3- كثرة الاهتمام باحجام الدروع التي قدمت للرعاة والمشاركين، فقد قدمت دروع فاقت قيمتها 60 الف ريال، وكأن قيمة التبرعات قد عاد جزء منها قيمة للدروع وقد تقاسم أساتذة الجامعة هذه الدروع مع الرعاة؟
4- عدم إفساح المجال لزوجات المشاركين من البلدان الإسلامية بالحضور للجامعة، رغم ما كن عليه من الحجاب الشرعي، ولا أعلم إن كان لهن نصيب في زيارات لارامكو قبل المغادرة الى مكة المكرمة والمدينة المنورة للعمرة والزيارة للمسجد النبوي والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام؟
وهنا فقد وجدت من بين ما قدم، دراسة رصينة قدمها أستاذ في الجامعة هو في أساس الابتداء المهني صحفي من الجزائر، كان يجلس جانبي على طاولة العشاء في قرية شعبية في الدمام، ولم اكن اعلم انه صاحب الدراسة، وقد اثنيت على الدراسة، واكتشف من خلال تطلعه الى انه هو صاحب الدراسة، فزاد الثناء لانه جدير ومستحق، إنه الدكتور مصطفى عشوي استاذ الإدارة والتسويق والذي اتضح انه قد درَّس ابني سلمان.
وأجد انني بالتنويه بالدراسة ونشرها أعلم بشيء جميل في صحيفة سيارة لكي تكون جدية النفع أوسع مجالاً من سجل البحوث، وهنا أسجل اعتزازي بالجامعة ومنتجاتها، وهي ليست إلا مؤسسة علمية تهتم بالنقد لكي تواصل عملها في التنوير والتعليم والبحث والتطوير.
لقد ترجمت الدراسة الى اللغة العربية، واعتذر لمعدها ان جاء بها خلل في الاجتهاد، أرجو الله ألا أُحرم أجر الاجتهاد هذا؟؟
هدفت الدراسة الى التعرف على تأثير العائلات على مستوى تحصيل طلاب الجامعة وتعرُّض كثير من الطلاب للضغوط الأسرية كوسيلة لإثبات أدائهم الأكاديمي، ومدى تأثير القيم والثقافات للعوائل والمجتمع على حوافز الطلاب وعلى الأداء الأكاديمي.وأوضح الباحث أن الدراسة قد بُنيت على مسح استبياني وزع عينة على شريحة من 727 طالباً من ثلاث كليات أساسية في الجامعة وقد تكوّن الاستبيان من عدة عناصر، وترتبط هذه العناصر بالطلاب والتوزيع المكاني وشخصيات العائلات بالإضافة الى العناصر المرتبطة بمعدل درجات الطلاب ورغبتهم في الدراسة، وأن الاستفتاء الأصلي تمت ترجمته من العربية الى الانجليزية بواسطة مترجم محترف في الجامعة وتمت إعادة صياغته من قِبل الباحث، وتظهر النتائج بأن الطلاب يعزون نجاحهم الى العناصر الداخلية مثل الدراسة بجدة ويضعون الفشل على العناصر الخارجية مثل مشاكلهم العائلية.
قدَّم الباحث بالقول إن الحافز هو عنصر مهم في الإدارة أو التنظيم وفي الأمور الفنية بصفة عامة، وعملياً فإن الحافز في هذه الدراسة يشير الى رغبة الطالب في الدراسة والحصول على درجات عالية تقاس بمعدل الدرجات التراكمي، ويشير المعدل التراكمي الى مجموع درجات الطلاب والتي حصلوا عليها في جميع الدروس منذ تسجيلهم في الجامعة مقسمة على قدر ساعات كل مادة، وهكذا فإن العائلات تؤثر على دافع الطلاب ويظهر ذلك في الأثر الإيجابي أو السلبي للضغوط التي تمارسها العائلات السعودية على أبنائها أثناء الدراسة في الجامعة.
أهداف الدراسة:
1- التحقق من مدى تأثير العائلات السعودية على رغبة أبنائهم في الدراسة.
2- التحقق من مدى تأثير العائلات السعودية على معدل متوسط درجات الطلاب.
3- التحقق من العلاقة بين تأثير العائلة على رغبة الطلاب في الدراسة والشخصيات المبنية على التوزيع السكاني للآباء والطلاب.
4- إعداد بنك معلوماتي لمزيد من الدراسات والبحوث فيما يتعلق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن كذلك فيما يخص التطور الأكاديمي للطلاب.
وصف المشكلة والطريق المقترح للحل:
يتضح جلياً بأن موضوع محفزات الطلاب لايزال شيئاً مقلقاً لكثير من المؤسسات الأكاديمية، كما أن إيضاح وإثبات محفزات الطلاب وقراراتهم قد يعزز علم هذه المؤسسات الأكاديمية وصور التعاون لديها وذلك داخل بيئة تنافسية.
إن قلة الوازع والضعف في الأداء الأكاديمي قد يكون علامة مقلقة لمزيد من المشاكل المعقدة، وهذه المشاكل في الحقيقة تتعلق بجذور قيم العائلة الثقافية والتعليمية، وهكذا فإن فهم تأثير قيم العائلة وثقافتهم بالعموم على محفزات الطلاب قد يقود بشكل جزئي الى تحسن دوافع التلاميذ ويعزز من أدائهم.
ومع ذلك فإن ذلك لا يعني إضعاف أثر العوامل الخارجية مثل تأثير المنافسين، برامج التوجيه الأكاديمي، السياسة الأكاديمية، السياسة الإدارية، مناهج الثواب والعقاب، بالإضافة إلى أنه لا يعني استبعاد تأثير العوامل الداخلية.
ستركز هذه الدراسة على محفزات العوامل الخارجية، وبالدرجة الأولى تأثير العائلات على رغبة الطلاب في الدراسة.
أسئلة الدراسة:
هذه الدراسة هي معادلة وصفية استكشافية، تعادل الإجابة على الأسئلة التالية:
1- ما العلاقة بين السمات الديموغرافية مثل( المستوى التعليمي، العمر، المنطقة، السكن) ومعدل درجاتهم؟
2- هل هناك أي علاقة بين شخصية الآباء الديموغرافية مثل ( التعليم، الالتزام الديني، مكانة العائلة) وبين متوسط درجات أبنائهم؟
3- هل هناك أي علاقة بين الطريقة التي رُبي عليها الطلاب وبين معدل درجاتهم؟
4- هل يواجه الطلاب مشاكل عائلية؟
5- هل هناك أي علاقة بين تعدد الزوجات ومعدل درجات الطلاب؟
6- ما نوع المشاكل العائلية التي يواجهها الطلاب وكيف تؤثر على معدل درجاتهم؟
7- ما العلاقة بين مشاكل الطلاب العائلية ومعدل درجاتهم؟
8- ما العلاقة بين مشاكل الطلاب العائلية وحذف مقرر أو مستوى دراسي؟
9- ما هي توقعات الآباء لنجاحات أبنائهم؟ وما العلاقة بين توقعات الآباء ومعدل الدرجات؟
10- ما هي توقعات القبائل علىنجاح أبنائهم؟
11- ما العلاقة بين توقعات الطلاب والقبلية ومعدل درجاتهم؟
12- هل العائلات السعودية تحث أبناءها على النجاح؟
13- هل يتابع الآباء السعوديون أداء أبنائهم الجامعي؟
14- ماهو أثر الأب على رغبة الابن في الدراسة وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
15- ما هو أثر الأم على رغبة الابن في الدراسة وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
16- ما أثر مكانة العائلة الاقتصادية على رغبة الأبناء في الدراسة وأثر ذلك على معدل الدرجات؟
17- ما أثر العادات والتقاليد على رغبة الطلاب في التعليم وأثر ذلك على معدل الدرجات؟
18- ما أثر القيم المتحضرة على رغبة الطلاب في التعليم وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
19- ما أثر توقعات الوالدين من الأبناء على رغبة الطلاب في التعليم وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
20- ما أثر الظروف العائلية على رغبة الطلاب في التعليم وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
21- ما أثر القرناء على رغبة الطلاب في التعليم وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
22- ما أثر السوق على رغبة الطلاب في الدراسة وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
23- ما أثر السياسة التعليمية على رغبة الطلاب في الدراسة وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
24- ما أثر أسلوب التدريس على رغبة الطلاب في التعليم وعلاقة ذلك بمعدل الدرجات؟
العينة:
لقد أخذت عينة عشوائية من أكبر ثلاث كليات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وهي كما يلي:
1- كلية الإدارة الصناعية.
2- كلية الهندسة وعلوم الكمبيوتر.
3- كلية الهندسة التطبيقية.
هذا وقد بلغ مجموع العينة 1114 طالباً وتبلغ هذه العينة ما مقداره 10% من مجموع طلاب الجامعة وقد وزع مجموع العينة على ثلاث كليات بالجامعة بنسب واحجام عينة مختلفة، وقد تم بعد تحليل البيانات إحصائياً الوصول الى الاجابات - الحقائق التالية:تفاوت النسب التي تشير الى ان العوائل السعودية تؤثر على النجاح التعليمي لطلابها بشكل غير حاسم.
17.76 % من الطلاب يقولون إن تأثير عوائلهم على نجاحهم كان مرتفعاً جداً.
32.6 % من الطلاب يقولون إن تأثير عوائلهم على نجاحهم كان مرتفعاً.
32.6 % من الطلاب يقولون إن تأثير عوائلهم على نجاحهم كان منخفضاً.
5.3 % من الطلاب يقولون إن تأثير عوائلهم على نجاحهم كان منخفضاً جداً.
مناقشة:
تشير الدراسة الى أن أهم العناصر والتي لها تأثير إيجابي قوي هي كالتالي:
1- أثر الأب: ان أثر الأب واضح جداً على رغبة الطالب في التعلم.. معظم الآباء السعوديين يهتمون بتعليم أبنائهم ويتدخلون في تعليمهم في كل المراحل ويعزى ذلك الى الحقيقة المسلمة بأن معظم آباء طلاب جامعة الملك فهد ذوو مستويات تعليمية عالية، وبشكل خاص الآباء وفي الثقافة العربية لهذا تأثير قوي على الأبناء بعض النظر عن أعمارهم أو القرارات التي يتخذونها؟
2- وضع العائلة المادي: إذا كان وضع العائلة المادي عالياً فإن الطلاب لا يتعرضون لأي ضغوط في مساعدة ذويهم مادياً، علماً أن، الأب في العوائل السعودية هو الداعم الأساسي.
3- أثر التوقعات والآمال العائلية: ان توقعات العائلة وآمالها العالية فيما يخص أبناءها يزيد من اهتمام الطلاب بدراستهم ومستقبلهم وقد بينت الدراسة أثر ذلك على الإنجاز الأكايمي للطلاب.
4- أثر الظروف العائلية: ان تركيبة العائلة العربية لها أثر بالغ على رغبة الطلاب في التعليم ويُعد هذا عاملاً سلبياً حيث يؤدي الى فشل الطلاب في كثير من العائلات.
5- أثر الثبات العائلي: ان هذا من أهم العناصر حيث اثبتت الدراسة أن كثيراً من الطلاب الذين رسبوا يعود رسوبهم الى اختلال في ثباتهم العاطفي ويعود ذلك الى ضغوط كبيرة سببها الفشل في الحب أو فقد أحد الآباء أو الأقارب أو الأصدقاء.
6- أثر السياسة التعليمية للجامعة: يشكو كثير من الطلاب من سياسة الجامعة وقد أوضحت الدراسة أنه أحد العناصر الجديرة بالملاحظة.
7- أثر أسلوب التدريس: هذا أحد العناصر غير المرتبطة بالعائلة ولكن له تأثير كبير على الطلاب حيث له أثر على تعاون الطلاب واهتمامهم ورغبتهم بالتعليم وعلى أدائهم الأكاديمي في الجامعة.
العناصر التي ليس لها أثر على رغبة الطلاب في التعليم:
1- الأمهات: ليس للأم أي أثر على رغبة الطلاب في التعلم وذلك في الثقافة السعودية لأن الأمهات غالباً ما يكنّ ذوات مستوى تعليمي منخفض، حيث غالبيتهن دون التعليم الجامعي.
2- الأنداد أو القرناء: على الرغم من تذمر الطلاب قبل الدراسة من التأثير السلبي لقرنائهم إلا أن الدراسة أوضحت انعدام هذا الأثر ولكن لا يجب تجاهل هذا التأثير على الأفراد.
3- القيم العائلية والعادات: ليس للقيم أو العادات أي تأثير ويعود ذلك الى الغموض في المفهوم.
4- القيم العائلية الجديدة (المتحضرة): يعود ذلك الى أنها جانب عقلي نقاشي لا يؤثر على الأداء الأكاديمي.
5- أثر السوق: يعود ضعف الأثر لقناعة الطلاب بأن السوق يعتمد على الأفضلية في الاختيار والمهارة والقدرة على المثابرة وينافس الطلاب الخريجين في جامعات أخرى ولكن يعتبر طلاب جامعة الملك فهد سباقين إذا ما دخلوا في هذه المنافسة.