ظاهرة الانتقاد، والتبرم والسخط ربما تكون جديدة في مجتمعنا، بل هي الموضة الحديثة - فيما يبدو -، فهناك من يمارسها بشكل دائم، فحينما نتتبع جميعاً مسيرة عدد من الكتاب الشباب، في محاولة للوقوف على أمر هذه الحالة عن قرب، سنجد أن حياة هؤلاء أضحت مجرد نقد في نقد، فأحاديثهم المتبرمة تأتي على هيئة قذائف عنيفة يمطرون بها (الجلسة).. حضوراً ومحاضرين. وهناك آخرون يترددون على المنابر الثقافية والندوات والصوالين بما فيها الاثنينيات والثلاثينيات والأربعاويات، وهؤلاء ألسنتهم لا تلهج بالنقد، فلا يستطيعون مدح أحد ليس لأنهم يرفضون المديح إنما لا يسبغونه إلا - مراوغة - على من يرجون منه شيئاً ما.فهؤلاء يتوزعون بيننا، ليمارس كل واحد منهم دور الناقد الرحال الذي لا يعجبه شيء، فقد ينشغل في بث الهمز واللمز هنا وهناك حتى أنه لا يتورع أن ينتقد المسلمات، لكننا نحمد الله أن هناك من يقف لهم بالمرصاد لكي لا تدمر هذه الحالة النقدية من حولنا.
ونعجب حينما نراهم يتراكضون ويهرولون إلى كل مكان، حتى تلك الأماكن التي كانوا ينتقدونها، فكم من منبر كانوا يرون فيه موتاً وتراجعاً أو تخلفاً، نجدهم وقد أحالوه إلى شيء من الواقع لأن النقد لديهم - للأسف - هو لمجرد البوح اللاعج فيما يجول بضمائرهم الواهمة بأن كل شيء هنا خطأ وغير صحيح.فمن واقع هذا التعايش مع هذه المعضلة، ورصد حالة هؤلاء النقاد الأميين والمتعلمين نكتشف ان عمر نقد هؤلاء، عمر شكايتهم قصير جداً، لأنهم في ظل تنامي الوعي ولمعان الحقيقة سرعان ما يحترقون وتتبخر أوهامهم.
|