إن الاحتفاء بأبناء الأمة من حملة القرآن الكريم في حياة الأمة هو أحد وسائل بناء قوتها المعنوية وتثبيت هويتها الذاتية، وبقدر عظمة الذكرى يكون أثرها الايجابي في بناء قوة الأمة ودعم شبكة النسيج الاجتماعي والثقافي والديني بين أبنائها الذين يمثلون ثروة هائلة لأن الإنسان سيبقى إلى الأبد هو سيد الموقف مهما تعددت الاختراعات وتقدمت التكنولوجيا ولأن القرآن العظيم هو النبع الأول لقوة الأجيال المسلمة وتلك القوة المعنوية التي دعا الإسلام إليها وأمر بها وكان الرسول- صلى الله عليه وسلم - وصحابته من بعده يسعون دائماً إلى تأصيلها في نفوس المسلمين عامة والشباب خاصة وذلك إدراكا منهم لأهميتها وتأثيرها على المسلمين في كل شؤون حياتهم الاجتماعية والدينية والثقافية، من هنا كانت محافظة منطقة القصيم (المذنب) على موعد للاحتفاء بعلماء الغد وشباب اليوم من حملة القرآن الكريم من الدفعة الثامنة على شرف فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام، في يوم الأربعاء الموافق 30-3-1425هـ بجامع الشيخ محمد بن صالح المقبل رحمه الله بالمحافظة ليضفي فضيلة الشيخ العالم عبدالرحمن السديس على الحفل مزيداً من البهاء والروعة وليضرب لأبنائه من حملة كتاب الله المثل والقدوة ويدعوهم إلى العض بالنواجذ على دستور حياتهم وسبيل هدايتهم ويدعوهم إلى العمل على نشر كتاب الله (الذي هو القرآن دستورنا والذي هو الإسلام قاضينا)ومؤكداً لأبنائه أن جوهرة وظيفة العالم المسلم في أمته هو أن يتحيز لها وينحاز لقضاياها، ويعلن عن انتمائه لهذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر مفتخراً بذلك ولكن ليس من ذلك النوع من الفخر الذي يقعده متغنياً بمجدها الغابر أو بماضيها الذهبي أو البكاء على أطلالها وإنما يبحث عن الحي في الأمة في عالم أفكارها وحياتها وفاعليتها والبحث عن ضرورات الأحياء ومساراته فيها وأن يجعل من القرآن دستور هذه الأمة قبلته في البحث والكتابة والتأليف والترتيل والتجويد مذكرا إياهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
وما لا شك فيه أن الكثير ممن شرف بحضور ذلك الحفل الكريم قد استلهم معنى من تلك المعاني الكبيرة الوفاء من وراء تشريف فضيلة الشيخ والحق انه كان من المغانم الثمينة التي حرص عليها الالبَّاء فجاؤوا إليه من كل صوب وحدب، فكان حديثه مما تشتهيه نفوس المتعطشين إلى السكينة والطمأنينة وكانت رؤية الشيخ السديس والإنصات لقراءته للقرآن الكريم متعة للنفس وانشراحاً للصدر وفرحة للقلب وبرداً وسلاما على الكبد لاسيما وان فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله تعالى كانت تعجبه قراءة الشيخ السديس على سبيل المثال لكونه يفسر القرآن في قراءته أيضاً وهكذا كان الحفل تكريماً لحفظة كتاب الله بمحافظة المذنب بحضور ومشاركة الشيخ والإنصات لآيات الذكر الحكيم والاستماع لتوجيهات وتعليمات شيخنا ورؤيته عسى أن تكون قد ساهمت في أن تعود بالعاصي إلى عز وطاعة، وترجع بالضال إلى سنا الهداية وتصير بالآبق إلى رحاب القدوس الأعلى وتزيد من إيمان المؤمن حتى يخشع لله كأنه يراه ولم يكن بغريب على فضيلة الشيخ أن يسارع بتلبية دعوة ابناء المحافظة دون تردد حباً منه في تشجيع دعاة الغد من حملة القرآن الكريم ووفاء منه لأبناء منطقة القصيم التي أنجبته الأم الرؤوم المملكة العربية السعودية ليضرب مثالاً للوفاء لإخوانه، ولمن عاشرهم معاشرة عابرة وكذلك وفاء لمن رآهم رؤية خاطفة، ووفاء لمن يستحقون الوفاء، أما وفاؤه لدينه ووطنه ومبادئه النابعة من خلق المسلم فلا يحدُّه وصف ولا يعبِّر عنه كلام ..لا يسعني سوى القول:
في ليلة التشريف يا أشعار
جودي بما لم يستطع بشَّار
فصفي العجائب ذاك لليل في اسمه
لكنه منه النهار يغارُ
يا عابد الرحمن خير فضائل
قد صورت فيكم وأنت إطارُ
ما رآها الناس من عيونهم
شغفوا بها إلى رحابكم طاروا
فأهنا بهذا الفضل وافرح دائماً
واشكر إلها فضله مدرارُ
يا عابد الرحمن إخوان لكم
قد دعوك وكلهم أبرارُ
كانت أمانتهم هدى من ربهم
هي مصحف قد خطه القهارُ
لهم الثناء للسديس دعوتي
ودعاؤنا طالت له الأعمارُ |
ص.ب 85 |