التربية مسؤولية عظيمة لأنها وظيفة الأنبياء والمرسلين قال الله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ} البقرة (151)، والتزكية هي التربية، وهذه المسؤولية مسؤولية دينية في المقام الأول ومسؤولية اجتماعية في المقام الثاني، ومن هنا تبدو أهمية تحصين أولادنا من الأفكار المنحرفة والهدامة، ولاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الانحرافات الفكرية وبخاصة ما يتعلق بالتكفير والتفسيق والخروج على النظام العام وتهديد وحدة الأمة وسلامة الوطن.
إن أهم عناصر المسؤولية على الإطلاق هو الجانب المتعلق بمصادر تلقي الولد - ذكراً أو أنثى - للمعلومات والأفكار، ولذا يحسن أن أنبه الى خطوات مهمة جداً في هذا الجانب وذلك وفقا لما يلي:
1- متابعة ما يقرؤه أولادنا من كتب ومجلات وغيرها من مصادر المعرفة لأن هذه المصادر هي غذاء فكرهم ومادة بناء تفكيرهم الذي ينعكس فيما بعد على سلوكهم، فلابد من التأكد من سلامة الأفكار وصحة المنهج في هذه المصادر، وإذا كان من المؤكد أنه في عصرنا هذا أصبحت مصادر المعرفة مفتوحة على مصراعيها، ولا يمكن احتواؤها فإن المراقبة والمتابعة أصبحت أشد ضرورة للحذر من كل فكر أو سلوك يضر بأولادنا في معتقدهم أو أنفسهم، وللوقاية من أي جنوح إلى طريق يسيء إلى وطنهم وأمتهم.
2 - الرفاق لهم تأثير كبير في تشكيل سلوك أبنائنا وفي حشو افكارهم لذا فإنه من الواجب المتحتم معرفة من يصاحبون وأعمار رفاقهم وعلى ماذا يجتمعون ونحو ذلك من الضرورات التي لابد منها لتكوين صورة واضحة عما يمكن أن يجري في اجتماعاتهم خارج المنزل، بل يجب علينا أن نشعر أولادنا بتواصلنا الرقابي معهم ولو عن طريق سؤالهم المستمر وبطريقة مهذبة عما تناولته احاديثهم أثناء لقائهم مع أصحابهم.
3 - يجب ترشيد عملية خروج أبنائنا في الرحلات، وذلك عن طريق التأكد من وجود إشراف سليم ومباشر ممن نثق بفكره وسلوكه من المربين الفاضلين المشرفين على تلك الرحلات لنضمن سلامة ما يتلقاه أولادنا فيها لأن الرحلات من مصادر المعرفة دون ريب فلابد من متابعتها وضبطها.
- ينظر كثير من الآباء بنظرة ملؤها عدم الاكتراث إلى كثير من مصادر المعرفة في حين أنها من أشد تلك المصادر تأثيراً، ولكي أضرب مثالاً فإن الشريط مصدر معرفي لكنه مسموع، وبالتالي قد لا يكترث الآباء بضبط وصوله إلى أبنائهم اعتقاداً بأنه غير مؤثر، وقد يتضمن مواد مضرة بالأخلاق أو بالأفكار، فلابد من مراقبة ما يسمعه أبناؤنا من أشرطة وسماع أي شريط قبل أن يصل إليهم بأية طريقة للتأكد من سلامة محتواه ومعرفة هدفه، وكذلك الأمر بالنسبة للأفلام وأفلام الكرتون بالذات التي تحتوي على مشاهد تحرض على العنف وانحراف الأفكار حيث أكدت الدراسات العلمية الإحصائية والميدانية خطرها الشديد، فلابد من فلترة ما يشاهده أبناؤنا منها لئلا تتشرب به أفكارهم وينعكس على سلوكهم.
5 - الحرص على التربية الوطنية المثمرة، حيث التربية الوطنية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق من خلال التعليمات والإرشادات المباشرة وحدها بل لابد مع ذلك من استخدام أساليب الإقناع والتشويق والجذب والمقارنات العقلية، لكونها اشد تأثيراً في قناعة الناس ولاسيما الناشئة منهم، فيكون ذلك ابلغ في التأثير من الأخطار التي تهدد وحدة الأمة وسلامة الوطن كالانتماء للاحزاب والجماعات والانخداع بأفكارهم المضللة.
6 - العناية عند تربية أفكار أولادنا بسلامة نسيج المجتمع ووحدة الوطن عن طريق ترسيخ المعاني الإسلامية الرائدة في العلاقة بين الراعي والرعية، وذلك بأن نتيح لأبنائنا فرصة القراءة بتدبر لما جاء في مسألة طاعة ولاة الأمر والعلماء في غير معصية الله ومعرفة حقوقهم وجهودهم واختيار الكتب التي تؤصل ذلك؛ لأن هذا حصن حصين للأولاد، وخاصة في هذا الوقت من الزمن الذي كثرت فيه وسائل الشر والفتن.
7 - من المهم جدا أن يشعر أولادنا بأهمية تعاون المواطن مع المسؤول من أجل تحقيق أمن الفرد والمجتمع، وأن نسعى لبناء جسور من التعاون بينهما اياً كان هذا المسؤول إدارياً أو رجل أمن لأن هدف الجميع من مواطنين ومسؤولين مدنيين وعسكريين هو خدمة الوطن والمحافظة على أمنه.
8 - يجب أن تنهض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية الأرضية والفضائية بواجبها حيال ترسيخ هذه المعاني التربوية الهادفة؛ لأنها من ضرورات سلامة كيان الوطن ووحدته.
9 - وهنا يحسن التأكيد على أن المسؤولية ليست ملقاة على الأب وحده بل هي مسؤولية مشتركة بين أفراد الاسرة من آباء وأمهات وإخوان واخوات وأقارب، ليقوم كل منهم بهذه المسؤولية في حدود واجباته.
10 - المرأة شريكة الرجل في المسؤولية التربوية لذا فإنه يحسن تنظيم محاضرات تلقيها الداعيات في مجتمعات النساء وملتقياتهن العلمية والتعليمية في المدارس ودور التحفيظ عن الموضوعات التي تدعو إليها الحاجة في هذا الوطن مما يتعلق بوحدة الصف والتوعية التربوية لحماية افكار النشء وذلك عبر التنسيق مع الجهات الرسمية.
إن هذه العناصر العشرة مهمة كي تتضافر جهود الجميع لتحقيق المجتمع المتماسك المتعاون الآمن في أفكاره وفي سلوكه، وبما يجعله مجتمعاً مؤثراً ومنتجاً، هذا والله من وراء القصد.
وهو الهادي إلى سواء السبيل.
الرياض - فاكس 014803452
|