قالت: مساحات من الزمنِ تمتدُ أمامنا..
كيف نُعبِّئها كما تُعبَّأ البالونات فرحاً..، ونطيرُ معها، نتقافزُ على همومنا وإرهاقنا، نستعيدُ فيها نشاطنا، ودافعيتنا للعملِ، بآمالٍ كبيرةٍ وعريضةٍ تستقرُ في أعماقنا، ما الذي نريده من الحياةِ؟ وكيف نريد لحياتنا أن تكون؟ ، ما الذي نرسمه لأيامنا في هذا الحيّز الممتد أمامنا؟
إجازة؟
أيّ إجازةٍ، وممَّا نستكين إلى الهدوءِ، ومسالمة اللَّحظاتِ؟
وهل للإنسانِ أن يتأكدَ في لحظةٍ بأنَّ زمنه يمكن أن يخلو من شيءٍ لا يفعله؟
هل يمكننا أن نأخذَ إجازة من الأكلِ، والشربِ؟ بل من الكلامِ، والتفكيرِ؟..
حتى الإنسان وهو يركن إلى مساحةٍ من شاطئ نهري يتجاذب الحنين والأنين والتفكير والتأمل مع أمواجه؟ في ليلٍ صامت توحشه فيه مهابة الظلام والماء، أو في فجرٍ نوراني تنبسط فيه مع حركة الموج أحلام بيضاء، أو في ظهيرة يلمس الماء فيها حرارة الشمس فيطفئها، يبقى للإنسان ما يشغله، تفكيراً، أو إعداداً، أو تعبئة للوقتِ والمكانِ..
مَن ذا الذي يمكنه أن يفرغَ بلا عمل، ولا أمل، ولا فكر، ولا كلام، ولا حركة، مَن ذا الذي يمكنه أن يسكنَ سكوناً تاماً كي يتأكد أنَّه في إجازةٍ من كلِّ شيءٍ؟ وهل هو في مثل هذا يمكنه أن يستعيدَ نشاطه؟
أو يحرِّض قوَّته، أو يجدّد طموحاته، أو يبلور أفكاره؟
أليس الإنسانُ خُلق في كبدٍ؟
أليس هذه المساحة الممتدة لشهرين قادمين في بقعةٍ من الأرضِ لفئةٍ من البشرِ ليست معياراً لأن ينسلخ الإنسان من طبيعته؟
قالت: هناك من تحلو له لحظات الذّروة في العمل، وحين تأتي مثل هذه الفسحة الزمنية يكون في قلقٍ، إذ يشعر بأنَّه مخنوقٌ بالفراغ؟
ولكن، أيّ فراغٍ؟!
كنتُ أستمعُ إليها؟ وأنا أفكرُ، أيُّنا يمكن أن يعبِّئ وقته فرحاً كما يعبِّئ الأطفال بالوناتهم هواءً..
وأيُّنا يمكنه أن يتقافزَ فرحاً كالأطفال؟
وهل ثمَّة من زمنٍ للفرحِ بعد؟!
|