منذ سنوات، ارتفعت الشكوى في ساحتنا، من ويلات ما يُسمى بالغش التجاري، وشعر المواطن في بلادنا أنه مغبون، وفي كل مكان يتلاقى فيه المواطنون للسمر والحديث الذي يهم حياتهم، تردد أصوات الرجال بالشكوى المريرة من الغش التجاري.. وألتقي بأصدقائي من المستوردين لأدوات القرطاسية، وكذلك قطع الغيار لكثير من الأدوات والأجهزة، وترتفع أصواتهم بالشكوى، لأن أسواقنا امتلأت بالسلع الخردة، والتي أسماها الأستاذ أبو السمح (زبالة)!
* هذه السلع الرديئة تأتي عبر البواخر من شرق آسيا، وربما من مصادر أخرى، وتفرغ فيما سُمي بالموانىء الحرة، وهناك تجري عملية التزييف، حيث تفك وتطبع بملتصقات شتى، تحمل أسماء بلدان مشهورة سلعتها، وأسعارها عالية، ثم تُصدَّر إلينا على أنها سلع أصلية Original، صُنعت في اليابان ومصادر أخرى، وتُباع في أسواقنا بأسعار أرخص مما تُباع به مثيلاتها من السلع الأصلية الصنع، ويضرب السوق، وتبور السلع الأصلية، لأن أثمانها أغلى، ويشكو مستوردوها، وربما لا تبلغ أصواتهم المسؤولين في وزارة التجارة ومن إليها، لذلك ظلت الأسواق غاصّة بهذه السلع الرديئة، ويشتريها المواطن، غير أنها تتلف وينتهي مفعولها بسرعة، والضحية المستهلك الذي لم يجد حماية.!
* غير أني قرأت في الأيام الماضية، أن وزارة التجارة شرعت تتصدى لهذه السلع الرخيصة المغشوشة في الأيام الفارطة بمصادرة الخردة المزوّرة ومنحها للجمعيات الخيرية للإفادة منها، وكان ينبغي أن يكون هذا الإجراء وهذه الصحوة قبل سنوات، غير أن الأمور مرهونة بأوقاتها.!
* ولعل مستوردي قطع الغيار والأدوات الأصلية حمدوا لوزارة التجارة ما نهضت به، بعد أن طفح المكيال بهذه السلع التي ليس لها هوية، ثم هي تحمل مسميات ماركات أصلية، صنعها المزوِّرون، واستفاد منها السماسرة والتجار المروِّجون لها، والضحية المستهلك، والمتضرر بائع قطع الغيار الأصلية، والسلع الأخرى كأدوات القرطاسية وما إليها!
* ولعل معالي وزير التجارة والصناعة الدكتور هاشم يماني، يضيف إلى مصادرة السلع الرديئة المزوّرة جزاءات على المستورد الذي يشارك في إغراق الأسواق بسلع لا قيمة لها، من أجل الجشع، ليس لها هوية، لأن مصدرها الرديء لا يعلن عنه.. ولا بد من الضرب بأيدٍ من حديد على المستهلكين والعابثين، لأنهم لا يرعوون، وغاب عندهم الضمير الحي، الذي يأبى الغش والخداع وتجاهل الحق، لأن الدنيا أعمت بصائرهم وأبصارهم.!
* ولعل فروع وزارة التجارة في بلادنا ومختبراتها، تمارس مهامها في محاربة الغش التجاري بكل فعالية، حماية للمستهلك الذي هو الضحية وحده، تنهب نقوده في رابعة النهار، ومردودها خردوات ليست بذات قيمة.. والتصدي لهذا التسلط البغيض، ينبغي أن يكون لا هوادة فيه ولا تسامح، لأن من غشنا فليس منا، كما يقول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، حماية للمستهلك المغلوب، ذلك أن البلاد الحية الواعية والمتقدمة تحمي المستهلك وتنصفه من أي اضرار تحيق به، لأن ذلك حقه على الإطارات الرسمية المكلفة بهذه المهمة وأمثالها، والحق أحق أن يتبع.!
|