الحياة بين ذئاب القطب الشمالي

تقوم عشائر الذئاب المتعطشة للدماء بافتراس حيوانات الرنة في القطب الشمالي، فقامت هيئة (حماية الحياة البرية) بتكليف عالم التاريخ الطبيعي فارلي موات ليحقق في الأمر ويضع يده على حقيقة المسألة. فذهب وحده إلى سهل متجمد أجرد في المنطقة القطبية الشمالية، حيث بدأ مهمته في الحياة بين قطعان الذئاب المفترسة التي لا تكف عن العواء وقام بدراسة كهوفها ونمط حياتها. وعندما ذهب موات إلى هذه المنطقة القارسة البرودة المتجمدة ذات الرياح العاتية، لم يجد قطيعا من القتلة المتعطشين للدماء كما يتصور الناس عنهم، لكنه وجد حيوانات تعول أسرها وتعني بصغارها ولا تهوى القتل أو سفك الدماء، فخشي عليها من انقضاض الصيادين الكثيرين ومن أنصار الإبادة المتلهفين على القضاء على مجتمع الذئاب المهيب ومحوه من القطب الشمالي. وكتاب (لا تبك أبدا أيها الذئب) هو أحد الروايات المتألقة عن أسطورة الذئاب والعالم السحري الخاص الذي يحيط بها والذي لم يعرفه أحد من البشر كما أنه يتحدث على نحو فلسفي عن مكانة ووضع الإنسان بين مخلوقات الطبيعة.
ويقول المؤلف في مقدمة الكتاب: (لقد قمنا بإدانة الذئب ليس بسبب ما يفعله، بل لما نتخيل أنه يفعله، وبسبب الصورة الخيالية للقاتل البري المتوحش متحجر القلب، والتي تعكس في الواقع الصورة الحقيقية لنا نحن معشر البشر) . وقد قام فارلي موات بتسجيل خبراته التي اكتسبها في هذه المهمة في العديد من الكتب التي لاقت نجاحا مذهلا والتي كانت موجهة لكل من الصغار والكبار. ورواية موات عن فترة الصيف التي قضاها في السهل المتجمد الأجرد في المنطقة القطبية الشمالية عبر دراسته لعالم الذئاب كان لها أثر عميق حيث غيرت من الأفكار التقليدية السائدة تجاه الذئاب (التي لم تكن يوما تشكل تهديدا على الإنسان أو على حيوانات الرنة في القطب الشمالي) وتجاه مجتمع الرنة، وهو عمل قد أصبح راسخاً في أذهان أجيال من القراء وهو سجل دائم يقدم ذخيرة عامرة بالأساطير والسحر عن عالم الذئاب البريء من دم حيوانات الرنة كبراءته من دم ابن يعقوب.