* بغداد - د. حميد عبد الله:
اختارت سلطات الاحتلال الأمريكي ابرز وأهم الرموز السيادية العراقية وهو القصر الجمهوري لتجعل منه مقرا للسفارة الامريكية القادمة في العراق رغم صيحات الاعتراض والتوسلات التي صدرت من جميع المسؤولين العراقيين سواء في مجلس الحكم المنحل او في الحكومة المؤقتة الحالية.
ويجمع المسؤولون العراقيون على ان سلطات الاحتلال تتجاهل رغباتهم بإخلاء القصر الجمهوري وتحويله الى مقر لرئيس الجهورية الجديد، مفسرين تمسك الامريكان بالقصر الجمهوري بأنه محاولة لتذكير العراقيين بأن ابرز رموز السيادة العراقية سيظل تحت الاحتلال لسنوات طويلة وربما لامد غير منظور.
وقال عضو مجلس الحكم المنحل محمد بحر العلوم ان أعضاء المجلس كانوا ينبهون الإدارة الامريكية الى ضرورة الإقلاع عن فكرة (احتلال القصر الجمهوري) لكن الامريكان يواجهون هذه الطلبات بالاستخفاف والتجاهل وعدم التعليق عليها أصلا واصفا تحويل القصر الجمهوري الى سفارة أمريكية بأنه خرق صريح وفاضح لسيادة العراق باعتبار ان القصر معلم مهم من معالم السيادة والاستقلال.
إما العضو السابق في مجلس الحكم المنحل محسن عبد الحميد فيقول ان القصر الجمهوري لم يكن ملكا لصدام بل هو صرح سيادي واغتصابه يستفز جميع العراقيين ولا يمكن لأي عراقي شريف ان يقبله.
ويقول الأمين العام للجبهة الوطنية العراقية سعد الجنابي ان تحويل القصر الجمهوري الى مقر للسفارة الامريكية يشكل مخالفة صريحة وانتهاكا صارخا للعلاقة بين المحتل والدولة المحتلة.
وكان الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر قد اتخذ من القصر الجمهوري مقرا له منذ توليه الحكم في العراق في حزيران من عام 2003 وقد تم التخطيط لتحويل القصر الى سفارة أمريكية في وقت مبكر بعد الاحتلال حيث بدأت المئات من سيارات الحمل تدخل القصر يوميا وهي محملة بجميع مستلزمات البناء لغرض إنشاء توسعات وتحصينات في القصر ومازالت أعمال البناء والترميم مستمرة حتى هذه اللحظة! وبرغم ان القصر الجمهوري يقع في قلب المنطقة الخضراء إلا انه يتعرض يوميا الى قصف من قبل المقاومة العراقية الأمر الذي دفع سلطات الاحتلال الى إنشاء المزيد من التحكيمات في القصر وحوله تحسبا للتطورات التي قد تشهدها الساحة العراقية بعد تسليم السلطة وتحويل القصر الى سفارة.
يذكر ان أربعة رؤساء عراقيين تعاقبوا على القصر الجمهوري وهم عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف واحمد حسن البكر وصدام حسين.
ويبلغ عمر القصر الجمهوري 45 عاما حيث وضع الملك فيصل الثاني حجر الأساس له ليكون مقرا للبلاط الملكي عام 1957 ثم افتتحه عبد الكريم قاسم بعد ثورة 14يوليو 1958م.
وتبلغ المساحة الكلية للقصر الجمهوري 3000 متر مربع لكن صدام حسين قد ضم أليه مساحات واسعة لتكون جزءا من ملحقات القصر حتى شمل رقعة كبيرة جدا من منطقة كرادة مريم حيث ضم مباني حكومية مهمة الى جانب دار نوري السعيد وعدد من سفارات الدول العربية والأجنبية العاملة في العراق.
وتشير الكتب التي تناولت تاريخ العراق الحديث ان المسز بل سكرتيرة المندوب السامي البريطاني كانت كثيرة التردد على هذه المنطقة التي سميت ب(الكاورية) لأن النهر فيها يتبع مسارا منحنيا في زاوية منفرجة تشبه (الكاوية) التي يرتديها الأطفال فوق رؤوسهم وقد اختارت المسز بل المنطقة لتكون مقرا للبلاط الملكي لكن فكرتها لم تر النور إلا في نهاية الخمسينيات.
يذكر ان غازي الياور وهو الرئيس العراقي السادس في العهد الجمهوري مازال مجهول الإقامة بالنسبة للعراقيين حيث لا يعرف أحد من العراقيين المقر الرسمي لرئيس الجمهورية الجديد وهي سابقة لم تعرفها دول العالم من قبل.
|